أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، رفع قيود تفرضها منذ سنوات على صادرات قبرص الدفاعية، في قرار مشروط بمنع السفن الحربية الروسية من دخول موانئ الجزيرة، فيما قالت تركيا إنها "تندد بشدة" بالقرار وطالبت بإعادة النظر فيه باعتباره "يؤدي إلى سباق تسلح".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الجمعة في بيان، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أبلغ الكونجرس أن قبرص "استوفت الشروط اللازمة بموجب التشريعات ذات الصلة للسماح لها باستئناف الصادرات وإعادة التصدير ونقل المواد الدفاعية".
وجاء في البيان أن بلينكن أمر برفع تلك القيود للسنة المالية 2023 وذلك اعتباراًَ من أول أكتوبر المقبل، لافتاً إلى أنه سيتم تقييم امتثال قبرص للشروط الأميركية ذات الصلة على أساس سنوي.
وحددت واشنطن شرطين أساسيين يجب على قبرص احترامهما، الأول هو مواصلة التعاون مع الحكومة الأميركية في جهود تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بلوائح مكافحة غسل الأموال والرقابة التنظيمية المالية.
ويتمثل الشرط الثاني، بحسب البيان، في "مواصلة اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع السفن الحربية الروسية من دخول الموانئ (القبرصية) للتزود بالوقود أو الحصول على خدمات الصيانة".
وتربط قبرص علاقات وثيقة مع روسيا وتُعرف منذ فترة طويلة باسم "موسكو على البحر المتوسط"، نتيجة شعبيتها لدى الروس، غير أن العلاقات بين البلدين دخلت في جمود عقب مشاركة قبرص في تطبيق العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، بعد غزوها لأوكرانيا.
"سباق تسلح"
في المقابل، قالت وزارة الخارجية التركية، السبت، إنها تندد بشدة بتوسيع نطاق قرار رفع حظر الأسلحة المفروض على قبرص، معتبرة أن القرار "سيزيد من تعنت الجانب اليوناني من قبرص، ويؤثر سلباً على جهود إعادة تسوية القضية القبرصية".
وذكر البيان: "سيؤدي القرار إلى سباق تسلح في الجزيرة، ويضر بالسلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط"، داعياً الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها واتباع سياسة متوازنة تجاه الجانبين في قبرص.
خفض تدريجي للعقوبات
وقبرص مقسّمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضم الجزيرة إلى اليونان.
وكانت الولايات المتحدة فرضت حظراً على واردات وصادر قبرص الدفاعية عام 1987، لتشجيع جهود إعادة توحيد الجزيرة المنقسمة وتجنب سباق للتسلح هناك.
وفي 2020 أعلنت الولايات المتحدة رفعاً جزئياً للقيود المفروضة على قبرص، وسمحت لها باستئناف توريد الأسلحة "غير الفتاكة"، مع الإبقاء على قيود أخرى ضمنها تصدير وإعادة تصدير الأسلحة.
ونمت علاقات الولايات المتحدة مع قبرص بشكل كبير خلال العقد الماضي. وفي 2021، رفضت واشنطن مقترح تركيا، حليفها في الناتو، لحل قائم على دولتين في الجزيرة، فيما اعتُبر موقفاً داعماً لقبرص في النزاع.
العلاقات مع روسيا
وحاولت قبرص الحفاظ على شكل من أشكال الحياد في الصراع بين الغرب والولايات المتحدة، ولذا فإنها كانت تسمح للسفن الحربية الروسية بإعادة الإمداد في موانئها، إلا أنه تم تعليق هذا الامتياز بعد بدء الحرب في أوكرانيا.
وكانت قبرص أبرمت في 2015 اتفاقاً مع روسيا يسمح لسفن البحرية الروسية العسكرية بالدخول إلى موانئ قبرصية.
وقللت قبرص، التي تعتمد كثيراً على الاستثمارات الروسية فيها، من أهمية الاتفاقية آنذاك، قائلة إن السفن الروسية كانت دائماً تحظى بحق دخول موانئها. غير أنها أوقفت العمل بالاتفاق منذ مارس الماضي، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولدى قبرص بعض من أوثق العلاقات السياسية مع روسيا، أكثر من أيّ دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، لكنها تحاول الحفاظ على وحدة التكتل الأوروبي إزاء موسكو، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن مكاريوس دروسيوتيس، وهو كاتب وصحافي استقصائي في الجزيرة، القول إن "روسيا تغلغلت في كل مجالات الحياة السياسية، والنشاط الاقتصادي، ووسائل الإعلام وكنيسة" قبرص، منذ نيلها الاستقلال في ستينات القرن العشرين.
وشكّلت معدلات الضرائب المنخفضة، والقواعد المرنة، وعضوية الاتحاد الأوروبي، عوامل جذب للمستثمرين الروس إلى الجزيرة، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي عام 2012، قبل سنة من أزمتها المالية التي أرغمتها على السعي إلى خطة إنقاذ دولية، بلغت الودائع المصرفية التي احتفظ بها سكان من خارج منطقة اليورو 21.9 مليار يورو، بحسب بيانات المصرف المركزي القبرصي.
وتقلصت هذه الودائع بشكل كبير، لكنها لا تزال تبلغ 6.4 مليار يورو في نهاية فبراير الماضي عقب غزو أوكرانيا.
وقالت فيونا مولين مديرة شركة "سابينتا إيكونوميكس"، وهي شركة استشارية تتخذ نيقوسيا مقراً: "بناءً على ما أفادت به المصارف، تشكّل الأموال الروسية 80% من هذا المبلغ".
وتُعدّ قبرص من دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تضرراً من العقوبات المفروضة على موسكو. ويشكّل الروس أكثر من 20% من الزوار الذين تستقبلهم سنوياً.
وكان يُتوقع أن تستفيد السياحة القبرصية هذا العام من رحلات جوية مباشرة من المدن الروسية، بحسب "فايننشال تايمز".
{{ article.visit_count }}
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الجمعة في بيان، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أبلغ الكونجرس أن قبرص "استوفت الشروط اللازمة بموجب التشريعات ذات الصلة للسماح لها باستئناف الصادرات وإعادة التصدير ونقل المواد الدفاعية".
وجاء في البيان أن بلينكن أمر برفع تلك القيود للسنة المالية 2023 وذلك اعتباراًَ من أول أكتوبر المقبل، لافتاً إلى أنه سيتم تقييم امتثال قبرص للشروط الأميركية ذات الصلة على أساس سنوي.
وحددت واشنطن شرطين أساسيين يجب على قبرص احترامهما، الأول هو مواصلة التعاون مع الحكومة الأميركية في جهود تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بلوائح مكافحة غسل الأموال والرقابة التنظيمية المالية.
ويتمثل الشرط الثاني، بحسب البيان، في "مواصلة اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع السفن الحربية الروسية من دخول الموانئ (القبرصية) للتزود بالوقود أو الحصول على خدمات الصيانة".
وتربط قبرص علاقات وثيقة مع روسيا وتُعرف منذ فترة طويلة باسم "موسكو على البحر المتوسط"، نتيجة شعبيتها لدى الروس، غير أن العلاقات بين البلدين دخلت في جمود عقب مشاركة قبرص في تطبيق العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، بعد غزوها لأوكرانيا.
"سباق تسلح"
في المقابل، قالت وزارة الخارجية التركية، السبت، إنها تندد بشدة بتوسيع نطاق قرار رفع حظر الأسلحة المفروض على قبرص، معتبرة أن القرار "سيزيد من تعنت الجانب اليوناني من قبرص، ويؤثر سلباً على جهود إعادة تسوية القضية القبرصية".
وذكر البيان: "سيؤدي القرار إلى سباق تسلح في الجزيرة، ويضر بالسلام والاستقرار في شرق البحر المتوسط"، داعياً الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها واتباع سياسة متوازنة تجاه الجانبين في قبرص.
خفض تدريجي للعقوبات
وقبرص مقسّمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضم الجزيرة إلى اليونان.
وكانت الولايات المتحدة فرضت حظراً على واردات وصادر قبرص الدفاعية عام 1987، لتشجيع جهود إعادة توحيد الجزيرة المنقسمة وتجنب سباق للتسلح هناك.
وفي 2020 أعلنت الولايات المتحدة رفعاً جزئياً للقيود المفروضة على قبرص، وسمحت لها باستئناف توريد الأسلحة "غير الفتاكة"، مع الإبقاء على قيود أخرى ضمنها تصدير وإعادة تصدير الأسلحة.
ونمت علاقات الولايات المتحدة مع قبرص بشكل كبير خلال العقد الماضي. وفي 2021، رفضت واشنطن مقترح تركيا، حليفها في الناتو، لحل قائم على دولتين في الجزيرة، فيما اعتُبر موقفاً داعماً لقبرص في النزاع.
العلاقات مع روسيا
وحاولت قبرص الحفاظ على شكل من أشكال الحياد في الصراع بين الغرب والولايات المتحدة، ولذا فإنها كانت تسمح للسفن الحربية الروسية بإعادة الإمداد في موانئها، إلا أنه تم تعليق هذا الامتياز بعد بدء الحرب في أوكرانيا.
وكانت قبرص أبرمت في 2015 اتفاقاً مع روسيا يسمح لسفن البحرية الروسية العسكرية بالدخول إلى موانئ قبرصية.
وقللت قبرص، التي تعتمد كثيراً على الاستثمارات الروسية فيها، من أهمية الاتفاقية آنذاك، قائلة إن السفن الروسية كانت دائماً تحظى بحق دخول موانئها. غير أنها أوقفت العمل بالاتفاق منذ مارس الماضي، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولدى قبرص بعض من أوثق العلاقات السياسية مع روسيا، أكثر من أيّ دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، لكنها تحاول الحفاظ على وحدة التكتل الأوروبي إزاء موسكو، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن مكاريوس دروسيوتيس، وهو كاتب وصحافي استقصائي في الجزيرة، القول إن "روسيا تغلغلت في كل مجالات الحياة السياسية، والنشاط الاقتصادي، ووسائل الإعلام وكنيسة" قبرص، منذ نيلها الاستقلال في ستينات القرن العشرين.
وشكّلت معدلات الضرائب المنخفضة، والقواعد المرنة، وعضوية الاتحاد الأوروبي، عوامل جذب للمستثمرين الروس إلى الجزيرة، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي عام 2012، قبل سنة من أزمتها المالية التي أرغمتها على السعي إلى خطة إنقاذ دولية، بلغت الودائع المصرفية التي احتفظ بها سكان من خارج منطقة اليورو 21.9 مليار يورو، بحسب بيانات المصرف المركزي القبرصي.
وتقلصت هذه الودائع بشكل كبير، لكنها لا تزال تبلغ 6.4 مليار يورو في نهاية فبراير الماضي عقب غزو أوكرانيا.
وقالت فيونا مولين مديرة شركة "سابينتا إيكونوميكس"، وهي شركة استشارية تتخذ نيقوسيا مقراً: "بناءً على ما أفادت به المصارف، تشكّل الأموال الروسية 80% من هذا المبلغ".
وتُعدّ قبرص من دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تضرراً من العقوبات المفروضة على موسكو. ويشكّل الروس أكثر من 20% من الزوار الذين تستقبلهم سنوياً.
وكان يُتوقع أن تستفيد السياحة القبرصية هذا العام من رحلات جوية مباشرة من المدن الروسية، بحسب "فايننشال تايمز".