صدمة واسعة في الشارع العراقي، لا سيما لدى سكّان محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وبابل، تسبّبت بها تصريحات رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الذي تحدث الأربعاء الماضي عن مقتل المختطفين العراقيين من سكّان مدن شمال وغرب ووسط العراق، والمُقدر عددهم بالآلاف، والذين اقتادتهم مليشيات مسلحة بين عامي 2014 و2016، خلال نزوحهم من مناطق القتال إلى جهات مجهولة.
وكان الأهالي يتشبثون بأمل عودة هؤلاء المغيّبين، خصوصاً مع استمرار ترويج إشاعات عن وجودهم في معتقلات سرية للمليشيات في مناطق تسيطر عليها، أبرزها جرف الصخر، في وقت لا تزال فيه حكومة محمد شياع السوداني على مختلف مستوياتها تلتزم الصمت تجاه هذا الملف.
"مصارحة" الحلبوسي حول مصير المغيبين
وقال الحلبوسي، في مقابلة مع محطة تلفزيون عراقية محلية: "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".
ورأى الحلبوسي أنه "يجب على الدولة إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح... غُيّبوا وتمّ اغتيالهم في تلك الفترة"، وأضاف: "لأكون أكثر جرأة مع الناس الذين خسروا ذويهم وأبناءهم... لا ينبغي أن يُستخدم الملف للقدح السياسي... ومنح أهلهم أملاً بعودتهم، فهذا غير صحيح".
تصريح الحلبوسي يشكل اعترافاً رسمياً من مسؤول عراقي بتصفية ما بين 18و22 ألف عراقي من مدن شمالي وغربي العراق
تصريح الحلبوسي هو الأول من نوعه الذي يتناول قضية آلاف المغيبين العراقيين الذين جرى اقتيادهم من قبل مليشيات مسلحة بين 2014 و2016، إبان نزوحهم من مناطقهم التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، كما أنه اعتراف رسمي من مسؤول عراقي بتصفية ما بين 18 و22 ألف عراقي من مدن شمالي وغربي العراق، اقتيدوا إلى أماكن مجهولة بعد عزلهم عن عوائلهم خلال رحلة نزوحهم إلى مناطق خارج العمليات العسكرية التي كانت تدور ضد "داعش".
وتُوجَّه اتهامات لمليشيات عدة بالوقوف وراء تغييب هؤلاء، أبرزها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وبدر، وسيد الشهداء، والإمام علي، والخراساني، ورساليون، والنجباء، وجماعات مسلحة أخرى.
وعقب تصريحات الحلبوسي، شنّت منصات إعلامية مرتبطة بفصائل مسلحة، أبرزها جماعتا "كتائب حزب الله" العراقية و"عصائب أهل الحق"، هجوماً حاداً عليه. وقالت قناة "صابرين نيوز"، على منصة "تليغرام"، تعليقاً على إعلان الحلبوسي: "لا تتعجب بالحديث عن المغيبين، نعم فصيل وحده واجهه 15 ألف تكفيري"، في إشارة إلى المغيبين الذين وصفتهم بالقول "صاروا علينا مغيبين".
واعتبر المقرب من جماعة "عصائب أهل الحق" أحمد عبد السادة إعلان الحلبوسي بأنه للتغطية على تورطه بملفات فساد، ووصف المغيبين بأنهم "إرهابيون"، وأن طرح الحلبوسي هو من أجل "رفع رصيده السياسي والشعبي في الوسط السنّي وللتغطية على فضيحة فساده المقبلة التي سيعتبرها استهدافاً له بسبب تبنيه قضايا السنّة".
إعلان رسمي بالإعدام
في المقابل، أصدر مرصد "أفاد" لحقوق الإنسان في العراق بياناً اعتبر فيه حديث الحلبوسي "إعلاناً رسمياً بإعدامهم على يد المليشيات المسلحة خلال عمليات طرد تنظيم داعش في العراق". وأضاف البيان أن "مرصد أفاد يتساءل عن هوية تلك المليشيات التي مارست عمليات الإعدام للآلاف من المدنيين الأبرياء في تلك المناطق".
وتساءل المرصد: "أين القضاء العراقي من تلك الجرائم التي ترقى إلى عمليات تطهير عرقي حيث لم يعد خافياً في العراق أن عمليات طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدن شمال وغرب البلاد رافقتها عمليات انتقامية تجاه السكّان".
نائب في البرلمان عن حزب "تقدم"، الذي يتزعمه الحلبوسي، قال إن "الجميع يعرف أنهم ميتون، لكن منذ سنوات لا أحد يجرؤ على مصارحة الناس، خصوصاً زوجات وأمهات وأطفال الضحايا، وكان هناك استغلال انتخابي غير أخلاقي من بعض الكتل السياسية السنية لهذا الملف".
وأضاف النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "التحقيقات تؤكد تصفيتهم في الأيام الأولى لاختطافهم، وجرى إعدامهم في مناطق مختلفة".
ولفت إلى أنه "في الفترات الماضية، كانت هناك بوادر لفتح المدن التي تسيطر عليها بعض الفصائل المسلحة كبداية لمعرفة مصير المختطفين، لكن حتى هذا الأمل تلاشى أمام إصرار الفصائل على عدم الانسحاب من تلك البلدات"، وختم بالقول: "نحاول الآن تحصيل حقوق لذويهم. هذا كل ما لدينا، لأن الجهة التي غدرتهم معروفة وهي أقوى من الدولة".
من جهته، أكد النائب العراقي عن تحالف "السيادة" رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، أن "القوى السياسية جميعها كانت قد اتفقت ضمن تحالف (إدارة الدولة)، على فتح هذا الملف وإنهائه كما ينبغي أن يكون في حكومة محمد شياع السوداني".
وأشار الدهلكي إلى أن "هذه من الشروط التي طرحها تحالف السيادة، باعتبار أنها مسألة عراقية وتخص آلاف العراقيين من جهة، وأن معظم المغيبين أو المغدورين هم من مناطق شمال وغرب العراق التي ينتمي إليها معظم أعضاء التحالف من جهة ثانية".
وفي تأكيد آخر منه على قتل المختطفين جميعهم، قال الدهلكي إن "التحالف لا يزال يتابع هذا الملف حتى يصل به إلى نتائج جيدة، كما أن الهدف الحالي (للتحالف) هو تعويض ذوي الضحايا بكل أشكال الدعم".
من جهته، لفت القيادي في تحالف "عزم" حيدر الملا إلى أن "معظم القوى الوطنية تدعم فتح ملف المغيبين، لا سيما بعد مرور نحو 8 سنوات على عدم معرفة مصيرهم، وكانت هذه النقطة هي الأبرز في مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية".
واعتبر الملا في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "رئيس الحكومة الحالي يبدو أنه جاد في حسم هذا الملف، لكن هناك حاجة ملحّة لمزيدٍ من القوة لهذه الحكومة، لأن هذا الملف بالتحديد يمثل خطراً استراتيجياً لجماعات مسلحة تقع في دائرة الاتهام بما يتعلق بتغييب عشرات الآلاف من العراقيين".
في المقابل، فإن القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، النائب كريم عليوي، اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الأحزاب تعمل على التلاعب بملف المغيبين، وتقوم بإبرازه لفترة ثم طمسه، وهو لا يعدو كونه ورقة انتخابية وسياسية تريد أن تطرحها القوى السياسية".
وشدّد عليوي على أن "الفصائل المسلحة والحشد الشعبي ليست لديها أي علاقة بملف المغيبين"، واتهم بعض القوى السياسية بأنها "تسيء إلى الحشد الشعبي عبر اتهامها بتغييب العراقيين من المدن المحررة".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت في تقرير لها، منتصف مايو/ أيار 2020، جماعات مسلحة ضمن "الحشد الشعبي" بالوقوف وراء عمليات الاختطاف والتغييب القسري التي تعرض لها سكان مناطق شمال وغرب العراق الفارين من المعارك.
وقالت إن تلك القوات أوقفت الرجال والفتيات في 78 نقطة تفتيش كجزء من إجراءات مكافحة الإرهاب، وجميع حالات الإخفاء حدثت عند نقاط التفتيش تلك. ونقل التقرير عن ذوي الضحايا شهادات بشأن كيفية عزل تلك القوات الرجال والفتيان عن النساء واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، مؤكدة أن بلد، شمالي الفلوجة، سجل فيها اختطاف مئات الرجال وفقاً لهذا الطريقة.
وفي وقت سابق، اعتبر زعيم حزب "المشروع الوطني" العراقي جمال الضاري أن استمرار تجاهل ملف الاختفاء القسري للعراقيين يؤكد "ضرورة تدويل القضية".
وأوضح الضاري في بيان له في يونيو/ حزيران الماضي، أن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير حول جريمة الاختفاء القسري لعدد كبير من العراقيين وتجاهل الحكومات المتعاقبة لهذا الملف، يؤكد ضرورة تدويل جرائم الإبادة التي تمارسها جهات إرهابية"، وأضاف أنه "على الرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على هذه الأفعال، تبقى الحكومة صامتة وجرائم الاغتيال والخطف والاستيلاء على جرف الصخر مستمرة".
وتعليقاً على هذه التطورات، أشار الباحث في الشأن السياسي كتاب الميزان إلى أن "من الضروري أن يبدأ ذوو الضحايا والمختطفين والمغيبين، أو المغدورين كما سماهم الحلبوسي، بتقديم شكاوى شخصية في عموم محاكم ومراكز الشرطة في العراق، والإبلاغ عن اختفاء أبنائهم وتسجيل دعاوى اختطاف والتحدث عبر الإعلام عن تغييبهم قسراً في كل محافظة، لا سيما أن إعلان الحلبوسي ليس موقفاً أو وجهة نظر سياسية، بل إنه يمثل معلومة رسمية".
ولفت الميزان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "فتح تحقيق بخصوص المغدورين سيفتح أبواباً خطيرة للتحقيق والكشف عن الجهات التي غيبتهم لسنين وشاركت بإعدامهم، ولا بد من محاسبة هؤلاء"، وتوقع "أن نشهد مرحلة صدام بين الحكومة والمليشيات المتهمة بقتل آلاف العراقيين خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش".
وكان الأهالي يتشبثون بأمل عودة هؤلاء المغيّبين، خصوصاً مع استمرار ترويج إشاعات عن وجودهم في معتقلات سرية للمليشيات في مناطق تسيطر عليها، أبرزها جرف الصخر، في وقت لا تزال فيه حكومة محمد شياع السوداني على مختلف مستوياتها تلتزم الصمت تجاه هذا الملف.
"مصارحة" الحلبوسي حول مصير المغيبين
وقال الحلبوسي، في مقابلة مع محطة تلفزيون عراقية محلية: "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".
ورأى الحلبوسي أنه "يجب على الدولة إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح... غُيّبوا وتمّ اغتيالهم في تلك الفترة"، وأضاف: "لأكون أكثر جرأة مع الناس الذين خسروا ذويهم وأبناءهم... لا ينبغي أن يُستخدم الملف للقدح السياسي... ومنح أهلهم أملاً بعودتهم، فهذا غير صحيح".
تصريح الحلبوسي يشكل اعترافاً رسمياً من مسؤول عراقي بتصفية ما بين 18و22 ألف عراقي من مدن شمالي وغربي العراق
تصريح الحلبوسي هو الأول من نوعه الذي يتناول قضية آلاف المغيبين العراقيين الذين جرى اقتيادهم من قبل مليشيات مسلحة بين 2014 و2016، إبان نزوحهم من مناطقهم التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، كما أنه اعتراف رسمي من مسؤول عراقي بتصفية ما بين 18 و22 ألف عراقي من مدن شمالي وغربي العراق، اقتيدوا إلى أماكن مجهولة بعد عزلهم عن عوائلهم خلال رحلة نزوحهم إلى مناطق خارج العمليات العسكرية التي كانت تدور ضد "داعش".
وتُوجَّه اتهامات لمليشيات عدة بالوقوف وراء تغييب هؤلاء، أبرزها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وبدر، وسيد الشهداء، والإمام علي، والخراساني، ورساليون، والنجباء، وجماعات مسلحة أخرى.
وعقب تصريحات الحلبوسي، شنّت منصات إعلامية مرتبطة بفصائل مسلحة، أبرزها جماعتا "كتائب حزب الله" العراقية و"عصائب أهل الحق"، هجوماً حاداً عليه. وقالت قناة "صابرين نيوز"، على منصة "تليغرام"، تعليقاً على إعلان الحلبوسي: "لا تتعجب بالحديث عن المغيبين، نعم فصيل وحده واجهه 15 ألف تكفيري"، في إشارة إلى المغيبين الذين وصفتهم بالقول "صاروا علينا مغيبين".
واعتبر المقرب من جماعة "عصائب أهل الحق" أحمد عبد السادة إعلان الحلبوسي بأنه للتغطية على تورطه بملفات فساد، ووصف المغيبين بأنهم "إرهابيون"، وأن طرح الحلبوسي هو من أجل "رفع رصيده السياسي والشعبي في الوسط السنّي وللتغطية على فضيحة فساده المقبلة التي سيعتبرها استهدافاً له بسبب تبنيه قضايا السنّة".
إعلان رسمي بالإعدام
في المقابل، أصدر مرصد "أفاد" لحقوق الإنسان في العراق بياناً اعتبر فيه حديث الحلبوسي "إعلاناً رسمياً بإعدامهم على يد المليشيات المسلحة خلال عمليات طرد تنظيم داعش في العراق". وأضاف البيان أن "مرصد أفاد يتساءل عن هوية تلك المليشيات التي مارست عمليات الإعدام للآلاف من المدنيين الأبرياء في تلك المناطق".
وتساءل المرصد: "أين القضاء العراقي من تلك الجرائم التي ترقى إلى عمليات تطهير عرقي حيث لم يعد خافياً في العراق أن عمليات طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدن شمال وغرب البلاد رافقتها عمليات انتقامية تجاه السكّان".
نائب في البرلمان عن حزب "تقدم"، الذي يتزعمه الحلبوسي، قال إن "الجميع يعرف أنهم ميتون، لكن منذ سنوات لا أحد يجرؤ على مصارحة الناس، خصوصاً زوجات وأمهات وأطفال الضحايا، وكان هناك استغلال انتخابي غير أخلاقي من بعض الكتل السياسية السنية لهذا الملف".
وأضاف النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "التحقيقات تؤكد تصفيتهم في الأيام الأولى لاختطافهم، وجرى إعدامهم في مناطق مختلفة".
ولفت إلى أنه "في الفترات الماضية، كانت هناك بوادر لفتح المدن التي تسيطر عليها بعض الفصائل المسلحة كبداية لمعرفة مصير المختطفين، لكن حتى هذا الأمل تلاشى أمام إصرار الفصائل على عدم الانسحاب من تلك البلدات"، وختم بالقول: "نحاول الآن تحصيل حقوق لذويهم. هذا كل ما لدينا، لأن الجهة التي غدرتهم معروفة وهي أقوى من الدولة".
من جهته، أكد النائب العراقي عن تحالف "السيادة" رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، أن "القوى السياسية جميعها كانت قد اتفقت ضمن تحالف (إدارة الدولة)، على فتح هذا الملف وإنهائه كما ينبغي أن يكون في حكومة محمد شياع السوداني".
وأشار الدهلكي إلى أن "هذه من الشروط التي طرحها تحالف السيادة، باعتبار أنها مسألة عراقية وتخص آلاف العراقيين من جهة، وأن معظم المغيبين أو المغدورين هم من مناطق شمال وغرب العراق التي ينتمي إليها معظم أعضاء التحالف من جهة ثانية".
وفي تأكيد آخر منه على قتل المختطفين جميعهم، قال الدهلكي إن "التحالف لا يزال يتابع هذا الملف حتى يصل به إلى نتائج جيدة، كما أن الهدف الحالي (للتحالف) هو تعويض ذوي الضحايا بكل أشكال الدعم".
من جهته، لفت القيادي في تحالف "عزم" حيدر الملا إلى أن "معظم القوى الوطنية تدعم فتح ملف المغيبين، لا سيما بعد مرور نحو 8 سنوات على عدم معرفة مصيرهم، وكانت هذه النقطة هي الأبرز في مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية".
واعتبر الملا في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "رئيس الحكومة الحالي يبدو أنه جاد في حسم هذا الملف، لكن هناك حاجة ملحّة لمزيدٍ من القوة لهذه الحكومة، لأن هذا الملف بالتحديد يمثل خطراً استراتيجياً لجماعات مسلحة تقع في دائرة الاتهام بما يتعلق بتغييب عشرات الآلاف من العراقيين".
في المقابل، فإن القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، النائب كريم عليوي، اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الأحزاب تعمل على التلاعب بملف المغيبين، وتقوم بإبرازه لفترة ثم طمسه، وهو لا يعدو كونه ورقة انتخابية وسياسية تريد أن تطرحها القوى السياسية".
وشدّد عليوي على أن "الفصائل المسلحة والحشد الشعبي ليست لديها أي علاقة بملف المغيبين"، واتهم بعض القوى السياسية بأنها "تسيء إلى الحشد الشعبي عبر اتهامها بتغييب العراقيين من المدن المحررة".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت في تقرير لها، منتصف مايو/ أيار 2020، جماعات مسلحة ضمن "الحشد الشعبي" بالوقوف وراء عمليات الاختطاف والتغييب القسري التي تعرض لها سكان مناطق شمال وغرب العراق الفارين من المعارك.
وقالت إن تلك القوات أوقفت الرجال والفتيات في 78 نقطة تفتيش كجزء من إجراءات مكافحة الإرهاب، وجميع حالات الإخفاء حدثت عند نقاط التفتيش تلك. ونقل التقرير عن ذوي الضحايا شهادات بشأن كيفية عزل تلك القوات الرجال والفتيان عن النساء واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، مؤكدة أن بلد، شمالي الفلوجة، سجل فيها اختطاف مئات الرجال وفقاً لهذا الطريقة.
وفي وقت سابق، اعتبر زعيم حزب "المشروع الوطني" العراقي جمال الضاري أن استمرار تجاهل ملف الاختفاء القسري للعراقيين يؤكد "ضرورة تدويل القضية".
وأوضح الضاري في بيان له في يونيو/ حزيران الماضي، أن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير حول جريمة الاختفاء القسري لعدد كبير من العراقيين وتجاهل الحكومات المتعاقبة لهذا الملف، يؤكد ضرورة تدويل جرائم الإبادة التي تمارسها جهات إرهابية"، وأضاف أنه "على الرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على هذه الأفعال، تبقى الحكومة صامتة وجرائم الاغتيال والخطف والاستيلاء على جرف الصخر مستمرة".
وتعليقاً على هذه التطورات، أشار الباحث في الشأن السياسي كتاب الميزان إلى أن "من الضروري أن يبدأ ذوو الضحايا والمختطفين والمغيبين، أو المغدورين كما سماهم الحلبوسي، بتقديم شكاوى شخصية في عموم محاكم ومراكز الشرطة في العراق، والإبلاغ عن اختفاء أبنائهم وتسجيل دعاوى اختطاف والتحدث عبر الإعلام عن تغييبهم قسراً في كل محافظة، لا سيما أن إعلان الحلبوسي ليس موقفاً أو وجهة نظر سياسية، بل إنه يمثل معلومة رسمية".
ولفت الميزان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "فتح تحقيق بخصوص المغدورين سيفتح أبواباً خطيرة للتحقيق والكشف عن الجهات التي غيبتهم لسنين وشاركت بإعدامهم، ولا بد من محاسبة هؤلاء"، وتوقع "أن نشهد مرحلة صدام بين الحكومة والمليشيات المتهمة بقتل آلاف العراقيين خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش".