في حين يرزح لبنان تحت ضغط اقتصادي ومعيشي هائل يدفع بالبلاد إلى حافة انفجار اجتماعي في ظل جمود سياسي وخلاف حول تناتش الحصص في الدولة، برزت أمس فضيحة أمنية بطلها جهاز أمن الدولة وضحيتها موقوف من الجنسية السورية توفي في أحد مراكز أمن الدولة في لبنان، ما اثار ردود أفعال مستنكرة أعادت الى الواجهة ملف التعذيب في السجون ومراكز التوقيف، وسط اتهامات بتعرض السجين للتعذيب أثناء التحقيق معه.وتداول نشطاء سوريون ولبنانيون صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر جثة االسوري بشار عبد السعود ويبدو عليها آثار تعذيب وحروق وكدمات وجلد، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الحادثة.وكان جهاز أمن الدولة قد أعلن في 29 اغسطس عن اعتقال خليّة تنتمي إلى تنظيم داعش «سبق لها أن قاتلت في سوريا، وانتقلت إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، وأقامت في بنت جبيل جنوبي لبنان». وبعد يومين، أُعلن عن وفاة الموقوف السوري بشار عبد السعود، إثر نوبة قلبية استدعت نقله إلى المستشفى، حيث توفي. غير ان مصادر اعلامية كشفت تفاصيل عملية تعذيب أقدم عليها ضابط ومجموعة من عناصر مكتب جهاز أمن الدولة، كانت السبب الرئيسي في وفاة الموقوف السوري.وتحدثت المصادر عن آثار ضرب وحشي وجَلْد: «لم يُترك مكان في الجثة من دون جروح وكدمات»، وان ما تم تسريبه عن «إنجاز أمني حقّقه جهاز أمن الدولة بتوقيفه خلية لتنظيم داعش وعن محاولة الضحية الذي اطلق عليه لقب قيادي في داعش حاول مهاجمة المحقق وهو تحت تأثير المخدرات، ليست الا محاولات للتستر على عملية التعذيب».وأفادت صحيفة «الأخبار» المقربة من حزب الله بأن «صراخ الموقوف أثناء تعذيبه وجلده بنبريش، كان يُسمع في أرجاء سراي تبنين، حيث كان يجري التحقيق معه».واثر الكشف عن هذه الحادثة، توجه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، إلى مدينة بنت جبيل، حيث عاين جثة الضحية وأجرى تحقيقاته بالواقعة، معطياً إشارة بتوقيف عدد من الضباط والعناصر الذين تولوا التحقيق مع «الشبكة الإرهابية».وفي السياق، أوضح مصدر في جهاز أمن الدولة أن التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات الحادثة، إذ تبين حتى الساعة أن الموقوف الذي توفي والموقوفين الآخرين ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابي وستعمد المديرية، بعد أخذ إشارة القضاء، إلى نشر اعترافاتهم الموثقة والتي تتناول تفاصيل أمنية دقيقة حول انتمائهم إلى التنظيم وحول المهام الموكلة إليهم من قبله في لبنان. وأكد المصدر أن المديرية ستتخذ، عند انتهاء التحقيق، أقصى العقوبات بحق المذنبين لأن هذا الفعل لا يشبه المديرية العامة لأمن الدولة في شيء.ودان إعلاميون ومغردون عبر مواقع التواصل، تعذيب عبد السعود حتى الموت، مطالبين بضرورة التدخل لمنع التغول الأمني ضد الموقوفين، وانتهاك حقوقهم، وتعريضهم لأصناف شتى من التعذيب.ليست المرة الأولىوليست هذه المرة الأولى التي توضع فيها أجهزة أمنية لبنانية في دائرة الشبهات. سبق ان توفي عدد من الموقوفين تحت التعذيب خلال التحقيق معهم، ومنهم حسان الضيقة الذي مات تحت التعذيب لدى فرع المعلومات. كذلك سبق أن انتشرت فيديوهات للقوة الضاربة في قوى الأمن الداخلي، عن تعذيب سجناء وموقوفين اسلاميين في سجن رومية اثارت توترا كبيرا حينها.وتعرض عدد من الموقوفين خلال التظاهرات عامي 2019 و2020 للتعذيب لدى مخابرات الجيش.ويقول احد المحامين لـ القبس ان التعذيب «اشكال ألوان»، كاشفا ان التحقيقات تبدأ أحيانا بإطفاء السجائر في اجساد الموقوفين وبالصعق الكهربائي.الأزمات مستمرة.. والإضرابات تتوسعوإلى الفضيحة الأمنية، لا تزال الأزمة السياسية على حالها، ويعود ملف تأليف الحكومة الى دائرة المراوحة فيما تظل صورة الاستحقاق الرئاسي ضبابية، وسط ترقب لما سيحمله الوسيط الأميركي إلى بيروت في ملف ترسيم الحدود في ظل ملامح تصعيد أمني صهيوني على الحدود الشمالية مع لبنان.في حين يتمادى الانهيار الاقتصادي مع ارتفاع سعر الدولار وتعدد منصاته ما انعكس تفلتا في أسعار المحروقات واشتداد العتمة نتيجة زيادة ساعات تقنين المولدات، وانقطاع شبكة الانترنت بفعل الاعطال وشح مادة المازوت، واضرابات موظفي القطاع العام، ومنهم موظفو شركة أوجيرو ما أدى إلى تعطيل أكثر من 4 سنترالات أساسية في بيروت تحتاج إلى الكهرباء والصيانة وتخدم أكثر من 100 ألف مشترك.وقد أعلن قضاة لبنان أمس في بيان أن «الاعتكاف القسري الذي أكرهوا عليه يضرهم بالدرجة الأولى»، لافتين الى انهم لم يتقاضوا خلال شهر اغسطس اي مبلغ سوى الراتب الوهمي الذي باتت قيمته تتراوح ما بين 95 دولارا و235 دولارا. وطالب القضاة بصدور قانون السلطة القضائية المستقلة الحقيقي. مؤكدين أنهم لن يتراجعوا هذه المرة عن مطلبهم الآني، مؤكدين انهم مستعدون لتعليق اعتكافهم لشهرين اذا ما دفع الراتب على سعر صيرفة.«قوى التغيير».. مبادرة رئاسية وتلويح بوسائل ضغط شعبيةرئاسيا، رسم كل فريق مواصفات مرشحه من دون الدخول في اسماء بانتظار الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس لا يبدو انها ستحصل في الشهر الحالي. ومع انطلاق المهلة الدستورية، أطلق نواب التغيير مبادرة حددوا فيها مواصفات مرشحهم لرئاسة الجمهورية والتي تلاقي التحولات التي حصلت بعد انتفاضة اكتوبر. واكدوا مقاربتهم التي خلت من الاسماء واستعدادهم لعقد سلسلة من المشاروات لعرض المبادرة على الاحزاب والقوى كافة، سعياً لإيصال مرشح يتوافق مع المعايير الموضوعة للرئاسة، محذرين في المقابل من أنّه في حال تجاوز المجلس النيابي المهلة الدستورية من دون انتخاب رئيس جديد تتوافر فيه الصفات المحددة فإنّ التكتل سيلجأ إلى وسائل الضغط الشعبية المتاحة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90