العربية

بقميصه الكاكي وملامحه المتعبة ولحيته الخفيفة، تحول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى رمز يعكس تصميم الأوكرانيين على مجابهة الدب الروسي بقوته وعتاده الضخم.

واختارت مجلة "تايم" الأميركية، أمس الأربعاء، زيلينسكي شخصية العام 2022، حيث أصبح الرئيس الأوكراني رمزاً لمقاومة بلاده في مواجهة العملية العسكرية الروسية التي انطلقت في 24 فبراير 2022.

وكتب رئيس تحرير مجلة "تايم"، إدوارد فيلسنتال: "سواء كانت المعركة من أجل أوكرانيا تثير الأمل أو الخوف، فإن زيلينسكي حفّز العالم بشكل لم نشهده منذ عقود".

"خادم الشعب".. مسلسل عُرض في أوكرانيا للمرة الأولى عام 2015، ولعب فيه زيلينسكي، الذي كان ممثلا كوميديا آنذاك، دور رجل عادي وصل إلى سدة الرئاسة. وكان قد أدى دور مدرس تاريخ سليط اللسان يصبح رئيسا بعدما صوّره أحد تلاميذه وهو يتكلّم بحماسة ضد الفساد، ونُشر المقطع على الإنترنت. وحقّق العرض الكوميدي نجاحا كبيرا فيما كانت البلاد تشهد تغييرا عميقا.

وقبل أسابيع من بدء الحرب، كان عهد زيلينسكي الرئاسي، الذي بدأه قبلها بثلاثة أعوام، يفقد بعضا من زخمه، إذ إن الممثل الكوميدي السابق كان يواجه صعوبات بالإيفاء بوعوده الانتخابية في بلد يعاني الفقر والفساد. فاستسهل خصومه القول إن حجم المسؤولية التي يتولاها أكبر من ممثل فكاهي، وتأسفت الدول الغربية لأن الرئيس الأوكراني الجديد آنذاك بدا غير قادر على تنفيذ إصلاحات.

فقد كان يُنظر إليه لفترة طويلة على أنه ممثل أصبح رئيسا بالصدفة. النجم التلفزيوني السابق، البالغ من العمر 44 عاما، يعتبر حديث عالم السياسة. فقد بدأت مغامرة زيلينسكي السياسية بما يشبه المزحة مساء 31 ديسمبر 2018 مع الإعلان المتلفز عن ترشحه للانتخابات الرئاسية. وتم انتخابه رئيسا لأوكرانيا في عام 2019.

وبحسب المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو: "قبل الحرب، كان كثرٌ يتعاملون مع أوكرانيا على أنها دولة فاشلة ومع زيلينسكي على أنه رئيس ضعيف". وعندما أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العنان لجيشه في أوكرانيا، كانت موسكو مقتنعة بأن هجومها سيكون قصيراً وبأن السلطة الأوكرانية الضعيفة ستنهار. وتعرضت كل المدن الأوكرانية الكبرى لقصف عنيف، بما فيها العاصمة الأوكرانية كييف.

وانتشرت الشائعات حول هروب زيلينسكي من البلاد.

إلا أن الواقع كان مختلفاً. فقد استقطب زيلينسكي الأنظار بعد أن ظهر في مقطع فيديو مسجل أمام مباني الإدارة الرئاسية في وسط كييف، وحوله مستشاروه. وقال: "نحن هنا جميعاً، عساكرنا هنا، المواطنون، المجتمع، نحن هنا جميعاً، للدفاع عن استقلالنا، عن دولتنا".



ونجح زيلينسكي وجيشه بإلحاق هزائم مفاجئة بالجيش الروسي، واستعادة بعض من أراضيه، وقواته تقاوم بشراسة لمنع تقدم قوات بوتين ولاستعادة باقي الأراضي الأوكرانية.

واستخدم زيلينسكي شعبيته ومعاناة الأوكرانيين لانتزاع أسلحة أكثر وتمويل أكبر من حلفائه الغربيين. ولهذا الغرض، يقدم بلده دائماً كحصن في مواجهة الإمبريالية الروسية، وكمدافع عن القيم الديمقراطية.

بالتأكيد، لم يكن زيلينسكي الذي ترعرع في مدينة كريفي ريغ الصناعية في منطقة ذات غالبية ناطقة بالروسية، يتوقع أن يؤدي هذا الدور.

فقبل دخوله عالم السياسة، حقق نجاحاً في مسيرة مهنية في التمثيل الكوميدي، في أوكرانيا وكذلك في روسيا، حيث كانت تدعوه القنوات التلفزيونية نفسها التي توجه له الإهانات اليوم، للظهور على شاشاتها.

يقول المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو: "تبين أن زيلينسكي وطني حقيقي، مقاتل، رئيس".

وفي وقت يحل فصل الشتاء في أوكرانيا وتدمر الصواريخ الروسية منشآت الطاقة في البلاد، سينبغي على زيلينسكي الحفاظ على صمود مواطنيه وعزيمة حلفائه. وعلى زيلينسكي الحفاظ على المقاومة في مواجهة إرهاق الحرب.