أ ف ب + رويترز
ينضم زعماء العالم إلى العائلة المالكة، والنخبة السياسية وقادة الجيش والقضاء والمنظمات الخيرية في بريطانيا، للمشاركة في الجنازة الرسمية للملكة الراحلة إليزابيث الثانية المقررة، الاثنين، وسط استعدادات أمنية غير مسبوقة، فيما أُعلن التزام الصمت لمدة دقيقة في بريطانيا عند الساعة 20:00 (19:00 بتوقيت جرينتش) تكريماً لـ"حياة وإرث" الملكة.

وتنتهي الفترة المخصصة للمشيعين الراغبين في وداع الملكة الملفوف نعشها بالعلم البريطاني والمسجّى في قاعة وستمنستر في البرلمان عند الساعة 6:30 (5:30 بتوقيت جرينتش) من صباح الاثنين.

ويتوافد العشرات من قادة الدول إلى بريطانيا التي تنظّم شرطتها أكبر عملياتها الأمنية لمواكبة ترتيبات الجنازة التاريخية للملكة الأطول عهداً في تاريخها.

يُذكر أنه قد تم إرسال الدعوات إلى قادة العالم والسياسيين والشخصيات العامة وأفراد العائلات المالكة الأوروبية، بالإضافة إلى أكثر من 500 شخصية دولية.

وفي حين سيحضر قادة الاتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى، لم توجّه أي دعوة لقادة روسيا وأفغانستان وبورما وسوريا وكوريا الشمالية.

ومر آلاف المعزين أمام جثمان الملكة الراحلة، فيما يستمر للساعات الأربع والعشرين الأخيرة تقاطر المشيعين لوداعها.

وبعد التحية الوداعية في قاعة وستمنستر بالبرلمان البريطاني، من المقرر أن يستقبل الملك تشارلز الثالث، الرئيس الاميركي جو بايدن، والإمبراطور الياباني ناروهيتو، وغيرهما من قادة العالم.

بايدن يلقي نظرة الوداع

وألقى الرئيس الأميركي جو بايدن نظرة الوداع على نعش الملكة، الأحد، إذ ظهر في شرفة بقاعة وستمنستر، رفقة زوجته جيل والسفيرة الأميركية لدى بريطانيا جين هارتلي.

وقال بايدن الذي وصل مساء السبت إلى بريطانيا، إن الملكة الراحلة التي اعتلت العرش لفترة قياسية بلغت 70 عاماً "جسّدت حقبة".

الرئيس الأميركي جو بايدن وزوجته جيل والسفيرة الأميركية يلقون نظرة الوداع على نعش الملكة إليزابيث بقاعة وستمنستر في لندن- 18 سبتمبر 2022 - REUTERS

وفي تصريح لشبكة "سكاي نيوز أستراليا" قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز المناهض للملكية، الذي ألقى، السبت، النظرة الأخيرة على نعش الملكة، إن إليزابيث الثانية كان "حضورها الدائم يبعث على الاطمئنان".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعد توقيع سجل العزاء، أنّ الملكة إليزابيث الثانية "عملت طوال حياتها وتحمّلت وزر واجباتها بلباقة لا تضاهى".

رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن ألقت أيضاً نظرة الوداع على الملكة في قصر باكنجهام، لكن في مؤشر على التحديات التي تواجه الملك الجديد، قالت أرديرن إنها تتوقع أن تتخلى نيوزيلندا عن التبعية للملكية البريطانية مستقبلاً.

وبدأت الحشود تتجمع في محيط كنيسة وستمنستر، حيث ستقام الجنازة الرسمية للملكة التي من المتوقع أن تشل لندن وأن يتابعها الملايين حول العالم.

وينتظم الراغبون بوداع الملكة في طوابير بطول كيلومترات على ضفاف نهر التيمز مع فترات انتظار تتخطى 13 ساعة.

وأُوقف رجل خرج، الجمعة، من الطابور وتجاوز مشيّعين ينتظرون دورهم لوداع الملكة، ووجهت إليه تهمة مخالفة النظام العام، وفق ما أعلنت الشرطة ليل السبت.

وقفة وداعية

ومع استمرار وداع المشيعين للملكة، شارك أحفادها الثمانية على رأسهم الأميران وليام وهاري في وقفة وداعية حول النعش استمرت 12 دقيقة.

وهاري الذي شارك في دورتين مع الجيش البريطاني في أفغانستان، ارتدى الزي الرسمي لوحدة الفرسان التي خدم في صفوفها.

ويبدو أن مشاركة هاري جاءت بعد عرض مصالحة قدّمه تشارلز لنجله الأصغر بعدما اتّهم وزوجته ميجان العائلة المالكة بالعنصرية.

وهاري (38 عاماً) لم يعد يضطلع بأي دور ضمن العائلة الملكية وقد جُرّد من ألقابه العسكرية الفخرية. والوقفة الوداعية هي المرة الأخيرة التي يظهر فيها في مناسبة ملكية مرتدياً الزي العسكري الرسمي.

وكان الملك تشارلز ونجله الأكبر وليام، الوريث الجديد للعرش، قد تفقدا المشيعين المنتظمين في طوابير على ضفاف نهر التيمز، في جولة لمصافحتهم وتوجيه الشكر لهم.

إشادات ملكية

وأشاد الابن الثاني للملكة الأمير أندرو، الأحد، بـ"معرفتها وحكمتها اللانهائية"، علماً أنه يواجه فضيحة على خلفية صلاته بالملياردير الأميركي جيفري إبستين الذي أدين باعتدائه على القصر.

وأشادت كاميلا، عقيلة الملك تشارلز الثالث، بإليزابيث الثانية، وقالت "كانت لديها عينان زرقاوان رائعتان، وعندما تبتسم تُضيئان وجهها بالكامل".

وتابعت "كانت جزءاً من حياتنا منذ أمد طويل. أبلغ حالياً 75 عاماً، ولا يسعني أن أتذكر أحداً ذا حضور غير الملكة".

وأضافت: "لا بُدّ أنّه كان من الصعب جداً بالنسبة إليها أن تكون امرأة منفردة. لم تكن هناك نساءٌ رئيسات وزراء أو رئيسات. كانت هي الوحيدة، لذلك أعتقد أنها أدت دورها الخاص".

تفاصيل الجنازة

ومراسم الجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية هي الأولى التي تنظّم في بريطانيا منذ وفاة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل في عام 1965. واستدعي أكثر من 2000 شرطي من مختلف أنحاء البلاد لمؤازرة شرطة لندن.

بعد الجنازة، سينقل نعش الملكة إليزابيث الثانية إلى كنيسة سانت جورج في قصر ويندسور في غرب لندن، حيث ستدفن في مراسم عائلية إلى جانب والدها الملك جورج السادس ووالدتها وزوجها فيليب.

وستمنستر

تنتهي فترة بقاء الملكة في قاعة وستمنستر في الساعة 6:30 صباحاً (05:30 بتوقيت جرينتش) يوم الاثنين.

بعد الساعة 10:35 صباحاً بقليل، ستقوم مجموعة برفع النعش ونقله إلى "عربة المدفع الرسمية" التابعة للبحرية الملكية.

وعربة المدفع الرسمية هي عربة مدفع ميدانية سبق استخدامها في جنازات الملكة فيكتوريا، والملك إدوارد السابع، والملك جورج الخامس، والملك جورج السادس، وونستون تشرشل، واللورد لويس مونتباتن.

سيعمد 142 فرداً من البحرية الملكية إلى سحب عربة المدفع التي ستنطلق عند الساعة 10:44 صباحاً.

سيصطف على جانبي الطريق عناصر من البحرية الملكية ومشاة البحرية الملكية. وسيمر الموكب بساحة البرلمان حيث سيشكل أفراد من البحرية والجيش والقوات الجوية حرس الشرف، ترافقهم فرقة من مشاة البحرية الملكية.

سيسير الملك تشارلز وأفراد العائلة المالكة خلف النعش إلى أن يصل الموكب إلى البوابة الغربية لكنيسة وستمنستر في الساعة 10:52 صباحاً بتوقيت لندن (9:52 بتوقيت جرينتش).

سيجتمع قيادة الدول وممثلو الحكومات في الخارج، ومنها العائلات الملكية الأجنبية، والحكام العامون ورؤساء وزراء الدول والمناطق المنضوية تحت التاج البريطاني في المستشفى الملكي في تشيلسي ويتوجهون معاً إلى الكنيسة.

المراسم ستقام بمشاركة ممثلين عن الدول والمناطق التي يرأسها ملك بريطانيا، والكومنولث، والبرلمان، والبرلمانات المفوضة، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات، بالإضافة إلى سلطات القانون وخدمات الطوارئ.

ستبدأ الجنازة الرسمية الساعة 11:00 صباحاً (10:00 بتوقيت جرينتش)، بقيادة رئيس فرع كنيسة وستمنستر. وستقوم رئيسة الوزراء ليز ترَس والأمين العام للكومنولث بإلقاء كلمة.

العظة سيلقيها رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، بينما سيقوم كبير الكهنة بإعلان البركة.

القداس سينتهي عند الساعة 11:55 صباحاً تقريباً، تتبعه دقيقتا صمت في الكنيسة وفي جميع أنحاء المملكة المتحدة. وستتجنب الطائرات التحليق فوق وسط لندن.

الجنازة الرسمية ستنتهي عند الثانية عشر ظهراً بعزف النشيد الوطني وعزف جنائزي.

الانتقال إلى قوس ولنجتون

حاملو النعش سيعيدونه إلى عربة المدفع، وستسير خلفها العائلة المالكة.

في الساعة 12:15 ظهراً، سينطلق موكب يضم الملك وبعض أفراد العائلة المالكة إلى قوس ولنجتون في هايد بارك كورنر. وستتبعهم عقيلة الملك كاميلا وزوجات وليام وهاري والأمير إدوارد، كيت وميجان وصوفي بالسيارة.

سيصل الموكب في الواحدة ظهراً إلى قوس ولنجتون، حيث سيُوضع النعش على عربة للانتقال إلى وندسور.

العائلة المالكة ستتوجه إلى وندسور بالسيارة.

الدفن في وندسور

في تمام الساعة 3:10 مساءً، سيبدأ موكب في وندسور، ينضم إليه الملك وأعضاء آخرون من العائلة المالكة في الساعة 03:40 من بعد الظهر.

سيتوقف الموكب أسفل الدرج الغربي لكنيسة القديس جورج الساعة 03:53 مساء.

سيبدأ قداس الوداع الأخير الساعة 4:00 مساء، يقوده رجال الدين في الكنائس القريبة من مقارها المختلفة. وسيكون من بين المصلين طاقم الملكة الشخصي بالإضافة إلى الحكام وقادة الدول الخاضعة للتاج البريطاني.

وقبل الترنيمة الأخيرة، ستتم إزالة تاج الإمبراطورية والكرة والصولجان من النعش ووضعها على المذبح.

سيبارك رئيس أساقفة كانتربري، ويتلو ترنيمة "حفظ الله الملك".

عند الساعة 7:30 مساءً ستحضر الأسرة مراسم دفن خاصة. ومن المقرر دفن الملكة مع زوجها الأمير فيليب في كنيسة الملك جورج السادس التذكارية.

تحديات أمنية

في غضون ذلك، يستعد مسؤولون وقادة شرطة، لمواجهة ما يوصف بأنه "كابوس أمني" خلال جنازة الملكة، إذ يوازنون بين الحاجة إلى حماية كبار قادة العالم وكبار الشخصيات مع رغبة الجمهور في الحداد على ملكتهم.

وبدأت أقسام الشرطة الثلاثة التي تعمل في العاصمة البريطانية، وهي شرطة العاصمة وشرطة مدينة لندن، وشرطة النقل البريطانية، خططها المدروسة جيداً في جميع أنحاء لندن بمجرد الإعلان عن وفاة إليزابيث الثانية في 8 سبتمبر.

عمدة لندن، صادق خان اعتبر أنّ جنازة الملكة تمثل تحدياً أمنياً "غير مسبوق"، حيث يحتشد مئات الآلاف من الأشخاص وسط لندن إلى جانب قائمة ضيوف تضم 500 من الأباطرة والملوك والملكات والرؤساء ورؤساء الوزراء وغيرهم من القادة من جميع أنحاء العالم.

وقال خان في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس": "لقد مرت عقود منذ أن اجتمع هذا العدد الكبير من قادة العالم في مكان واحد. هذا أمر غير مسبوق.. فيما يتعلق بالأمور المختلفة التي نقوم بها".

وأضاف محذراً: "ربما يكون هناك أشخاصاً أشرار يريدون إلحاق الضرر بالأفراد أو بعض قادة عالمنا. لذلك نحن نعمل بكل جهد، الشرطة وأجهزة الأمن وكثير من الآخرين، للتأكد من أن هذه الجنازة الرسمية ستكون ناجحة قدر الإمكان".

وفي مقابلة مع "سكاي نيوز" هذا الأسبوع، قال صادق خان: "إذا فكرت في (حجم) ماراثون لندن والكرنفال وحفلات الزفاف الملكية السابقة والألعاب الأولمبية.. جميعها في حدث واحد".

من جانبه، قال نائب مساعد مفوض شرطة العاصمة ستيوارت كوندي إن عملية حفظ الأمن "المعقدة للغاية" هي الأكبر في تاريخ شرطة لندن، متجاوزة أولمبياد لندن عام 2012.

وتواجه السلطات تحدياً رئيسيا يتمثل في الحفاظ على سلامة 500 من قادة العالم، حيث سيجتمع الرؤساء، ورؤساء الوزراء، وأفراد العائلة المالكة خارج الموقع قبل نقلهم بالحافلات إلى الكنيسة، على الرغم من وجود استثناء للرئيس الأميركي، الذي من المتوقع أن يصل في سيارته الليموزين المصفحة، المعروفة باسم "الوحش".

أما التحدي الآخر، فهو الحجم الهائل للحشود التي من المتوقع أن تتجمع حول كنيسة وستمنستر وعلى طول الطريق الذي سيتحرك فيه النعش بعد الجنازة مروراً بقصر باكنجهام إلى حديقة هايد بارك بلندن، ومن هناك سينقل بسيارة نقل الموتى لمسافة 32 كيلومتراً إلى قلعة وندسور، حيث سيتواجد 2000 ضابط شرطة.

استعدادات "غير مسبوقة"

وسيشارك أكثر من 10 آلاف ضابط شرطة في المراسم، الاثنين، مع دعم شرطة لندن بتعزيزات من جميع قوات الشرطة البريطانية البالغ عددها 43 قوة، كما سيعمل المئات من المتطوعين وأفراد القوات المسلحة كحراس على طول طريق الموكب.

كما يجري تفتيش مصارف الشوارع وصناديق القمامة وإغلاقها، وسيتواجد، مراقبون للشرطة على أسطح المنازل وكلاب بوليسية في الشوارع، وضباط من مشاة البحرية على نهر التيمز، وشرطة على ظهور الخيل.

وحظرت السلطات تحليق الطائرات المسيرة فوق وسط لندن بشكل مؤقت، وسيوقف مطار هيثرو عشرات الرحلات الجوية حتى لا تزعج ضوضاء الطائرات مراسم الجنازة.