العربية
ظن كريستوفر كولومبوس حين وصل في 1492 إلى أميركا، أنه وجد الطريق إلى ما كان يسعى إليه، ومعروف وقتها بالهند الغربية. أما الإسبان الذين مولوا رحلته، فعلموا بعده أن ما وجده هو قارة، لا أحد من خارجها وطئ أرضها قبله على الإطلاق. إلا أن أدلة دامغة جديدة بدأت تظهر وتعزز القديمة، بإثبات أن "الفايكنغ" الاسكندنافيين سبقوه إلى أميركا بأكثر من 5 قرون.
الفايكنغ، المهرة ببناء السفن والإبحار، أسسوا بدءا من عام 985 ميلادي مستعمرات استمرت مئات السنين في Greenland الجزيرة الأكبر بالعالم، ثم غادروها مع الوقت، تاركين أطلالا فيها، بعضها من خشب أخضع العلماء المكتشف منه في 5 مواقع لتحليل مجهري جديد، أكد أن تلك المستعمرات لم تكن تستورد الأخشاب من شمال أوروبا فقط، بل من أميركا التي وصل الفايكنغ عام 1021 إلى سواحلها بكندا، على حد ما يعتقد العلماء الآن.
وكان عدد منهم حلل قبل عامين أخشاب موقع اسمه L'Anse aux Meadows المعروض فيديو عنه أعلاه، والموصوف منذ اكتشافه في 1960 بشمال جزيرة Newfoundland قرب ساحل كندا الشرقي، بأنه أشهر مستوطنة للفايكنغ في أميركا على الإطلاق، لما فيه من أدلة على وجود أوروبي في القارة قبل كولومبوس.
والشيء نفسه، ولكن بدليل دامغ أكثر، اتضح مجددا من تحليل مجهري لما كان في مستوطنات غرينلاند من أخشاب، تطرق إليها بحث قرأته "العربية.نت" في العدد الحالي من مجلة Antiquity البريطانية، وفيه أن الرحلات كانت تتم إلى الشمال الأميركي أثناء الاستيطان الإسكندنافي، للحصول منه على موارد، طوال مدة أكبر بكثير مما كان يعتقد في السابق.
خشب "جاك باين" الصنوبري
ذلك الخشب يعود إلى زمن كان معظم الأوروبيين يتساءلون فيه إذا كان عبور الأطلسي ممكنا، وما إذا كانت الصين أو الهند تقع على جانبه الآخر بأقصى غرب الأرض، في وقت كان الـ Vikings طوّافون بالفعل في المحيط عبر شبكات استيراد وتصدير قاموا بتطويرها من وإلى العالم الجديد، وهو ما يؤكده التحليل المجهري الجديد للهيكل الخليوي للخشب المتروك للآن في بقايا المستعمرات الاسكندنافية القديمة.
وأهم ما اكتشفه التحليل، هي أنواع الخشب وأجناسه، ومنه Hemlock المعروف عربيا باسم خشب "الشوكران" المتوافر في مناطق عدة بالعالم. ثم أكد التحليل الأهم، وهو وجود نوع لا يمكن أن يأتي إلا من شمال القارة الأميركية، حيث كندا وبعض الولايات المتحدة، لأن شجرته لا تنمو إلا بتربة ومناخات لا تتوافر إلا فيه، وهي Jack Pine الصنوبرية، لذلك ما إن ينتهي قارئ البحث من الإلمام بما فيه، إلا ويطرح سؤالا حاسما: من أين ذلك الخشب في غرينلاند قبل 500 عام من كولومبوس، إن لم يكن من أميركا؟