الحرب والجفاف و"كورونا" فاقموا أزمة انعدام الأمن الغذائي
123 مليون شخص على الأقل لا يستطيعون تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية
تبرز كارثة إنسانية على السطح في منطقة القرن الأفريقي، التي تشهد أسوأ موجة جفاف لها منذ 4 عقود على الأقل، مع معاناة أكثر من 20 مليون شخص في الصومال وإثيوبيا وكينيا للعثور على ما يكفيهم من الطعام، كما فر أكثر من مليون شخص من مواطنهم، وفقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة.
في ظل توقُّع علماء الأرصاد الجوية وجود تهديد من تراجع مستوى الأمطار للموسم الخامس على التوالي، إضافة إلى عجز تدفقات المساعدات عن تلبية كافة الاحتياجات؛ فإنَّ المنطقة معرضة لخطر الجوع الذي قد يعادل -أو يفوق- المجاعة التي شهدتها إثيوبيا في الثمانينيات، وأودت بحياة قرابة مليون شخص.
1- ما مدى خطورة الوضع؟
ينتشر سوء التغذية على نطاق واسع بالفعل، خصوصاً بين الأطفال الذين يحتاج الملايين منهم للعلاج. لقد ماتت الملايين من رؤوس الماشية، ودُمرت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتمزقت المجتمعات الريفية مع هجرة العائلات بحثاً عن قوت يومهم وطعامهم. لا يستطيع العديد من الآباء تحمّل تكاليف استمرار أطفالهم في التعليم، كما ارتفعت معدلات التسرب من المدرسة، وهناك تقارير تفيد بتزويج فتيات لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات مقابل دفع المهور، أو من أجل تخفيف الضغط الاقتصادي على الأسر. قال مارتن غريفيث، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، إنَّه شاهد أطفالاً يتضورون جوعاً كانوا أضعف من قدرتهم على البكاء عندما زار الصومال في سبتمبر الجاري.
تتوقَّع الأمم المتحدة إعلان تصنيف "المجاعة" رسمياً في أجزاء من الصومال خلال الربع الأخير من 2022. هذه الفئة مخصصة للمناطق التي يواجه فيها ما لا يقل عن 20% من الأسر نقصاً حاداً في الغذاء، ويعاني 30% من أطفالها على الأقل من سوء التغذية الحاد، ويلقى شخصان على الأقل مصرعهم من كل 10 آلاف شخص يومياً نتيجة للمجاعة أو بسبب الجوع والمرض معاً.
2- ما الأسباب الكامنة وراء هذه المجاعة؟
أدى التغير المناخي إلى أحوال طقس متطرفة، وكانت الدول في أنحاء متفرقة من أفريقيا تكافح بشكل متزايد في ظل الجفاف والفيضانات المفاجئة. فاقم وباء كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا أوجاع القارة، مما جعل الحصول على إمدادات الغذاء والوقود والأسمدة أكثر تكلفة وصعوبة. تراجعت أسعار الغذاء منذ ذلك الحين، لكنَّ الإغاثة لم تشق طريقها بعد إلى معظم المستهلكين. وبرغم أنَّ أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة ومناطق أخرى تعاني أيضاً من حالات جفاف شديدة، لكنَّها مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع تداعيات هذا الجفاف مقارنة بالدول الأفريقية التي تعاني من ضائقة مالية.
3- هل هناك عوامل أخرى مساهمة؟
التهم الجراد -الذي ينتشر في الطقس الحار والجاف- المحاصيل في أجزاء كبيرة من شرق أفريقيا. وقد عانت إثيوبيا والصومال أيضاً من الصراع الداخلي، الذي أدى لتعطيل الزراعة وجعل توزيع المساعدات أمراً خطيراً. وفي الصومال، تحاول حركة الشباب المتشددة الإطاحة بالحكومة منذ 2006، فضلاً عن فرض أرائها الخاصة تجاه الشريعة الإسلامية. وفي إثيوبيا، خاضت الحكومة والمتمردون من منطقة تيغراي الشمالية حرباً أهلية استمرت لأكثر من 16 شهراً قبل الاتفاق على الهدنة في مارس الماضي. اندلع القتال مجدداً خلال سبتمبر الجاري، مما أثار مخاوف من دخول الدولة مجدداً في حرب شاملة. وأجرت كينيا انتخابات رئاسية في أغسطس ربما تكون صرفت بعض الانتباه عن الجفاف.
4- ما الأطراف التي حاولت المساعدة؟
قالت الولايات المتحدة إنَّها تبرعت بأكثر من 6.6 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والغذائية لأفريقيا في الأشهر السبعة الأولى من 2022، مما يجعلها أكبر جهة مانحة منفردة. كما كان الاتحاد الأوروبي وكندا والسويد وألمانيا والمملكة المتحدة من المساهمين الرئيسيين.
قدمت حكومة كينيا دعماً للذرة والوقود، لكنَّها صرحت أنَّها لا تستطيع تحمل تكاليف استمرار هذا الدعم إلى أجل غير مسمى. وبرغم احتياج الصومال إلى 1.5 مليار دولار لمساعدة 7 ملايين شخص من المعوزين –أي حوالي 50% من السكان- حصلت على تعهدات بتقديم 70% فقط من ذلك الرقم بحلول منتصف سبتمبر، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويتفاقم العجز في إثيوبيا، مع الالتزام بمنح 40% فقط من مبلغ 3.1 مليار دولار مطلوبة لمساعدة 20 مليون شخص.
5- ماذا عن بقية القارة؟
تعاني مجموعة دول أخرى في جنوب الصحراء من أزمات جوع خاصة، بما فيها: جنوب السودان، والسودان، والنيجر، وبوركينا فاسو، ومالي. قدّر صندوق النقد الدولي في سبتمبر الجاري أنَّ 123 مليون شخص على الأقل في أنحاء متفرقة من المنطقة (ما يعادل 12% من السكان) لن يتمكّنوا من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية، بزيادة قدرها 28 مليون شخص خلال عامين فقط. شملت العوامل المساهمة الأخرى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض الدخل، والأحوال الجوية المتطرفة، وانعدام الأمن، وتعطّل سلاسل التوريد.
{{ article.visit_count }}
123 مليون شخص على الأقل لا يستطيعون تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية
تبرز كارثة إنسانية على السطح في منطقة القرن الأفريقي، التي تشهد أسوأ موجة جفاف لها منذ 4 عقود على الأقل، مع معاناة أكثر من 20 مليون شخص في الصومال وإثيوبيا وكينيا للعثور على ما يكفيهم من الطعام، كما فر أكثر من مليون شخص من مواطنهم، وفقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة.
في ظل توقُّع علماء الأرصاد الجوية وجود تهديد من تراجع مستوى الأمطار للموسم الخامس على التوالي، إضافة إلى عجز تدفقات المساعدات عن تلبية كافة الاحتياجات؛ فإنَّ المنطقة معرضة لخطر الجوع الذي قد يعادل -أو يفوق- المجاعة التي شهدتها إثيوبيا في الثمانينيات، وأودت بحياة قرابة مليون شخص.
1- ما مدى خطورة الوضع؟
ينتشر سوء التغذية على نطاق واسع بالفعل، خصوصاً بين الأطفال الذين يحتاج الملايين منهم للعلاج. لقد ماتت الملايين من رؤوس الماشية، ودُمرت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتمزقت المجتمعات الريفية مع هجرة العائلات بحثاً عن قوت يومهم وطعامهم. لا يستطيع العديد من الآباء تحمّل تكاليف استمرار أطفالهم في التعليم، كما ارتفعت معدلات التسرب من المدرسة، وهناك تقارير تفيد بتزويج فتيات لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات مقابل دفع المهور، أو من أجل تخفيف الضغط الاقتصادي على الأسر. قال مارتن غريفيث، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، إنَّه شاهد أطفالاً يتضورون جوعاً كانوا أضعف من قدرتهم على البكاء عندما زار الصومال في سبتمبر الجاري.
تتوقَّع الأمم المتحدة إعلان تصنيف "المجاعة" رسمياً في أجزاء من الصومال خلال الربع الأخير من 2022. هذه الفئة مخصصة للمناطق التي يواجه فيها ما لا يقل عن 20% من الأسر نقصاً حاداً في الغذاء، ويعاني 30% من أطفالها على الأقل من سوء التغذية الحاد، ويلقى شخصان على الأقل مصرعهم من كل 10 آلاف شخص يومياً نتيجة للمجاعة أو بسبب الجوع والمرض معاً.
2- ما الأسباب الكامنة وراء هذه المجاعة؟
أدى التغير المناخي إلى أحوال طقس متطرفة، وكانت الدول في أنحاء متفرقة من أفريقيا تكافح بشكل متزايد في ظل الجفاف والفيضانات المفاجئة. فاقم وباء كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا أوجاع القارة، مما جعل الحصول على إمدادات الغذاء والوقود والأسمدة أكثر تكلفة وصعوبة. تراجعت أسعار الغذاء منذ ذلك الحين، لكنَّ الإغاثة لم تشق طريقها بعد إلى معظم المستهلكين. وبرغم أنَّ أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة ومناطق أخرى تعاني أيضاً من حالات جفاف شديدة، لكنَّها مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع تداعيات هذا الجفاف مقارنة بالدول الأفريقية التي تعاني من ضائقة مالية.
3- هل هناك عوامل أخرى مساهمة؟
التهم الجراد -الذي ينتشر في الطقس الحار والجاف- المحاصيل في أجزاء كبيرة من شرق أفريقيا. وقد عانت إثيوبيا والصومال أيضاً من الصراع الداخلي، الذي أدى لتعطيل الزراعة وجعل توزيع المساعدات أمراً خطيراً. وفي الصومال، تحاول حركة الشباب المتشددة الإطاحة بالحكومة منذ 2006، فضلاً عن فرض أرائها الخاصة تجاه الشريعة الإسلامية. وفي إثيوبيا، خاضت الحكومة والمتمردون من منطقة تيغراي الشمالية حرباً أهلية استمرت لأكثر من 16 شهراً قبل الاتفاق على الهدنة في مارس الماضي. اندلع القتال مجدداً خلال سبتمبر الجاري، مما أثار مخاوف من دخول الدولة مجدداً في حرب شاملة. وأجرت كينيا انتخابات رئاسية في أغسطس ربما تكون صرفت بعض الانتباه عن الجفاف.
4- ما الأطراف التي حاولت المساعدة؟
قالت الولايات المتحدة إنَّها تبرعت بأكثر من 6.6 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والغذائية لأفريقيا في الأشهر السبعة الأولى من 2022، مما يجعلها أكبر جهة مانحة منفردة. كما كان الاتحاد الأوروبي وكندا والسويد وألمانيا والمملكة المتحدة من المساهمين الرئيسيين.
قدمت حكومة كينيا دعماً للذرة والوقود، لكنَّها صرحت أنَّها لا تستطيع تحمل تكاليف استمرار هذا الدعم إلى أجل غير مسمى. وبرغم احتياج الصومال إلى 1.5 مليار دولار لمساعدة 7 ملايين شخص من المعوزين –أي حوالي 50% من السكان- حصلت على تعهدات بتقديم 70% فقط من ذلك الرقم بحلول منتصف سبتمبر، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويتفاقم العجز في إثيوبيا، مع الالتزام بمنح 40% فقط من مبلغ 3.1 مليار دولار مطلوبة لمساعدة 20 مليون شخص.
5- ماذا عن بقية القارة؟
تعاني مجموعة دول أخرى في جنوب الصحراء من أزمات جوع خاصة، بما فيها: جنوب السودان، والسودان، والنيجر، وبوركينا فاسو، ومالي. قدّر صندوق النقد الدولي في سبتمبر الجاري أنَّ 123 مليون شخص على الأقل في أنحاء متفرقة من المنطقة (ما يعادل 12% من السكان) لن يتمكّنوا من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية، بزيادة قدرها 28 مليون شخص خلال عامين فقط. شملت العوامل المساهمة الأخرى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض الدخل، والأحوال الجوية المتطرفة، وانعدام الأمن، وتعطّل سلاسل التوريد.