الحرة
طرحت طهران بعض أقدم كنوز إيران التاريخية في مزاد للبيع على الإنترنت، وذلك في سعي من الحكومة لخفض ديون الدولة التي تواجه عقوبات صارمة بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، بحسب تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.
وكانت السلطات الإيرانية الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وبموافقة المرشد الأعلى، علي خامنئي، قد وافقت على تكليف لجنة من 7 أعضاء لبيع ممتلكات وأصول الحكومة في أسرع وقت ممكن.
وتتكون اللجنة من النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد مخبر، ووزير الاقتصاد، إحسان خاندوزي، ووزير الداخلية، أحمد وحيدي، ووزير الطرق وبناء المدن، مهرداد بذرباش، ورئيس منظمة التخطيط والميزانية، مسعود ميركاظمي، بالإضافة إلى عضو من البرلمان، وشخص آخر يمثل السلطة القضائية.
وفي معرض تلك الخطة، سوف يجري طرح تسعة عشر موقعًا أثريا وتاريخيا للبيع في 22 مايو من قبل وزارة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية.
وقد لقي هذا القرار إدانة من النخب الثقافية والأكاديمية في البلاد، إذ اعتبر، محمد غريبور، أحد المؤرخين المعماريين البارزين في إيران، إن الخطة "مقلقة للغاية ويبدو أنها وضعت على عجل".
وتعد قلعة راين في مقاطعة كرمان، من أهم المواقع الأثرية المعروضة للبيع، وهي حصن كبير مبني من الطوب الأحمر ويزيد عمره عن 1000 عام.
ومن المواقع المعروضة للبيع أيضا منزل الأمير ناصر الدين ميرزا، وهو منزل تاريخي يعود إلى عصر سلالة القاجاريين التي حكمت بلاد فارس لفترة طويلة.
وكانت الحكومة الإيرانية قد صادرت المبنى من ورثة الأمير عقب الثورة التي قادها المرشد الراحل، روح الله الخميني، في العام 1979، وهو نفس الأمر الذي حدث مع ممتلكات عائلة الشاه.
واعتبر غريبور في انتقاده لقرار السلطات ببيع مثل هذه الأماكن التاريخية، "أن المصالح المالية قد طغت على قضايا الحفاظ على التراث".
وقال: "أحد الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن هي حمام خسرو آغا في أصفهان الذي يعود تاريخه إلى العصر الصفوي، والذي تم تدميره في العام 1995 دون أن يتحمل أحد المسؤولية".
وتابع: “إذا تم بيع هذه القائمة الجديدة من المباني إلى ملاك جدد محتملين، فلا شك في أنها سوف تدخل أيضًا في دائرة خطر الاندثار".
تحذيرات سابقة من اليونسكو
وكان تقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في العام 2021 قد عبر عن الكثير من المخاوف بشأن سلامة 26 موقعا تاريخيا في إيران، مشيرا إلى أن بعضها معرض لـ"خطر الانهيار".
تجدر الإشارة إلى بعض المباني التراثية جرى تحويلها إلى فنادق ومطاعم بهدف استغلالها سياحيا، وسط مخاوف من تعرض الكثير منها إلى الإتلاف أو تغييرها نمطها الأثري.
ونظرًا للأوضاع الاقتصادية في البلاد، يرى غريبور أن بعض أفراد النخبة الإيرانية الغنية والمقربين من دوائر السياسة هم من سوف يكونون قادرين على شراء المواقع المعروضة للبيع.
وزاد: "لقد رأينا أمثلة في الماضي حيث تمكن أشخاص ذوو العلاقات من لي عنق القوانين وتجاوز القواعد أو كسرها لتناسب مصالحهم الخاصة، على حساب التراث الثقافي للبلاد".
من جانبها، قالت الصحفية البريطانية-الإيرانية، مريم سينائي، لصحيفة "التايمز" إن خطة الخصخصة التي يقودها رئيس البلاد المتشدد، إبراهيم رئيسي، تدعو إلى السخرية والاستهزاء.
وأضافت: "سبق أن جرى اعتماد مثل هذه الخطط في في السنوات الماضية بهدف رفد خزينة الدولة بالأموال، ولكن في الحقيقة وجراء الفساد المستشري فإن الأصول والممتلكات الحكومية كانت تباع بأبخس الأثمان".
وكان الريال الإيراني قد تدهور بعد فرض العقوبات الأميركية على طهران، إذ وصل في أواخر فبراير الماضي إلى 600 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، ولكن سعر الصرف تحسن بعد الاتفاق مع السعودية ويجري تداوله حاليا بسعر 420 ألف ريال للدولار تقريبا.
وكان قد جرى تداول العملة الإيرانية عند مستوى 32 ألف ريال للدولار في وقت الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أسفر عن رفع العقوبات الدولية عن طهران مقابل فرض قيود شديدة على البرنامج النووي الإيراني، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
وبحسب صحيفة "التايمز" فإن القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها إيران منذ سبتمبر الماضي عقب وفاة الفتاة مهسا أميني (22 عاما) عقب احتجازها لدى شرطة الأخلاق بالبلاد قد ساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.