تلفزيون الشرق
قبل أكثر من 40 عاماً، بدأ العالم الأمريكي ستيفن مايفيلد دراسة إمكانية استخدام الطحالب على نطاق واسع كغذاء لملايين البشر. والآن، يؤكد مايفيلد الذي يشغل منصب مدير مركز التكنولوجيا الحيوية للطحالب التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييجو، أن الحل الأبسط والأسهل لأزمة الغذاء العالمية، الحالية والمستقبلية، هو تناول تلك الكائنات.
ويؤكد الفريق البحثي الذي يرأسه مايفيلد، في دراسة نُشرت بدورية "فرونتير"، أن الطحالب الدقيقة يمكن أن تكون مستقبل "الغذاء الخارق" المستدام في عالم سريع التغير.
أزمة الجوع
يُعرَّف الغذاء الخارق بكونه طعاماً غني بالمركبات المفيدة، مثل مضادات الأكسدة أو الألياف أو الأحماض الدهنية، والتي تعتبر مفيدة لصحة الإنسان. يوفر ذلك النوع من الغذاء مستويات عالية من العناصر الغذائية المرغوبة، المرتبطة بتعزيز الصحة الشخصية والعافية أو منع الأمراض، وهي مميزات تتواجد "بوفرة" في الطحالب، حسبما قال مايفيلد في تصريحات لـ"الشرق".
وفي عام 2022، قدم تقرير للأمم المتحدة حقائق مُفزعة حول انعدام الأمن الغذائي. يقول ذلك التقرير إن أكثر من 828 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2021، بزيادة قدرها 46 مليون شخص عن عام 2021. تلك الزيادة من المرجح أن تستمر خلال السنوات المقبلة بسبب الضغوط الشديدة التي تواجه ممارسات الإنتاج الزراعي والغذائي، والتي يفرضها تغير المناخ والتزايد المطرد في عدد سكان كوكب الأرض.
ومنذ الآلاف السنين، تم زراعة كل من أشكال الطحالب الكبيرة (الأعشاب البحرية وعشب البحر) والميكرو (أحادية الخلية) من الطحالب كمصدر للغذاء. وتطورت الطحالب لتكون عالية الكفاءة في استخدام الموارد وأثبتت أنها مصدر حيوي للكتلة الحيوية المغذية التي يمكن أن تعالج العديد من قضايا إنتاج الغذاء الحالية.
مصدر غذائي أكثر كفاءة
في الدراسة الجديدة، حدد الباحثون مجموعة من المزايا البيئية والغذائية للطحالب، فضلاً عن التحديات التقنية والاقتصادية لتوسيع نطاق الإنتاج، إذ يقولون أن الطحالب يمكن أن تكون نوعاً جديداً من الأطعمة الفائقة بفضل محتواها العالي من البروتين والتغذية.
وعلى الرغم من أن الطحالب تُدرس منذ فترة طويلة كمصدر للوقود الحيوي بفضل محتواها العالي من الدهون، فإنها تجذب أيضاً اهتمام الباحثين بسبب قدرتها على أن تكون مصدراً غذائياً أكثر كفاءة.
على سبيل المثال، وجدت دراسة في عام 2014 استشهد بها مايفيلد في الورقة البحثية الحالية، أن الطحالب يمكن أن تنتج 167 مرة من الكتلة الحيوية المفيدة أكثر من الذرة سنوياً أثناء استخدام نفس المساحة من الأرض.
وتتنبأ نماذج أخرى بأن سلالات الطحالب الحالية يمكن أن تحل محل 25% من استهلاك البروتين الأوروبي و50% من إجمالي استهلاك الزيوت النباتية عند زراعتها في الأراضي المتاحة التي لا تستخدم حالياً للمحاصيل التقليدية.
الميزة الأكبر
وهنا، تبرز "الميزة الأكبر" لتلك الكائنات والمتعلقة بإنتاج البروتين المُنتجَة لكل فدان. فـ"الطحالب تقزم ببساطة المعيار الذهبي الحالي لفول الصويا بما لا يقل عن 10 مرات، وربما 20 مرة، زيادة لإنتاج البروتين لكل فدان".
بالإضافة إلى ذلك، يمكن زراعة بعض أنواع الطحالب في المياه قليلة الملوحة أو المالحة، وفي بعض الأحيان في مياه الصرف الصحي، مما يعني أنه يمكن الاحتفاظ بالمياه العذبة لاحتياجات أخرى.
أما من الناحية الغذائية، فإن العديد من أنواع الطحالب غنية بالفيتامينات والمعادن وخاصة المغذيات الكبيرة المقدار الأساسية للنظام الغذائي البشري، مثل الأحماض الأمينية وأحماض أوميجا 3 الدهنية.
وأضاف مايفيلد في تصريحاته لـ"الشرق"، أن العالم يحتاج إلى مصادر جديدة أكثر إنتاجاً للغذاء، وخاصة البروتين والأحماض الدهنية الأساسية "ببساطة توفر الطحالب هذه الفرصة".
تحديات الإنتاج
لكن، لا يزال هناك العديد من التحديات القائمة، بدءاً من إيجاد أو تطوير سلالات الطحالب التي تتحقق من جميع المعايير، مثل الإنتاجية عالية من الكتلة الحيوية، ومحتوى عالي من البروتين، وظروف النمو الأكثر كفاءة من حيث استخدام الأراضي، ومتطلبات المياه، ومدخلات المغذيات.
في الورقة، يصف مايفيلد وفريقه مجموعة من الأدوات العلمية المختلفة المتاحة لإنتاج أكثر الصفات المرغوبة لمنتج طحالب صالح تجارياً.
على سبيل المثال، وصفت إحدى التجارب المنشورة سابقاً تعزيز مادة "الأستازانتين" وهي صبغة مضادة للأكسدة ثبت أن لها فوائد صحية مختلفة، من خلال عمل طفرات جينية في أنواع مُحددة من الطحالب.
وفي تجربة أخرى، حصل الباحثون على زيادة في محصول الكتلة الحيوية ومحتوى البروتين لسلالة طحالب مختلفة، خاصة عند زراعتها في عصير ذرة حلو بسيط ومنخفض التكلفة.
وبالتالي، فإن الاستخدام التجاري لمحصول طحالب يجب أن يشمل مزيجاً من التربية التقليدية والهندسة الجزيئية. وهذه هي الطريقة التي يتم بها تطوير المحاصيل الحديثة، لذا فهذه هي الطريقة التي سيتم بها تطوير الطحالب. يقول مايفيلد إن "كلاهما نباتان، أحدهما أرضي والآخر مائي".
عوائد أخرى
التغذية والعائد ليسا الاعتبارين الوحيدين، فقد قد تكون هناك حاجة إلى بعض التغيير والتبديل في اللون والذوق وتقليل تلك الرائحة السمكية المميزة لجذب بعض المستهلكين.
وقد أظهرت تجارب أخرى بالفعل القدرة على تعديل هذه الصفات الحسية مع تعزيز محتوى البروتين في سلالات جديدة من الطحالب.
ويقول الباحثون إن التحدي الأكبر الذي يواجه التنمية التجارية ليس بالضرورة علمياً أو تقنياً أو جمالياً. بل القدرة على توسيع نطاق الإنتاج عالمياً.
لكن الحاجة إلى أنظمة غذائية بديلة، أصبح الأمر الأكثر الحاحاً، بسبب تضخم عدد السكان، مما يدفع الموارد والأنظمة إلى نقطة الانهيار.
تكاليف أكبر
مايفيلد أشار في تصريحاته لـ"الشرق"، إلى أن فوائد تناول الطحالب تتخطى صحة البشر لتصل إلى "صحة الكوكب". لأن الطحالب كغذاء سيقلل من الحاجة إلى قطع الغابات المطيرة أو استخدام مياه الشرب لإنتاج طعام إضافي.
ولا توجد مخاطر لاستهلاك ذلك النوع من الطحالب، حسبما يؤكد مايفيلد، الذي لفت إلى أنه "تم تناولها لعدة قرون في ثقافات مختلفة".
وبالنسبة لتكاليف وجبة من الطحالب، يعترف مايفيلد أن التكلفة اليوم أعلى من بروتين الصويا لنفس عدد السعرات "ولكن مع زيادة الإنتاج، ستنخفض هذه التكلفة بسرعة وستصبح الطحالب في النهاية أرخص غذاء متاح، لأنها أكثر إنتاجية بكثير من المحاصيل العادية، مثل فول الصويا والذرة أو الأرز".
"عرفنا منذ عقود أن الطحالب تنمو أسرع بكثير من المحاصيل الغذائية التقليدية، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، أثبتنا أن الطحالب تنتج طعاماً مغذياً للغاية، مع نسبة عالية من البروتين والمعادن الأساسية والأحماض الدهنية والفيتامينات"، وفق مايفيلد الذي أكد أنه "حان الوقت لابتكار طرق جديدة أكثر كفاءة لإطعام 8 مليارات فم على هذا الكوكب".
قبل أكثر من 40 عاماً، بدأ العالم الأمريكي ستيفن مايفيلد دراسة إمكانية استخدام الطحالب على نطاق واسع كغذاء لملايين البشر. والآن، يؤكد مايفيلد الذي يشغل منصب مدير مركز التكنولوجيا الحيوية للطحالب التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييجو، أن الحل الأبسط والأسهل لأزمة الغذاء العالمية، الحالية والمستقبلية، هو تناول تلك الكائنات.
ويؤكد الفريق البحثي الذي يرأسه مايفيلد، في دراسة نُشرت بدورية "فرونتير"، أن الطحالب الدقيقة يمكن أن تكون مستقبل "الغذاء الخارق" المستدام في عالم سريع التغير.
أزمة الجوع
يُعرَّف الغذاء الخارق بكونه طعاماً غني بالمركبات المفيدة، مثل مضادات الأكسدة أو الألياف أو الأحماض الدهنية، والتي تعتبر مفيدة لصحة الإنسان. يوفر ذلك النوع من الغذاء مستويات عالية من العناصر الغذائية المرغوبة، المرتبطة بتعزيز الصحة الشخصية والعافية أو منع الأمراض، وهي مميزات تتواجد "بوفرة" في الطحالب، حسبما قال مايفيلد في تصريحات لـ"الشرق".
وفي عام 2022، قدم تقرير للأمم المتحدة حقائق مُفزعة حول انعدام الأمن الغذائي. يقول ذلك التقرير إن أكثر من 828 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2021، بزيادة قدرها 46 مليون شخص عن عام 2021. تلك الزيادة من المرجح أن تستمر خلال السنوات المقبلة بسبب الضغوط الشديدة التي تواجه ممارسات الإنتاج الزراعي والغذائي، والتي يفرضها تغير المناخ والتزايد المطرد في عدد سكان كوكب الأرض.
ومنذ الآلاف السنين، تم زراعة كل من أشكال الطحالب الكبيرة (الأعشاب البحرية وعشب البحر) والميكرو (أحادية الخلية) من الطحالب كمصدر للغذاء. وتطورت الطحالب لتكون عالية الكفاءة في استخدام الموارد وأثبتت أنها مصدر حيوي للكتلة الحيوية المغذية التي يمكن أن تعالج العديد من قضايا إنتاج الغذاء الحالية.
مصدر غذائي أكثر كفاءة
في الدراسة الجديدة، حدد الباحثون مجموعة من المزايا البيئية والغذائية للطحالب، فضلاً عن التحديات التقنية والاقتصادية لتوسيع نطاق الإنتاج، إذ يقولون أن الطحالب يمكن أن تكون نوعاً جديداً من الأطعمة الفائقة بفضل محتواها العالي من البروتين والتغذية.
وعلى الرغم من أن الطحالب تُدرس منذ فترة طويلة كمصدر للوقود الحيوي بفضل محتواها العالي من الدهون، فإنها تجذب أيضاً اهتمام الباحثين بسبب قدرتها على أن تكون مصدراً غذائياً أكثر كفاءة.
على سبيل المثال، وجدت دراسة في عام 2014 استشهد بها مايفيلد في الورقة البحثية الحالية، أن الطحالب يمكن أن تنتج 167 مرة من الكتلة الحيوية المفيدة أكثر من الذرة سنوياً أثناء استخدام نفس المساحة من الأرض.
وتتنبأ نماذج أخرى بأن سلالات الطحالب الحالية يمكن أن تحل محل 25% من استهلاك البروتين الأوروبي و50% من إجمالي استهلاك الزيوت النباتية عند زراعتها في الأراضي المتاحة التي لا تستخدم حالياً للمحاصيل التقليدية.
الميزة الأكبر
وهنا، تبرز "الميزة الأكبر" لتلك الكائنات والمتعلقة بإنتاج البروتين المُنتجَة لكل فدان. فـ"الطحالب تقزم ببساطة المعيار الذهبي الحالي لفول الصويا بما لا يقل عن 10 مرات، وربما 20 مرة، زيادة لإنتاج البروتين لكل فدان".
بالإضافة إلى ذلك، يمكن زراعة بعض أنواع الطحالب في المياه قليلة الملوحة أو المالحة، وفي بعض الأحيان في مياه الصرف الصحي، مما يعني أنه يمكن الاحتفاظ بالمياه العذبة لاحتياجات أخرى.
أما من الناحية الغذائية، فإن العديد من أنواع الطحالب غنية بالفيتامينات والمعادن وخاصة المغذيات الكبيرة المقدار الأساسية للنظام الغذائي البشري، مثل الأحماض الأمينية وأحماض أوميجا 3 الدهنية.
وأضاف مايفيلد في تصريحاته لـ"الشرق"، أن العالم يحتاج إلى مصادر جديدة أكثر إنتاجاً للغذاء، وخاصة البروتين والأحماض الدهنية الأساسية "ببساطة توفر الطحالب هذه الفرصة".
تحديات الإنتاج
لكن، لا يزال هناك العديد من التحديات القائمة، بدءاً من إيجاد أو تطوير سلالات الطحالب التي تتحقق من جميع المعايير، مثل الإنتاجية عالية من الكتلة الحيوية، ومحتوى عالي من البروتين، وظروف النمو الأكثر كفاءة من حيث استخدام الأراضي، ومتطلبات المياه، ومدخلات المغذيات.
في الورقة، يصف مايفيلد وفريقه مجموعة من الأدوات العلمية المختلفة المتاحة لإنتاج أكثر الصفات المرغوبة لمنتج طحالب صالح تجارياً.
على سبيل المثال، وصفت إحدى التجارب المنشورة سابقاً تعزيز مادة "الأستازانتين" وهي صبغة مضادة للأكسدة ثبت أن لها فوائد صحية مختلفة، من خلال عمل طفرات جينية في أنواع مُحددة من الطحالب.
وفي تجربة أخرى، حصل الباحثون على زيادة في محصول الكتلة الحيوية ومحتوى البروتين لسلالة طحالب مختلفة، خاصة عند زراعتها في عصير ذرة حلو بسيط ومنخفض التكلفة.
وبالتالي، فإن الاستخدام التجاري لمحصول طحالب يجب أن يشمل مزيجاً من التربية التقليدية والهندسة الجزيئية. وهذه هي الطريقة التي يتم بها تطوير المحاصيل الحديثة، لذا فهذه هي الطريقة التي سيتم بها تطوير الطحالب. يقول مايفيلد إن "كلاهما نباتان، أحدهما أرضي والآخر مائي".
عوائد أخرى
التغذية والعائد ليسا الاعتبارين الوحيدين، فقد قد تكون هناك حاجة إلى بعض التغيير والتبديل في اللون والذوق وتقليل تلك الرائحة السمكية المميزة لجذب بعض المستهلكين.
وقد أظهرت تجارب أخرى بالفعل القدرة على تعديل هذه الصفات الحسية مع تعزيز محتوى البروتين في سلالات جديدة من الطحالب.
ويقول الباحثون إن التحدي الأكبر الذي يواجه التنمية التجارية ليس بالضرورة علمياً أو تقنياً أو جمالياً. بل القدرة على توسيع نطاق الإنتاج عالمياً.
لكن الحاجة إلى أنظمة غذائية بديلة، أصبح الأمر الأكثر الحاحاً، بسبب تضخم عدد السكان، مما يدفع الموارد والأنظمة إلى نقطة الانهيار.
تكاليف أكبر
مايفيلد أشار في تصريحاته لـ"الشرق"، إلى أن فوائد تناول الطحالب تتخطى صحة البشر لتصل إلى "صحة الكوكب". لأن الطحالب كغذاء سيقلل من الحاجة إلى قطع الغابات المطيرة أو استخدام مياه الشرب لإنتاج طعام إضافي.
ولا توجد مخاطر لاستهلاك ذلك النوع من الطحالب، حسبما يؤكد مايفيلد، الذي لفت إلى أنه "تم تناولها لعدة قرون في ثقافات مختلفة".
وبالنسبة لتكاليف وجبة من الطحالب، يعترف مايفيلد أن التكلفة اليوم أعلى من بروتين الصويا لنفس عدد السعرات "ولكن مع زيادة الإنتاج، ستنخفض هذه التكلفة بسرعة وستصبح الطحالب في النهاية أرخص غذاء متاح، لأنها أكثر إنتاجية بكثير من المحاصيل العادية، مثل فول الصويا والذرة أو الأرز".
"عرفنا منذ عقود أن الطحالب تنمو أسرع بكثير من المحاصيل الغذائية التقليدية، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، أثبتنا أن الطحالب تنتج طعاماً مغذياً للغاية، مع نسبة عالية من البروتين والمعادن الأساسية والأحماض الدهنية والفيتامينات"، وفق مايفيلد الذي أكد أنه "حان الوقت لابتكار طرق جديدة أكثر كفاءة لإطعام 8 مليارات فم على هذا الكوكب".