العين الاخبارية
من الوارد أن تتشابه الأحداث في بعض التفاصيل لكن أن يعيد التاريخ نفسه بفارق قرن كامل في تماهٍ غريب ومرعب فذلك ما يعجز العقل عن استيعابه.
مصادفات غريبة تقاطعت عندها حياة كل من الرئيسين الأمريكيين الراحلين إبراهام لينكولين وجون كينيدي، تعدت الخطوط الكبرى للتشابه بين سنوات الانتخاب سواء للكونغرس أو للرئاسة، إلى أحداث تجعل وكأن حياتهما كانت متطابقة لكن بفارق قرن.
تفاصيل دقيقة في حياة الرجلين وطريقة صعودهما للحكم واغتيالهما وحتى تفاصيل زوجاتهما وما حصل في آخر أيام حياتهما وملابسات نهايتهما وقاتليهما، جميعها تشابهت حد التماهي.
تشابه جعل البعض يعتنق نظرية التكرار التاريخي أو التاريخ يكرر نفسه، وهي العبارة المستخدمة للإشارة إلى تكرار الأحداث المتشابهة في التاريخ.
وطُبق مفهوم التكرار التاريخي بطرق شتى على التاريخ الإجمالي للعالم (قيام وسقوط الإمبراطوريات مثلا)، وعلى النماذج التكرارية في تاريخ كيان سياسي ما، وعلى أي حدثين محددين يحملان تشابهًا بارزا، لكن المفهوم يقف عاجزا أمام كم المصادفات حول الرئيسين الأمريكيين الراحلين.
نسخة بفارق قرن
وكأنهما شخص واحد في نسختين عاشت الأولى في القرن التاسع عشر والثانية في القرن العشرين، جمعتهما مصادفات لافتة اختصرت عقودا من الزمن الفاصل بين حياتين تقاطعتا مع التاريخ الأمريكي الحديث وتركت فيه بصمات طغت على محطات السياسة فيها.
انتخب أبراهام لنكولن لعضوية الكونجرس في عام 1846، أي بفارق قرن بالضبط عن انتخاب جون كينيدي لعضوية المؤسسة التشريعية، والذي حدث لاحقا في 1946.
حصل لنكولن على مفاتيح البيت الأبيض عام 1860، وكينيدي في 1960، ولم تكن نجاحات الحياة هي كل ما جمع الرئيسين الراحلين، إنما كتبت تفاصيل اغتيالهما حكاية مصادفات أخرى.
اغتيل لنكولن على يد القاتل جون بوث المولود سنة 1865، فيما اغتيل كينيدي على يد القاتل أوزوالد المولود العام 1963.
قاتل لنكولن ارتكب جريمته فى أحد المسارح ثم هرب إلى أحد بيوت الأزياء، بينما كان قاتل كينيدي وقت ارتكاب جريمته فى أحد بيوت الأزياء ثم هرب لأحد المسارح.
وكلا القاتلين قتل بعد جريمته مباشرة.
توقعا النهاية
يوم اغتياله في 14 إبريل/ نيسان 1865، قال لنكولن لحارسه :"أشعر أن هناك من يريد قتلي ولا أحد يستطيع منعه".
الشعور نفسه ساور كينيدي أيضا يوم اغتياله في 22 نوفمبر/ تشرين ثاني 1963، حين قال لحارسه وزوجته: "ما أسهل أن يمسك أحدهم ببندقية بها تلسكوب ويصوبها من فوق ولا يستطيع أحد أن ينقذ الرئيس".
وليس ذلك فقط، بل إن سكرتيرة لنكولن كان اسمها مسز كينيدي، وسكرتيرة كينيدي كان اسمها مسز لنكولن.
والاثنتان نصحتا الرئيسين بعدم التوجه إلى المكان الذي اغتيل كل منهما فيه، حيث نصحت سكرتيرة لنكولن الرئيس حينها بعدم الذهاب إلى المسرح.
بينما نصحت سكرتيرة كينيدي بعدم التوجه إلى ولاية دالاس في ذلك اليوم.
يوم الاغتيال جمع أيضا الرئيسين الراحلين، فكلاهما قتل يوم جمعة وكان بصحبة زوجته.
والتقاطع اللافت يشمل حتى التفاصيل الصغيرة في حياة زوجاتهما، فزوجة لينكولن كانت مخطوبة لشخص آخر قبله و كانت ذات شعر أسود وتتقن الفرنسية وتوفيت عن عمر ناهز 64 عاما.
ونفس الشيء، زوجة كينيدي كانت مخطوبة لشخص آخر قبله و كانت ذات شعر أسود وتتقن الفرنسية وتوفيت عن عمر ناهز 64 عاما.
وكما فقد لينكولن أحد أبنائه، فقد كينيدي أيضا أحد أبنائه.
وكأن التاريخ أبى أن يتوقف عن استنساخ التشابه في حياتهما، بل مضى إلى ما بعدهما، حيث خلف لينكولن أندرو جونسون المولود عام 1808، بينما خلف كينيدي ليندون جونسون المولود عام 1908.