لم يكن عيد الجبور ذو الـ 15 ربيعا، صاحب الجسد النحيل والقامة القصيرة، يعلم شيئا عن ملامح حياته أثناء ذهابه إلى صفوف التجنيد في الجيش العربي الأردني، فالطفل جبور الذي التحق آنذاك بكتيبة الدروع والدبابات بشهادة ابتدائية، هو الآن دكتور في فلسفة الفقه.

ويؤكد عيد الجبور لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "فتيل التحول في حياته المهنية، بدأ مع عمله في كتيبة الدروع، فعجزه عن قراءة الأزرار الموجودة داخل الدبابات وجهله التام باللغة الإنجليزية، كان حافزه الأول لإكمال تعليمه".

ويروي الجبور الموقف الذي حسم هذه الرغبة في إكمال تعليمه، قائلا: "كنت ذات يوم متجه في رحلة خاصة لإحدى الدول، وكانت إحدى مضيفات الطائرة التي أركبها تحدث أطفالا بجانبي، وكان واضحا منها عدم رغبتها بأن أفهم ما تقوله للأطفال، وطلبت منهم الحديث باللغة الإنجليزية، قائلة (احكوا بالإنجليزي عشان ما يفهم اللي جنبكم)".

وأكد أن الأمر أشعره بالإحراج والانزعاج، لتبدأ هنا المرحلة الجديدة في حياته، قائلا: "بدأت في دراسة الثانوية العامة فور عودتي إلى الأردن".

واجتاز الجبور المرحلة الثانوية من المحاولة الأولى، عكس ما كان يتوقع كثير ممن أسر لهم، إلا أن معدله التراكمي لم يكن كافيا لدخوله المرحلة الجامعية، فأعاد المحاولة مرتين لرفع معدله.

"من خدمة العلم إلى خدمة القلم"

وبعد خدمة عسكرية امتدت 35 عاما برتبة مقدم، أعلن الجبور عن النهاية والبداية في آن واحد، فالنهاية كانت بخدمته العسكرية، والبداية هي المرحلة الجامعية، التي التحق لها في سن الـ50 ".

ويضيف: "بالتزامن مع دخولي الجامعة، كان نجلي الأكبر قد أتم تعليمه في تخصص الطب البشري وبدأ بمرحلة الاختصاص، فشكلنا حافزا لبعضنا البعض".

وحصل الجبور الأب على البكالوريوس في فلسفة الفقه وأصوله بـ3 سنوات وتقدير جيد جدا، والتحق بعدها مباشرة لإكمال مرحلتي الماجستير والدكتوراه واجتيازهما بتقدير امتياز.

صعوبات وتحديات

ويشير الجبور إلى أنه لا يمكن أن يقف أي عائق أمام الإنسان لتحقيق هدفه، لافتا إلى أهم التحديات التي واجهته في مسيرته التعليمية.

وأوضح أن "التعامل مع الكمبيوتر لم يكن بالأمر السهل في البداية"، مؤكدا أنه استطاع التغلب على هذا التحدي بمساعدة زوجة ابنه.

وتابع: "شكل كبر سني والمسؤوليات الملقاة على عاتقي تحد آخر، لكنني اجتزته ومضيت قدما نحو هدفي بدعم من زوجتي الأصيلة، وأبنائي والمجتمع المحلي".

واستشهد الجبور في ختام حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، بمثل شعبي أردني يقول: "الرجال يا من نزرة يا من هزرة"، أي أن الرجل أحيانا تحركه مواقف التندر والتنمر للنهوض للأفضل، تماما كما حصل معه في موقف المضيفة.

كما أكد على ضرورة أن "يحرص أي شخص على زيادة تعليمه ومخزونه الثقافي مهما كانت ظروفه معقدة، فالعلم لا أوان محدد له ليفوت".