أشهر معمر في المنطقة يدعى شيرالي موسلوموف وقد عاش حتى عمر الـ168 عامًا
هناك العديد من الوجهات حول العالم التي تشتهر بطول عمر سكانها، بما في ذلك محافظة أوكيناوا اليابانية، الملقبة بـ"أرض الخالدين"، ومنطقة كامبوديميل الإيطالية المعروفة باسم "قرية الخلود".

ولكن في منطقة أخرى من الكرة الأرضية، تم اكتشاف مكان آخر لم يُسمع عنه كثيرًا، كما أنه يعد موطناً لمتحف "طول العمر" الوحيد في العالم؛ وهو حي ليريك في جنوب أذربيجان.

وتجدر الإشارة إلى أن دولة جنوب القوقاز تعد موطنًا للعديد من المناطق المعروفة التي يقطنها سكان يعيشون في أعمار ثلاثية، بما في ذلك لانكران وناغورنو كاراباخ، لكن حي ليريك مشهور بأنه يحتوي على أعلى نسبة مئوية من المعمرين.

وذكر تقرير لشبكة "سي. إن. إن" أنه في هذه الأرض الزمردية المرتفعة فوق الغيوم في جبال تاليش، والتي يتم الوصول إليها عن طريق حلقة تلو حلقة من طريق حلزوني، يبدو أن الناس قد اكتشفوا سرًا لحياة طويلة وصحية. وتساءل التقرير :"إذن، ما السبب وراء ذلك؟"

بدأ التقرير بـ"التغذية الجيدة والعلاجات الطبيعية"، وأشار إلى أن اليوم في ليريك يبدأ عند الفجر، حيث لا يسمح الناس لأنفسهم بالنوم مرة أخرى. وقال إن معظم الأشخاص هناك يبدأ يومه بالعمل في الحدائق أو حول المنزل.

وعن صحة النوم، ذكر التقرير أن معظم المنازل هناك بسيطة تضم سجادة ناعمة سميكة ووسائد على الأرض، حيث يفضل الكثير من الناس النوم على الأرض باستخدام بطانية رقيقة فقط بدلاً من مرتبة تقليدية، حيث يُعتقد أنها الطريقة الأكثر صحة لإراحة الظهر.

وأضاف التقرير أنه خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن المعمرين في ليريك يأكلون اللحوم، لكنهم ورثوا تفضيلًا لمنتجات الألبان الطازجة مثل الجبن القريش والزبدة والحليب وشراب الزبادي. وأشار إلى أن المعمرين الأوائل كانوا يمتنعون عن تناول اللحوم بسبب الظروف الاقتصادية.

وأورد التقرير تجربة سيدة معمرة تدعى حليمة قمباروفا، التي قالت إن زوجة ابنها تحضر لها يومياً طبقًا كبيرًا من الكمثرى والتفاح من حديقتهم وبعض الشاي العطري.

ونقل التقرير عن دليل "متحف طول العمر" قوله : "سر العمر الطويل هو التغذية الجيدة، المعادن الموجودة في مياه الينابيع والأعشاب التي نضيفها إلى الشاي للوقاية من الأمراض، لذلك لا يضطر الناس إلى تناول أي دواء، فقط باستخدام العلاجات الطبيعية".

متحف "طول العمر"

يعد متحف "طول العمر" في حي ليريك بأذربيجان هو الجزء الأغرب والأكثر اندهاشاً في تقرير "سي. إن. إن"، حيث يضم المتحف - المكون من غرفتين، والذي تم بناؤه عام 1991 وتم تجديده في 2010 - أكثر من ألفي معروض توثق حياة وذكريات أقدم سكان المنطقة.

ووفقاً للتقرير، يرسم المتحف عمر الأفراد بالأدوات المنزلية التي عاشوها، مثل ثلاثة أجيال من "مكاوي الملابس". كما أن هناك صناديق مليئة بأغطية الرأس والقمصان، وأباريق وأوعية فضية، وجوارب منسوجة بشكل جميل، وسجاد مصبوغ يدويًا لا يزال بألوان زاهية رغم تقدمه في السن.

وأورد التقرير: "ثم هناك الحروف المكتوبة باللغتين الأذربيجانية والروسية، بالإضافة إلى قطع أثرية شخصية قديمة جدًا لدرجة أن الحبر بدأ يتلاشى."

وقال: "ربما تكون أكثر الميزات جاذبية هي صور المعمرين التي تغطي جدران المتحف. هذه الصور، التي يعود تاريخها إلى الثلاثينيات، تبرع بها المصور الفرنسي فريدريك لاتشوب."

وأضاف: "يحدد المتحف، وإحصاءات أذربيجان الرسمية، كلمة المعمر بشكل فضفاض أكثر مما نتوقع؛ بمعنى أن أي شخص يزيد عمره عن 90 عامًا يعد معمراً! ومع ذلك، في عام 1991، كان هناك أكثر من مائتي شخص في ليريك مسجلين على أنهم أكثر من مائة عام، من أصل 63 ألف نسمة."

وتابع التقرير: "كانت الأرقام أقل إثارة للإعجاب منذ ذلك الحين، والتي يلقي بها السكان المحليون اللوم بشكل مختلف على الإشعاع من أبراج الاتصالات والتدهور البيئي. يوجد اليوم 11 شخصًا تزيد أعمارهم عن مائة عام، من بين السكان المحليين البالغ عددهم 83800 نسمة."

وأشار التقرير إلى أن أكبر مواطنة معمرة في ليريك حاليًا تدعى راجي إبراهيموفا، البالغة من العمر 105 عامًا. وقال: "هذا عمر رائع، لكنه يتضاءل مقارنة بالعمر الذي يُقال إن أشهر معمر في المنطقة، وهو شيرالي موسلوموف، قد عاش حتى عمر الـ168 عامًا."

ويبدو أن جين طول العمر يسري في الأسرة، حيث نقلت "سي. إن. إن" عن إبنة موسلوموف، وهي حليمة قمباروفا، البالغة من العمر 95 عامًا، قولها إنها على الرغم من أنها قد لا تعيش حتى عمر 168 عامًا مثل والدها، فهي تأمل على الأقل أن تعيش حتى سن 150 عامًا، مثل جدها، أو 130 عامًا، مثل عمتها.

سكون العقل.. والألفة

وعندما يصبح الطقس باردًا - مثل الآن - أورد تقرير الشبكة الأمريكية أن معظم المعمرين ينتقل إلى المناطق الساحلية اللطيفة في منطقة لانكران، لكن قمباروفا تفضل البقاء في منزل والدها المتواضع المكون من طابقين وتحيط به أشجار التفاح والكمثرى الضخمة، في حي ليريك بمنطقة بارزافو.

وذكر التقرير الأمريكي: "تجلس قمباروفا بجانب النافذة، ملفوفة في شال، تتحدث بلهجة خفيفة، وتتحول في كثير من الأحيان إلى لغتها الأم تاليش، وهي لهجة لا يتكلمها سوى 200 ألف شخص وتصنفها اليونسكو على أنها ضعيفة. تتفاعل المعمرة مع أحفادها، وتُظهر روح الدعابة التي تتمتع بها."

ونقل التقرير عن دليل المتحف قوله إن "سكون العقل" هو جزء من سرهم. واضاف الدليل: "إنهم يبتعدون عن التوتر، ويفكرون في الحياة بطريقة فلسفية تمامًا، ويعيشون يومًا واحدًا في كل مرة، دون الكثير من التخطيط أو القلق بشأن المستقبل."

كما أشار تقرير "سي. إن إن" إلى أن الأجيال في ليريك تعيش جنبًا إلى جنب. وقال إنه على الرغم من أن القرية تبدو هادئة وساكنة، لكن العمل البدني الذي يقوم به القرويون كل يوم هو عمل هائل.

وأضاف: "من شروق الشمس حتى غروبها يعملون في الحدائق والحقول وكذلك حول المنزل. إنهم يخيطون ويتماسكون ويعتنون بالعائلات الكبيرة."