عقب سنوات من الحرب على الساحة الأوروبية، اتجه الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت للبحث عن تحالفات جديدة لتعزيز موقعه بأوروبا. وانطلاقا من ذلك، لم يتردد نابليون بونابرت في إبطال زواجه بزوجته الأولى جوزيفين دي بوهارنييه (Joséphine de Beauharnais)، بدعوى عدم قدرتها على الإنجاب، ليتزوج من ماري لويز (Marie Louise) ابنة الإمبراطور النمساوي فرانسيس الأول (Francis I) أملا في خلق تحالف فرنسي نمساوي.

أثناء الاحتفالات بزواج نابليون بونابرت وماري لويز، تفاجأ الفرنسيون مطلع تموز/يوليو 1810 بواقعة حريق سفارة النمسا الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بسبب شمعة، وأدى لتغييرات جذرية بسلك الحماية المدنية الفرنسية.



عشرات القتلى

بعد مضي نحو 3 أشهر عن زواج نابليون بونابرت وماري لويز، أجرى أمير شوارزنبرغ (Schwarzenberg) الذي شغل خطة سفير النمسا بفرنسا احتفالا على شرف الإمبراطور وزوجته. إلى ذلك، احتضنت إحدى القاعات المؤقتة التي بنيت بحدائق السفارة النمساوية هذا الاحتفال. وبناء على تقارير تلك الفترة، استدعي حوالي 1500 شخص، رفقة نابليون وزوجته، من نبلاء وبورجوازي فرنسا لحضور هذا الاحتفال.

وبحدث درامي شبيه بما حصل خلال زواج الملك السابق لويس السادس عشر والأميرة النمساوية ماري أنطوانيت قبل 40 عاما، تسببت، في حدود الساعة العاشرة ليلا، شمعة ثبتت على احدى الثريات في احتراق ستار مثيرة بذلك حالة من الهلع بين الحاضرين.



فبشكل سريع، امتدت ألسنة اللهب لتطال جزءا هاما من القاعة التي شهدت حالة من التدافع بين الضيوف الذي حاولوا مغادرة المكان على جناح السرعة أملا في النجاة بحياتهم.

أسفرت هذه الحادثة عن وفاة العشرات من الحاضرين حرقا واختناقا. وقد كان من ضمن الحاضرين أميرة شوارزنبرغ التي عادت مسرعة لموقع الحريق بحثا عن ابنتها.

كحول على الجدران

في خضم الحادثة، طالب نابليون بونابرت بإخفاء حقيقة الحريق وعدد الضحايا للمحافظة على سمعته وإبعاد الشبهات عن زواجه الذي شبهه كثيرون حينها بزواج الملك الفرنسي السابق لويس السادس عشر من الأميركية الفرنسية ماري أنطوانيت. من ناحية ثانية، عاد الإمبراطور الفرنسي لموقع الحادثة للإشراف شخصيا على عملية إخماد الحريق والتحقيقات.



حسب التقارير الصادرة حينها، أقدم عمال البناء بالأيام التي سبقت الحفل على وضع كميات من الكحول على الجدران لتسريع عملية تجفيف الطلاء الذي زينت به حديثا. وقد ساهم ذلك حينها في تسريع عملية التهاب القاعة حال اندلاع الحريق. من ناحية أخرى، كانت إجراءات السلامة رديئة بمكان الحفل حيث تواجد على عين المكان عاملان فقط من فرق المطافئ لتأمينه.

عقب صدور نتائج التحقيق، أقدم نابليون بونابرت على إقالة رئيس قسم الإطفاء ومدير الشرطة متهما إياهما بالتقصير. فضلا عن ذلك، لم يتردد الإمبراطور الفرنسي في حل فوج فرق الإطفاء يوم 10 تموز/يوليو 1810 واتجه في المقابل لبعث فيلق عسكري مختص في إطفاء الحرائق لتأمين سلامة القصور بباريس.