أشار تقرير صدر، الثلاثاء، عن منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 4.5 ملايين امرأة وطفل يموتون كل عام أثناء الحمل أو الولادة أو الأسابيع الأولى بعد الولادة، أي ما يعادل حالة وفاة واحدة كل 7 ثوان، معظمها لأسباب يمكن الوقاية منها أو علاجها إذا توفرت الرعاية المناسبة.
وجاء في التقرير أنه "لن يكون إنقاذ حياة 7.8 ملايين شخص ممكنا إلا من خلال تغطية عالية للتدخلات المنقذة للحياة إلى جانب الجودة والإنصاف في الرعاية المستمرة، منذ فترة قبل الحمل إلى فترة بعد الولادة".
ويحمل التقرير عنوان "تحسين صحة الأم والوليد والبقاء على قيد الحياة وتقليل حالات الإملاص (أي موت الأجنة)".
وقالت أخبار الأمم المتحدة أنه يُقيم أحدث البيانات المتعلقة بعوامل وأسباب المخاطر، ويتتبع توفير الخدمات الصحية الحيوية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن بيانات الاتجاهات عن التقدم العالمي في الحد من وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة والإملاص تكشف بعض التباطؤ خلال العقد الماضي. وكانت المكاسب التي تحققت بين عامي 2000 و2010 أسرع مما كانت عليه في السنوات بعد 2010.
وأفاد التقرير أن التقدم العالمي في الحد من الوفيات المبكرة للنساء الحوامل والأمهات والأطفال حديثي الولادة، توقف لمدة 8 سنوات بسبب انخفاض الاستثمارات في صحة الأم والوليد (حديث الولادة).
ويشدد التقرير على "وجوب تحديد أسباب هذه الوتيرة البطيئة، واتخاذ الإجراءات لمعالجتها".
وتابع أن "التحديات العالمية التي تفرضها كورونا إضافة إلى تغير المناخ والنزاعات وحالات الطوارئ الأخرى، فضلا عن ارتفاع تكلفة المعيشة داخل البلدان، لديها القدرة على زيادة إبطاء التقدم في هذا العقد، مما يستدعي مزيدا من الإلحاح والاستثمار نحو أهداف صحة الأم والوليد".
وتعرف اليونيسف الإملاص على أنه ولادة طفل من دون أن تظهر عليه علامات حياة بعد عتبة محددة عادة ما ترتبط بعمر الجنين (المدة ما بين بداية الحمل والولادة) أو وزن الطفل.
ويساعد تحديد التعريف بـ"28 أسبوعا أو أكثر" في المقارنة الدولية بين مستويات الإملاص، إلا أنه يستثني حالات الإملاص التي تحدث في عمر أبكر للجنين. وتاليا، ونظرا لأن الإبلاغ عن حالات الإملاص يظل أقل من عدد الحالات التي تحدث بالفعل، فإن العبء الحقيقي للإملاص أعلى في الواقع.
ويُظهر تقرير منظمة الصحة العالمية أن التقدم في تحسين البقاء على قيد الحياة تعثر منذ عام 2015، إذ تحدث نحو 290 ألف حالة وفاة بين الأمهات كل عام، و 1.9 مليون حالة لوفاة الأجنة، الذين يموتون بعد 28 أسبوعا من الحمل، و 2.3 مليون حالة وفاة بين الأطفال حديثي الولادة خلال الشهر الأول من العمر.
وأُصدر التقرير الجديد في مؤتمر عالمي في كيب تاون في جنوب أفريقيا، وفق أخبار الأمم المتحدة.
وأدت جائحة كورونا وتزايد الفقر وتفاقم الأزمات الإنسانية إلى تكثيف الضغوط على النظم الصحية المرهقة.
وأبلغ بلد واحد فقط من كل 10 دول (من بين أكثر من 100 دولة شملها الاستطلاع) عن وجود تمويل كاف لتنفيذ خططه الحالية في هذا المجال، حسب ما ورد في التقرير.
ووفقا لأحدث مسح أجرته منظمة الصحة العالمية حول آثار الجائحة على الخدمات الصحية الأساسية، لا يزال نحو 25 في المئة من البلدان يبلغ عن حدوث تعطل في توفير الرعاية والخدمات الحيوية للحمل وما بعد الولادة للأطفال المرضى.
ونقلت أخبار الأمم المتحدة قول المسؤول بمنظمة الصحة لعالمية، الدكتور أنشو بانيرجي: "لا تزال النساء الحوامل والأطفال حديثو الولادة يموتون بمعدلات عالية بشكل غير مقبول في جميع أنحاء العالم، وتسببت جائحة كورونا في مزيد من الانتكاسات لتزويدهم بالرعاية الصحية التي يحتاجون إليها".
وأضاف: "إذا كنا نرغب في رؤية نتائج مختلفة، يجب أن نفعل الأشياء بشكل مختلف. هناك حاجة الآن إلى استثمارات أكثر ذكاء في مجال الرعاية الصحية الأولية حتى تتمتع كل امرأة وطفل، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، بأفضل فرصة للصحة والبقاء على قيد الحياة".
ويمكن لعدم توفر التمويل وقلة الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية أن يدمر احتمالات البقاء على قيد الحياة. على سبيل المثال، في حين أن الخداج (الولادة المبكرة قبل الأوان) هو الآن السبب الرئيسي لجميع وفيات الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم، فإن أقل من ثلث البلدان أفاد بوجود عدد كاف من وحدات رعاية الأطفال حديثي الولادة لمعالجة الأطفال الصغار والمرضى.
وفي البلدان الأكثر تضررا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ووسط وجنوب آسيا، فإن أقل من 60 في المئة من النساء، في المناطق التي بها أكبر عبء لوفيات المواليد والأمهات، يتلقين 4 فحوصات ما قبل الولادة من أصل 8 توصي بها منظمة الصحة العالمية، وفق التقرير.
وأوردت أخبار الأمم المتحدة قول مديرة القسم الفني في صندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة جوليتا أونابانجو إن "وفاة أي امرأة أو فتاة صغيرة أثناء الحمل أو الولادة هو انتهاك خطير لحقوق الإنسان الخاصة بهن. كما أنه يعكس الحاجة الملحة لتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الجيدة كجزء من التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية، لا سيما في المجتمعات التي شهدت فيها معدلات وفيات الأمهات ركودا أو حتى ارتفعت خلال السنوات الأخيرة".
وشددت على ضرورة وضع نهج تحويلي قائم على حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي لمعالجة وفيات الأمهات والمواليد، واستئصال العوامل الأساسية التي تؤدي إلى نتائج سيئة لصحة الأم مثل عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والتمييز والفقر والظلم.
لزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة، يجب أن تحصل النساء والأطفال على رعاية صحية جيدة وبأسعار معقولة قبل الولادة وأثناءها وبعدها، وفق ما تقول منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بالإضافة إلى الحصول على خدمات تنظيم الأسرة.
وهناك حاجة أيضا إلى وجود مزيد من العاملين الصحيين المهرة، وخاصة القابلات، إلى جانب الأدوية والإمدادات الأساسية والمياه الصالحة للشرب وخدمات الكهرباء الموثوقة.
ويشدد التقرير إلى أن التدخلات يجب أن تستهدف بشكل خاص النساء الأكثر فقرا ومن يعشن في أوضاع هشة اللاتي من المرجح ألا يحصلن على الرعاية المنقذة للحياة.
وتشمل التدخلات التخطيط والاستثمارات الأفضل. كما يتطلب تحسين صحة الأمهات والمواليد معالجة العادات الضارة والتحيزات وعدم المساواة الجنسانية.
وتظهر البيانات الحديثة أن نحو 60 في المئة فقط من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما يتخذن قراراتهن بأنفسهن في ما يتعلق بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.
واستنادا إلى الاتجاهات الحالية، لن تتمكن أكثر من 60 دولة من تحقيق أهداف الحد من وفيات الأمهات والمواليد التي تشملها أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.