إرم نيوز
"الحكامة" مصطلح شعبي دارج في السودان، ويطلق على المرأة التي تكون في العادة شاعرة ومغنية شعبية، تخلب بأشعارها ألباب الرجال، فتقودهم إلى المهالك، تحت تأثير نشوة الحماسة أو الغضب أو غيرها من المشاعر.

آخر ضحايا "الحكامات" شاب في مقتبل العمر، سدد لنفسه عدة طعنات بآلة حادة، فمات متأثراً بجراحه، وذلك بعدما قللت إحدى "الحكامات" من شأنه خلال حفل زفاف، فأشعرته بإهانة بالغة لم يحتمل بعدها الحياة.



ووقعت الحادثة أمس الأول "الجمعة" في ولاية شرق دارفور، غرب السودان، أثناء "رقصة النقارة" الشعبية لقبيلة "الرزيقات"، حيث وقف الشاب على صهوة جواده أمام إحدى "الحكامات" طالباً منها الرقص وفقًا لما هو متعارف عليه، لكنها رفضت، مما أشعره بالإهانة فسدد لنفسه ثلاث طعنات قاتلة، بحسب موقع "دارفور 24".

المغنية والشاعرة الشعبية "الحكامة" تمتلك سطوة مجتمعية "أقوى من القانون"، وما تقوله وتفعله يعد من المسلمات وسط المجتمع

الصحفي بولاية شرق دارفور، محمد صالح البشر


وفي العادة لا ترفض "الحكامة" الرقص إلا مع من تلاحقه العيوب، مثل أن يتصف الشخص بـ "الجبن، أو البخل، أو الخوف، أو أن يكون لصاً"، وستلاحق هذه الصفات أي شخص رفضت "الحكامة" الرقص معه حتى ولو لم تكن فيه.

يقول المراسل الصحفي بولاية شرق دارفور، محمد صالح البشر، لـ "إرم نيوز" إن المغنية والشاعرة الشعبية "الحكامة" تمتلك سطوة مجتمعية أقوى من القانون، مشيراً إلى أن ما تقوله وتفعله يعد من المسلمات وسط المجتمع.

وأضاف البشر أنها "يمكن أن ترفع مكانة من تمتدحه، وتحط من قدر من تهجوه"، مشيراً إلى أن "الجميع يضع لها مكانة تضاهي المسؤولين بالدولة".



وحول الواقعة الأخيرة لانتحار الشاب، بسبب رفض إحدى "الحكامات" الرقص معه، يقول محمد صالح البشر، إنه "لو لم يمت كان سيكون منبوذاً ويتحتم عليه التعايش مع العار الذي سيلاحقه، لأن العادة جرت أن الحكامة لا ترفض الرقص إلا لمن به عيب".

"الحكامة" كان لها دور سلبي في تأجيج الصراعات القبلية بإقليم دارفور، حيث دفعت بـ"أشعارها" الرجال إلى حروب ثأرية وصلت حتى بطون القبيلة الواحدة

وأوضح أن الشاب المتوفى كان صغير السن لا يتجاوز عمره 18 عاماً، وقد تجاهلته "الحكامة" لهذا السبب، ولكنه فاجأ الجميع بردة الفعل العنيفة.

ومن العادات الشعبية في "رقصة النقارة" التي يذخر بها تراث قبيلة الرزيقات في غرب السودان، أن تجد الفتيات يرقصن مع الشباب على وقع النقارة والأغاني الموسيقية الموزونة التي يرددها الجميع.

يشار إلى أن "الحكامة" كان لها دور سلبي في تأجيج الصراعات القبلية بإقليم دارفور، حيث دفعت بـ"أشعارها" الرجال إلى حروب ثأرية وصلت حتى بطون القبيلة الواحدة، وسط مجتمع يوصف بأنه "يعاني الجهل".

وفي أجواء الحرب تشدو "الحكامة" بأشعار تحض قومها على الثأر ومواصلة الحرب لاستئصال شأفة العدو، لكن محمد صالح البشر، يبرئ "الحكامة" من التورط في تأجيج الحرب، ويقول إنها تتفاعل مع الأجواء السائدة إن كانت سلماً أو حرباً.

وأضاف أن "الحكامة"، تعمل فقط على "تعزيز القيم الحميدة في المجتمع كالشهامة، والفروسية، والكرم" وغيرها، بينما تخلق الحروب جهات أخرى تستغل "الحكامة" في تأجيجها، على حدّ قوله.