إن الاكتئاب مشكلة عالمية، حيث يعاني أكثر من 300 مليون شخص من الاكتئاب. ويعد الاكتئاب بمثابة إعاقة منذ قديم الأزمان.

لكن قبل وقت طويل من تأسيس الغرب لحضارته، جادل الباحث في القرن التاسع أبو زيد البلخي، في كتابه "الحفاظ على الجسد والروح"، قائلًا إن الاكتئاب ينجم عن اختلال التوازن في المواد الكيميائية في الدماغ. ودعا البلخي إلى علاج شامل لجميع تحديات الأمراض العقلية، ومن بينها الاكتئاب، بحسب ما ورد في تقرير نشره موقع Psychology Today.

ويقول الباحث عبد الرحمن بن دمنان، وهو طالب دكتوراه في جامعة مينيسوتا وعالم في المركز متعدد التخصصات للتغيير العالمي، في التقرير إنه يتعين البحث عن طرق شاملة للتعامل مع الاكتئاب من جميع أنحاء العالم، مستوحاة من الإرث الثقافي الشرقي.

واستشهد الباحث بن دمنان بكتابات العلامة أبو زيد البلخي، الملقب بـ"الجاحظ الثاني" هو أحد حكماء الإسلام وعلمائهم البارزين في الأدب والفقه والفلسفة. كان عالم موسوعي في علوم الطب والطب النفسي والرياضيات والجغرافيا. واستعرض التقرير ثلاث استراتيجيات متميزة للتعامل مع الاكتئاب، كما يلي:

1. تغيير البيئة المحيطة

يمكن أن يرتبط الاكتئاب بمكان وزمان معينين، ويمكن أن يكون الحل لهذا المأزق هو السفر والهجرة. يجبر الاكتئاب الشخص أحيانًا على فقدان الاهتمام بالحياة تمامًا. ولكن هناك طرق مختلفة للعيش. إذا كان العيش في مكان معين لا يساعد في الاكتئاب، فربما ينبغي التفكير مليًا في الانتقال. على سبيل المثال، إذا كان العيش في ثقافة حديثة وتنافسية مثل الولايات المتحدة يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب، فيمكن أن تكون الهجرة إلى الثقافة التقليدية والمجتمعية خيارًا مناسبًا لأن البيئات المتغيرة ستجبر المرء على رؤية الحياة من زاوية مختلفة، مما يمكن أن يساعد في علاج الاكتئاب.

2. تعلم لغة جديدة

إن اللغة هي مركز الفكر والعواطف. سيجبر تعلم لغة جديدة الشخص على رؤية العالم بشكل مختلف لأنه يجب عليه التعبير عن الأفكار والعواطف من خلال وسيلة مختلفة. إن تعلم لغة جديدة هو تدريب جيد للدماغ لأنه يوسع من نظرته للعالم ويؤدي لتغيير عملية تكوين النخاع في الدماغ.

يغير الاكتئاب كيفية نظر الشخص إلى العالم، ويؤدي إلى فقدان الاهتمام بالعديد من الأنشطة. إن تعلم لغة جديدة والعيش في ثقافة جديدة هو إعادة ابتكار للذات. إنها ممارسة جيدة. وعلى الرغم من أن تعلم لغة جديدة هو عملية غير مريحة، إلا أنه غالبًا ما يؤدي إلى نتائج مثمرة.

3. التغيير يبدأ من الداخل

يبدأ التغيير داخليًا ثم يتجلى خارجيًا. غالبًا ما يغير الاكتئاب بنية الدماغ، مما يتسبب في اختلالات كيميائية، مما يجعل الشخص يعاني من ألم لا يمكن تصوره. يعاني حوالي نصف المنتحرين من اكتئاب شديد.

ولكن يبدأ التغيير دائمًا من الداخل، وهو ما يمكن أن يمثل تحديًا لأن أحد أعراض الاكتئاب هو العجز المكتسب. إن الاكتئاب يلون تصورات الناس. ويجب كسر دورة السلوكيات الفاشلة المتكررة، حيث ينبغي على الفرد الشروع في تلك الإجراءات. إذا كرر الشخص نفس السلوك مرارًا وتكرارًا، فسيحصل على نفس النتائج المتكررة. لكن إذا لجأ إلى تجربة استراتيجيات جديدة، فربما يحقق انتصارات شخصية جديدة.