شمال شرقي أم القرى مكة المكرمة وقريباً من عرفات، يقع وادٍ ليس كغيره من الأودية، فصدق أو لا تصدق، لم يبق من البشر منذ خلق آدم إلى قيام الساعة، إلا زار هذا الوادي.

إنه وادي نَعمان، الذي أخذ الله العهد على بني آدم بالإيمان به، حسب ما ورد في الحديث عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللَّهَ تعالى أخذَ الميثاقَ من ظَهرِ آدمَ عليهِ السَّلامُ بنعمانَ يومَ عرفةَ فأخرجَ من صلبِه كلَّ ذرِّيَّةٍ ذرأَها فنثرَها بينَ يديه ثمَّ كلَّمَهم قُبُلًا، قال: (ألست بربكم، قالوا.. بلى)".

نَعْمانُ أكبر أودية مكة المكرمة يقع بينها وبين مدينة الطائف، وينحدر بشكل مستقيم فيمر جنوب عرفة، وتتجه مياه الوادي غرباً إلى أن تصب في البحر الأحمر جنوب جدة، حسب "العربية نت".

يتمتع الوادي بطبيعة خلابة، ونسيم عليل، وغطاء نباتي متنوع تزينه أشجار الأراك والسمر والسدر والسلم والعشر، وقد تغنى باه الكثير من الشعراء في الجاهلية والإسلام.. فقد عبق الوادي بمسك زينب في شعر أبي حية النميري حين مرت به قال:

تضوَّع مسكاً بطنُ نَعْمان إذ مشتْ

به زينبٌ في نسوةٍ عطراتِ

وكم تذكر مجنون ليلى قيس بن الملوح في صفحة الوادي، محبوبته، ويبثه وساكنيه روائعه وأشجانه في حبها كقوله في قصيدته الشهيرة التي مطلعها:

تذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا

وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَّهوِ ناهِيا

أَلا أَيُّها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَّجوا

عَلَينا فَقَد أَمسى هَواناً يَمانِيا

أُسائِلُكُم هَل سالَ نَعمانُ بَعدَنا

وَحُبَّ إِلَينا بَطنُ نَعمانَ وادِيا

أَلا يا حَمامَي بَطنِ نَعمانَ هِجتُما

عَلَيَّ الهَوى لَمّا تَغَنَّيتُما لِيا

جبال وروافد

تصطف على طول الوادي عدة جبال منها.. وهو مخزن ضخم للمياه الجوفية، لكثرة روافده، ومن أبرزها وادي رهجان ووادي الضيقة ووادي علق ووادي الشري.

ومن أهم عيون المياه التي تتدفّق في وادي نعمان "عين زبيدة"، التي تتدفّق من جبل الكرا فتمر من عرفة إلى مكة المكرمة وصولاً إلى الفلج وعين العابدية التي تصل إلى جبل عرنة.