يعلمنا السفر الكثير من مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين
بشكل رئيسي، دائمًا ما يكون المسافر المخضرم مثل الفراشة، فهو يستطيع أن يجري محادثة مع أي شخص في أي وقت، ويستطيع أن يجد أرضية مشتركة للحديث مع الأفراد جميعهم في كل نواحي الحياة، والسفر في حد ذاته يفتح أعيننا على كثير من الأشياء ويثري معرفتنا، بالإضافة إلى ذلك فإنه يطور من المهارات اللازمة للنجاح، حيث يمكنك أن تطور من خلاله مهاراتك الشخصية ومهارات الاتصال، هذ المهارات تفيدك في الحياة اليومية والمهنية كذلك.

الإنسان منغلق بطبيعته

في أول تجربة سفر لي، كنت قد وصلت توا إلى سان فرانسسكو من أجل دورة تدريبية، كانت هناك مشكلة في قطارنا واضطررنا إلى تبديله بقطار جديد على الرصيف التالي، أجرى رجل مهذب محادثة معي ثم قرر أن يساعدني في نقل أمتعتي للقطار الجديد.

رغم نيته الحسنة كنت أشعر بالترويع، فلم أكن معتادة على هذا اللطف من الغرباء، واعتقدت في الحقيقة أنه يحاول سرقتي أو ربما أسوأ من ذلك، لقد كبرت في منطقة محلية وكانت شخصيتي متشككة للغاية، والتعامل مع الغرباء كان من المحرمات تمامًا، في تلك اللحظات فقدت كل مهاراتي الاجتماعية ونسيت كيف أتحدث مع أحدهم، كانت فكرة إجراء محادثة مع شخص غريب أمر مرعب، الأكثر رعبًا أن فقدان القدرة على التواصل بهذا الشكل سوف يؤدي إلى أن تنتهي بنا الحياة ونحن وحيدون.

الحفاظ على شغفك متقدًا

قال الحكيم بيل موري ذات يوم: "قبل أن تلتزم مع أحدهم بشكل كامل، سافر معه في رحلة" هذه المقولة صادقة تمامًا، فالسفر يشكل وقتًا عصيبًا لمعظم الناس حتى إنه قد يخرج أسوأ ما فيهم، لذا إذا تمكنتم من التغلب على الصعوبات التي ستواجهكم في رحلتكم؛ فهذا السفر سيقوي من علاقتكم معًا، وسيمنحك وشريكك فرصة لمشاركة الأهداف.

الصبر فضيلة، وفي السفر ليس أمامك خيار سوى أن تكون صبورًا للغاية

فالوجود في بيئة مختلفة خالية من التزامات الحياة اليومية يساعد على إعادة إشعال الرومانسية والحميمية، وسوف يمنحكما فرصة للتناقش في القضايا الشائكة في بيئة رومانسية آمنة، وقد أثبتت الدراسات أن الأزواج الذين يسافرون معًا بشكل منتظم يتواصلون بشكل أكثر فعالية من الذين لا يسافرون إطلاقا.

لن ترى العالم كما هو مجددا

أفضل ما يمكن أن يفعله الشخص في حياته هو الانغماس في السفر معظم حياته، فسوف يدرك أن البشر جميعهم لا يفكرون بنفس الطريقة ولا يعيشون نفس الحياة ولا يتصرفون مثل بعضهم البعض، سيدرك الشخص أن هناك ثقافات مختلفة تتضمن فلسفات وأولويات مختلفة عما يعرفه.

تنفس بعمق واسترخ واستمتع

لقد نشأت في مكان ترى فيه النتائج لأي شيء سريعًا، لذا لم يكن لدي أي فكرة عن الانتظار وما يعنيه، لقد طلبت الطعام ولذا أريده الآن، كان نفاد الصبر باديًا على وجهي للغاية، حتى إن النادل الذي أخذ مني الطلب سألني بكل براءة لماذا أشعر بالانزعاج ولدي دقائق إضافة لأستمتع بالحياة قبل أن أحصل على طعامي؟ كان كلامه صحيحًا لذا عملت بنصيحته وأخذت نفسًا عميقًا وتأملت الجمال المحيط بي حتى يصل طعامي.

الصبر فضيلة، وفي السفر ليس أمامك خيار سوى أن تكون صبورًا للغاية.

تعلم أن تتكيف مع الأوضاع الصعبة

في كثير من الأحيان لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، وفي السفر كثيرًا ما تحدث هذه المواقف المزعجة وتسير الأمور خلاف رغباتنا، هذا الوضع يثير الأعصاب بشكل كبير خاصة في المرات الأولى، حتى إنه يجعل الكثيرون يتراجعون عن قرار الاستمرار في السفر، لكن إذا تمكنت من تقبل الموقف كما هو فسوف تصبح صبورًا للغاية وستتقبل حدوث المواقف السيئة التي لا مفر منها في الحياة ثم ستتمكن من التعامل معها بعد ذلك.

المشكلات ستظهر في أي وقت، وطريقة تعاملك معها هو الذي سيحدد النتيجة

عندما تسوء الأمور فالصبر وحده لا يكفي، بل عليك أن تتكيف مع الوضع، يجب أن تكون قادرًا على وضع إستراتيجية للتعامل مع الأمر أو على الأقل قبول الموقف بكل رحابة والتعامل معه.

الأمر لا يتعلق بالموقف بل بردود فعلك

من الآثار الإيجابية للسفر ازدياد قدرتك على الصبر والتكيف مع الأمور مما يجعلك أكثر لطفًا وأقل تشككًا في الآخرين، لأنك في مرحلة ما تدرك الأمر برمته وأننا جميعًا بشر نفعل ما بوسعنا للحياة بشكل جيد.

حافظ على هدوئك؛ فالمشكلات ستظهر في أي وقت، وطريقة تعاملك معها هو الذي سيحدد النتيجة.

أشكال بديلة للتواصل

كل ما هو جديد وغير مألوف قد يبدو مرعبًا للغاية، خاصة عندما تسافر وحدك، وإذا كنت مثلي فسوف تتلقى صدمة ثقافية كبيرة، لقد كان كل شيء غريب ومختلف بشكل غير معقول مما جعل التواصل أمرًا صعبًا للغاية، فلم أكن حتى أتحدث اللغة نفسها، وبالطبع ليس هناك أي احتمالية لإتقان اللغة بين عشية وضحاها أو حتى في المستقبل القريب، لذا كان الحل الوحيد لتخفيف معاناتي أن أتعلم بعض الكلمات الرئيسية في لغة المكان الذي سأزوره حتى أتمكن من التعامل في الحياة اليومية.

بالطبع لن أتمكن من النطق الصحيح للكلمات وسيتطلب الأمر جهدًا من الآخرين ليتمكنوا من فهم ما أود قوله، لذا سوف يصبح التواصل غير اللفظي منقذك الوحيد، ستتطور قدرتك على توصيل المعنى دون كلمات، ومن دون أن تدرك ستبدأ في تأسيس أرضية مشتركة للتواصل مع من حولك.

في وقت قصير ستتطور مهاراتك وسوف تكتسب أساليب جديدة تؤثر في شخصيتك وعاداتك، سوف تصبح التجربة جزءًا منك وتغير من طريقة تفكيرك وتصرفاتك.