رويترز
قال علماء إن عصر الفايكنج، الذي امتد من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر الميلادي، ترك علامة دائمة على السمات الوراثية للإسكندنافيين المحدثين، ورصد العلماء أيضاً التأثير الجيني الكبير للنساء اللائي وصلن إلى المنطقة في غمرة غزوات الإسكندنافيين لأوروبا.

واستكشفت دراسة نُشرت، الخميس، الحراك الوراثي لشعوب النرويج والسويد والدنمارك، الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام استناداً إلى 297 تسلسلاً وراثياً من رفات بشرية قديمة، وبيانات من 16 ألفاً و638 رجلاً وامرأة من الدول الإسكندنافية الحديثة.

وقدمت النتائج رؤية لأنماط الهجرة وحركة السمات الوراثية خلال عصر الفايكنج، حين أبحر سكان الدول الإسكندنافية قديماً على متن سفن خشبية طويلة، وغزوا ونهبوا مناطق واسعة، بل وصلوا إلى أميركا الشمالية.

ووجدت الدراسة أن الإناث من منطقة شرق البلطيق، وبدرجة أقل من الجزر البريطانية والأيرلندية، ساهمن في الحصيلة الوراثية في الدول الاسكندنافية أكثر من مساهمة الذكور من هذه المناطق خلال هذه الفترة.

وقال عالم الآثار الجزيئي، ريكاردو رودريجيز-فاريلا، من مركز جامعة ستوكهولم لعلم الوراثة القديمة، وهو رئيس فريق مؤلفي الدراسة المنشورة في مجلة "سل"، إنه "ليس لدينا طريقة لمعرفة عدد النساء المشاركات أو إذا كان تواجد هؤلاء النساء من أصول شرق البلطيق، ومن بريطانيا وأيرلندا في الدول الاسكندنافية طوعاً أو كرهاً".

ورصد المؤرخون اتجار الفايكنج في الرقيق حين غزا البحارة مناطق واسعة، وطوروا شبكات تجارية واسعة النطاق.

وأضاف أندرس جوثرستروم، عالم الآثار الجزيئي في مركز علم الوراثة القديمة والمؤلف المشارك في الدراسة أن "العبيد مجموعة واحدة، من عدة مجموعات، يمكنها أن تفسر الأنماط. نحن ببساطة لا نعرف بالضبط من هم هؤلاء الأشخاص".

الفايكنج أول من زاروا 4 قارات

وامتد عصر الفايكنج من نحو عام 750 إلى عام 1050 ميلادياً. وكان الحدث المبكر المهم هو غارة الفايكنج المدمرة في عام 793 على دير مسيحي في جزيرة ليندسفارن الإنجليزية، وهجمات لاحقة على مواقع كثيرة مثل باريس والقسطنطينية، وعلاقات تجارية امتدت حتى الشرق الأوسط.

وأظهرت الدراسة أن الأصل البريطاني الأيرلندي كان واسع النطاق في الدول الاسكندنافية في بداية عصر الفايكنج. وأصول منطقة بحر البلطيق الشرقية التي تضم ليتوانيا الحديثة وأجزاء من غرب روسيا، وربما أوكرانيا، تم العثور عليها متركزة في وسط السويد وفي جوتلاند، أكبر جزيرة في السويد. وأصول مناطق جنوب أوروبا مثل سردينيا تركزت في سكان جنوب الدول الإسكندنافية.

وقال رودريجيز فاريلا: "يرتبط عصر الفايكنج بزيادة ملحوظة في حركة السلع والعادات والتكنولوجيا والشعوب من وإلى الدول الإسكندنافية".

وأضاف جوثرستروم: "أسست المجتمعات الإسكندنافية التي كانت وثنية في البداية لكنها أصبحت مسيحية في النهاية، اقتصادها على المزارع الصغيرة والتجارة الداخلية والخارجية والنهب. وكان الفايكنج أول من زاروا أربع قارات".

واتضح أن المساهمة الوراثية للغرباء تضاءلت في الدول الاسكندنافية بعد عصر الفايكنج.

وكتب الباحثون أن النتائج التي خلصوا لها قدمت "دليلاً مبدئياً على أن التدفق الوراثي إلى الدول الاسكندنافية من سلالات شرق بحر البلطيق، وبدرجة أقل، من السلالة البريطانية الأيرلندية، كان متحيزاً للنساء".

وقال رودريجيز فاريلا إن "ازدياد أصول شرق البلطيق في هذه المناطق خلال عصر الفايكنج، يتوافق مع المصادر التاريخية التي تشهد على اتصالات مثل علاقات التبعية والمعاهدات. ولذا، لا نرى أي دليل في البيانات الحالية يدعم خطف النساء وإحضارهن أثناء الغارات".

وأضاف الباحثون أن الرجال الذين عملوا كمبشرين مسيحيين أو رهبان، ربما وصلوا أيضاً إلى الدول الإسكندنافية خلال هذه الفترة، لكن ربما لم يساهموا كثيراً في حصيلة بيانات السمات الوراثية.

ويرجع تاريخ أقدم التسلسلات الوراثية القديمة المستخدمة في الدراسة إلى القرن الأول الميلادي، ويعود الأحدث إلى القرن التاسع عشر. وبعض التسلسلات الوراثية القديمة مستقاة من أشخاص ماتوا على متن السفينة الحربية السويدية الكبيرة كرونان التي غرقت في معركة عام 1676.

واستقيت تسلسلات أخرى من ساندباي بورج، وهي قلعة في جزيرة أولاند السويدية، التي شهدت مذبحة في القرن الخامس، واستمد بعضها أيضاً من رفات بشرية داخل مدافن رمزية لسفن الفايكنج.

وقال جوثرستروم: "كان الفايكنج مجموعة مثيرة للاهتمام من الناس، عاشوا قرنين ونصف القرن وكان لهم تأثير على العالم على نحو ما زلنا بحاجة إلى فهمه".