دائماً ما يكون القانون الأوروبي محط مفخرة بالنسبة للنساء حول العالم بمن فيهن النساء العربيات القادمات إلى أوروبا كونه يقف إلى جانب المرأة وينصفها في حياتها الزوجية والعملية.
وكما يستغل الرجال العرب في بلدهم الأم القانون والعقلية والذكورية لممارسة بعض من السطوة على زوجاتهم، استغل عدد من النساء في أوروبا القانون الأوروبي من أجل التحكم في أزواجهن، وفرض شروط معينة عليهم، وفي بعض الأحيان تلفيق تهم بحقهم كفيلة في زجّهم بالسجن.
ظاهرة العنف ضد الأزواج تزداد نتيجة زواج الشباب الرجال المغاربة من شابات صغيرات يستقدمونهن من بلدهم الأصلي إلى إيطاليا.
وينتشر العنف الأسري بين العائلات المغربية في إيطاليا، ولكنه هذه المرة ضد الأزواج وليس الزوجات، حيث تضج أوساط الجالية المغربية المقيمة في إيطاليا بقصص إقدام زوجات مغربيات بممارسة العنف ضد أزواجهن؛ الأمر الذي أدى لزج العشرات منهن في السجن.
وكشفت التقارير الإعلامية أن هذه الظاهرة تزداد نتيجة زواج الشباب الرجال المغاربة من شابات صغيرات يستقدمونهن من بلدهم الأصلي، وهي منتشرة بشكل كبير لكن من دون الإفصاح عن معظمها؛ كون الرجل العربي كثيراً ما يخجل من أن يفصح أنه يتعرض للعنف من طرف المرأة.
وقال مقران رحمان (اسم مستعار)، (54 عاماً) لـ"إرم نيوز": "عانيت من كل أشكال العنف من قبل زوجتي مهدية (اسم مستعار)، (31 عاماً) بعد أن استقدمتها عبر فيزا لم الشمل إلى المغرب".
وأضاف رحمان الذي يعمل محاسباً في متجر تسكو: "تزوجت مهدية زواجاً تقليدياً عبر الأصدقاء والأقارب في المغرب، ولم نتعرف على بعض بما فيه الكفاية قبل الزواج، بسبب خبرتي المتواضعة في التواصل الاجتماعي".
تزوج رحمان مهدية زواجاً نظامياً خلال إجازة له في المغرب ثم سافر إلى إيطاليا بعد أن وعدها بأنه سيلمّ شمل العائلة عندما يصل، وبدأت المشكلات بينهما بعد أشهر من وصولها.
عنف لفظي وجسدي وتهديد بالجنس
وتابع: "بمجرد حصولها على أوراق الإقامة تغيرت معاملتها، وبدأت ترفضني كزوج في السرير وفي كل تفاصيل الحياة الزوجية، ولجأت إلى صديقة مغربية لديها هنا في تورنتو تعمل في منظمة لحماية المرأة، وقامتا بتهديدي بزجي في السجن".
ويتعرض رحمان للعنف اللفظي والجسدي في بعض الأحيان من زوجته، ويشك بأنها على علاقة بشاب صغير من أصول فرنسية، ويخشى من الطلاق لاعتبارات اجتماعية ولأن زوجته تعده بأن تنجب له طفلاً بعد عام.
وكثيراً ما كانت الاعتبارات الاجتماعية لدى العرب تمثل تهديداً لاستقرار العائلات والحياة الأسرية، في الوطن والغربة، مثل النظر إلى المطلقة نظرة دونية أو إلى الرجل الذي لا ينجب نظرة ازدراء.
ولجأ رحمان إلى طبيب نفسي الذي طلب منه بأن يتقدم بشكوى ضد زوجته مهدية لكنه رفض خشية من معرفة أسرته وأقاربها في إيطاليا بأن زوجته تقوم بتعنيفه ويعرفون ضعف شخصيته.
وكذلك رفض اللجوء إلى مركز من مراكز مكافحة العنف الزوجي، والتي تستقبل الرجال والنساء في إيطاليا، للأسباب نفسها المتعلقة بالاعتبارات الثقافية والاجتماعية.
وتقدر الإحصائيات بأن المغاربة المسجونين في إيطاليا تتراوح نسبتهم بحوالي 18 % من الأجانب، إذ يزيد عددهم عن 3400 سجين، من ضمنهم حوالي 50 امرأة، ونسبة كبيرة منهم زجوا في السجن على خلفية العنف الزوجي.
هيبة الرجل
وقالت خبيرة العلاقات الاجتماعية في إيطاليا فرانشيسكا كانونيه لـ"إرم نيوز: "العنف الأسري ضد الرجال هو موضوع يتم تجاهله كثيراً حول العالم لأن الرجال عموماً أقل شكاية من النساء لأنه يمس هيبة الرجل في المجتمع".
وأضافت كانونيه: "عنف الزوجة ضد الزوج ظاهرة موجودة بشكل كبير، لكنها تبقى طي الكتمان حتى في أوروبا، وتنمو عندما يشعر أحد الطرفين بأنه أفضل من الآخر أو يشعر بضعف الطرف الآخر فيقوم بتعنيفه".
بحسب كانونيه، تزداد هذه الظاهرة تعقيداً لدى الجالية المغربية والعربية بشكل عام، فشرقية الرجال تدفعهم إلى السكوت، لكن هذا السكوت والاستسلام سيجعل الطرف الآخر يتمادى ويزداد تعنيفاً.
وتابعت الأخصائية الاجتماعية: "آثار هذا النوع من العنف كبيرة جداً وتصل إلى عتبة الانتحار؛ لأن الرجل يشعر بأن رجولته قد سلبت منه مما يسبب له الخزي والحساسية المجتمعية، ويؤثر ذلك على حياته العملية والاجتماعية وعلى أدائه الجنسي أيضاً".
وكشفت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الرجال في تقرير لها، عام 2020، أنها استقبلت منذ تأسيسها عام 2017، نحو 24 ألف حالة عنف ضد الرجال، 20 في المئة منها جسدي.