دخلت إيران اليوم موجة جديدة من الاحتجاجات بدأت بالإضرابات في العديد من البازارات في المدن المختلفة، فيما باتت العديد من الجامعات في مقدمة قيادة الاحتجاجات عبر اضرابات وتظاهرات داخل وخارج الجامعات، مطالبين باطلاق سراح جميع زملائهم من الطلبة والطالبات الذين تم اعتقالهم خلال الأسابيع الاخيرة.

وفي جامعة الزهراء في طهران التي زارها السبت الرئيس إبراهيم رئيسي، كتب على جدار احد الفصول عبارة: «هذا الصف ملطخ بالدماء»، في إشارة إلى قمع حكومة رئيسي للمحتجين.

كما اندلعت احتجاجات بجامعة قزوين، وتجمع طلاب المعهد الموسيقي في بندر عباس في فناء المعهد ورددوا هتافات ضد النظام، وكذلك فعل طلاب جامعة العلامة الطبطبائي وجامعة أراك الذين هاجموا النظام وقالوا انها بداية نظام جديد.

أما المدارس المتوسطة والثانويات فاستمرت الاحتجاجات داخلها بشعار موحد: «الموت للدكتاتور» و«المرأة الحياة الحرية»، بعد حرق وتمزيق صور المرشد علي خامنئي، رغم قيام ادارة بعض المدارس ومعلمات بإبلاغ قوات الأمن عن الطالبات، حيث قامت قوات الشرطة بمهاجمة المدارس بسيارات مموهة وشاحنات صغيرة لا تحمل لوحات وتم اعتقال طالبات واقتيادهن إلى جهة مجهولة.

احتجاجات المحجبات

وشاركت العديد من النساء والفتيات المحجبات في الاحتجاجات، واعتبرن أن هذه الاحتجاجات تمثل جميع شرائح المجتمع وهدفها لا يقتصر على الحجاب فقط، بل يشمل كل معاناة الإيرانيين من رجال ونساء محجبات وغير محجبات والشباب وغيرهم ممن يعانون من أوضاع اقتصادية وثقافية واجتماعية متدهورة.

في منطقة نازي آباد في طهران، التي تحولت إلى أهم احياء الاحتجاج في العاصمة، رفعت فتاة إيرانية محجبة بالشادور الإيراني لافتة كتب عليها: «لا نريد الجمهورية الدكتاتورية الإسلامية».

ولاقت صورة هذه الفتاة المحجبة صدى كبيرا بين الإيرانيين وانتشرت على نطاق واسع، واعتبرت أن وجود فتيات محجبات في مقدمة الاحتجاجات يدحض الأكاذيب التي يروج لها النظام بأن الاحتجاجات ضد الحجاب وضد القيم الإسلامية.

وظهرت أيضا فتاة محجبة في مقطع فيديو وجهت حديثها إلى المرشد الأعلى علي خامنئي قائلة انها «كفتاة إيرانية محجبة تؤيد الاحتجاجات في إيران وتريد تغيير النظام لأن حجم الظلم والتهميش والاقصاء الذي يعاني منه الشعب دفع الناس بالخروج إلى الشوارع ولا علاقة لخروجهم بالحجاب ولا الإسلام، لذلك لم يهتف الشعب الإيراني ضد الإسلام او الحجاب، بل هتف ضد النظام ورفع شعار: المرأة الحياة الحرية».

كما شاركت فتيات محجبات في حملة كتابة شعارات على الجدران في العديد من المدن دعما للاحتجاجات ولفت بعضهن في مقاطع مصورة إلى أن «هذه الاحتجاجات تمثلنا جميعاً».

ويقول المراقبون للشان الايراني ان انخراط المرأة الإيرانية المحجبة في الحراك أعطاه بعدا شاملا خلافا لما تروج له وسائل الإعلام على أن الاحتجاجات موجهة ضد الحجاب والإسلام والمرأة المحجبة.

وزارة الداخلية تتوعد

بالتزامن مع توسع رقعة الاحتجاجات، ازداد قمع المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية، لاسيما القوات الخاصة والشرطة وقوات الباسيج والحرس الثوري ووزارة الاستخبارات. وأمس توعدت وزارة الداخلية المحتجين، وقالت انها لن تفرج عن المعتقلين في الاحتجاجات وستتم محاكمتهم بمحاكمات حازمة ورادعة. وقال نائب وزير الداخلية مجيد مرحمادي في تحذيره للمحتجين: اعتبارًا من اليوم فصاعدًا، لن يتم الإفراج عن المعتقلين حتى المحاكمة، وستعقد محاكماتهم سريعا وستكون الأحكام شديدة جدا ورادعة، بحسب وكالة أنباء تسنيم. مضيفاً «في اليوم الماضي، باستثناء مدينتي طهران وسنندج، حيث شهدنا اضطرابات قصيرة، ساد سلام وأمن كاملان في جميع أنحاء البلاد، وقد فشل العدو في هذه المؤامرة الجديدة.. قريبًا سيتم التعامل مع فلول المشاغبين لإنهاء الاضطرابات المتبقية».

وكانت طهران شهدت ليلة عنيفة من الاحتجاجات هاجم فيها المحتجون مقراً للشرطة والباسيج، كما تم حرق لوحات إعلانية للشرطة تحمل شعار «الشرطة في خدمة الشعب»، ورفع المحتجون هتافات ضد مجتبى خامنئي نجل المرشد بينها «يا مجتبى لن ترى الزعامة»، في اشارة إلى رفضهم توريثه منصب المرشد.

وفيما شوهد عناصر الأمن يفرون من وجه المحتجين الغاضبين في منطقة خاك سَفْيد، أظهرت فيديوهات انضمام عدد قليل من عناصر الشرطة في منطقة نازي آباد إلى الشعب وسط هتافات «لا نريد الجمهورية الإسلامية» في تحول رأى فيه مراقبون مؤشراً على احتمال حدوث انشقاقات. فيما استخدمت الأجهزة الأمنية سيارات شركة ميهن للآيس كريم للتنقل داخل طهران واعتقال محتجين، وأعلن الإيرانيون مقاطعة هذه الشركة بوصفها «متواطئة مع النظام ضد الشعب».

تنسيقيات لـ «إسقاط النظام»

وصباح اليوم استفاق الإيرانيون على شعارات ملأت شوارع وجدران العاصمة وتقول «سقوط نزديك است» ومعناها (سقوط النظام قريب جدا). وبدأ المحتجون بتشكيل تنسيقيات ميدانية في المحافظات أطلق عليها «شباب احياء طهران» و«شباب احياء قم» وغيرها، وأعلن ناشطون في بيان رسمي عن تواجدهم كقوة ثورية في ساحة الاحتجاجات.

ولأول مرة يتم تشكيل تنسيقات ميدانية تنخرط بالاحتجاجات وهو مؤشر مهم على دخول الاحتجاجات مرحلة ميدانية متقدمة على تلك التي شهدتها البلاد في السابق.