يملك الدماغ قدرة جبارة على استعادة وظائفه وإمكاناته بعد الجلطة، لكن يبدو، وفق تقرير نشرته مجلة Santé الفرنسية، أن عملية إعادة التأهيل والتقنيات المستخدمة خلالها تُسرّع من وتيرة التعافي بشكل لافت للانتباه. فيما يلي أبرز هذه التقنيات وأكثرها فعالية بحسب الأطباء:

1 ــ المشي

يعدّ الشلل النصفي من المضاعفات التي تخلفها الجلطة الدماغية، وتتمثل في عجز جزء مهم من الجسم عن الحركة، وغالباً ما يتزامن الشلل النصفي مع اضطرابات معرفية وأخرى في الذاكرة ومستوى الانتباه، بالإضافة إلى صعوبات في الكلام. ويعد المشي وفق الأطباء أفضل طريقة للتعافي تدريجياً. ويقول الدكتور ألكسيس شناتيزلر، الذي يرأس قسم الاستشفاء وإعادة التأهيل في مستشفى لاريبوازيار في باريس، إن المشي يؤدي الى تحفيز البنيات العصبية المسؤولة عن الحركة، وفي الوقت ذاته يؤدي إلى إفراز النواقل العصبية، وهذا يعني أن عملية نقل الرسائل بين الخلايا العصبية تتحسن، وأن الدماغ يتلقى الاكسجين والسكر، وهذه العملية تساعد الجسم على استعادة مرونته، والتعافي من الجلطة الدماغية بشكل عام. وحتى يكون المشي فعالاً ينبغي ألا تقل مدته عن 45 دقيقة أسبوعياً، وكلما تحرك المريض زادت فرص شفائه.

2 ــ استخدام الواقع المعزّز

يعتمد اختصاصيو إعادة التأهيل في المستشفيات الكبرى في الوقت الراهن على التكنولوجيات الجديدة في إعادة تأهيل المرضى، الذين تعرضوا لجلطات دماغية من خلال استخدام ألعاب الفيديو وخوذات الواقع المعزز، فبعض الأشخاص يواجهون صعوبة في تنظيم حياتهم اليومية بعد الجلطة الدماغية، لذلك سيساعدهم الواقع المعزز والألعاب الإلكترونية على التدرب مثلاً على شراء حاجياتهم الشخصية من متجر افتراضي، فيما يمكن للخوذة أيضاً أن تمنحهم الانطباع بالمشي وسط غابة مثلاً، وهذا أفضل بكثير من الشعور بأنهم على جهاز إعادة تأهيل في قاعة علاج. ويوضح د. شناتيزلر أن تقنية الواقع المعزز ليست سحرية، وإنما هي بمنزلة حبل يربط جسد المريض ويجره إلى أماكن أفضل وتشعره بالراحة والسعادة.

3 ــ التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة

تساعد الحصص التي تتم مع اختصاصي تخاطب على تحسن المريض، خصوصاً مع التدرب على الإملاء وتمرينات المفاصل، لكن التحفيز المغناطيسي للدماغ يمكن أن يكون مكملاً لهذه الطريقة الكلاسيكية. وتقوم هذه التقنية على تحفيز نصف الدماغ بتعريض المريض لحقل مغناطيسي. ويلفت د. شناتيزلر إلى أن هذه التقنية تساعد الدماغ ليكون جاهزاً لحصص التخاطب وتحسين اضطرابات النطق.

نسبة نجاح إعادة التأهيل

يستيعد ثلث المرضى صحتهم ويشفون تماماً بعد عام من الإصابة بجلطة دماغية، فيما يعاني الثلث من إعاقة متوسطة، والثلث الآخر تستمر إصابتهم بإعاقة شديدة، لذلك من المهم زيارة المختصين في إعادة التأهيل أو الطب الطبيعي كل عام.

متى يستعيد الدماغ قدراته؟

يستطيع الدماغ إنشاء دوائر عصبية جديدة لتعويض النقص، سواء ما تعلق بصعوبات المشي أو النطق، التي تعتبر من أهم مضاعفات الجلطة الدماغية. ويصف د. شناتيزلر ظاهرة ليونة ومرونة الدماغ بقوله: «يحرم جزء من الجسم من الاكسجين والسكر خلال الجلطة الدماغية، فتدمر بعض الخلايا، والبعض الآخر ينام، ويمكن للخلايا النائمة أن تستيقظ في غضون 3 إلى 6 شهور، لكن تحفيزها وإعادة التأهيل يهدفان إلى تحسين هذه العملية الطبيعية».

إعادة التأهيل خلال يومين

يوصي الأطباء بالبدء في عملية إعادة التأهيل خلال يومين من الإصابة بالجلطة الدماغية، عبر تحفيز حركي ومعرفي بمساعدة اختصاصي نطق واختصاصي علاج طبيعي بوتيرة معقولة من دون إرهاق المريض.

ويؤكد خبراء الصحة أن التقدم الكبير في إعادة التأهيل يمكن إحرازه خلال الستة أشهر الأولى، ويشددون على أهمية العلاج الطبيعي وعلاج اضطرابات النطق، بالإضافة إلى ممارسة النشاط البدني بصفة منتظمة.

تقنيات غير ناجعة

أشارت الهيئة العليا للصحة في فرنسا، في تقرير نشر في يوليو الماضي، إلى أن استخدام المياه المعدنية أو الوخز بالإبر أو الموسيقى في علاج وإعادة تأهيل المرضى المصابين بجلطة دماغية لا فائدة ترجى منها جميعاً، إذ لم تثبت أي دراسة علمية فعالية أي تقنية علاج من التقنيات الثلاث المذكورة آنفاً.