العربية.نت

يصنف الشاي كواحد من أكثر المشروبات شعبية في العالم، وحسب التصنيف العالمي، يحتل الأتراك المركز الأول عالميا من حيث استهلاك الشاي، يليهم كل من البريطانيين والأيرلنديين.

وقد سجّل استهلاك الشاي انتشارا واسعا في تركيا بفضل مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى وجود الدولة العثمانية معلنا يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1923 عن نشأة جمهورية تركيا. فخلال سياسة اجتثاث كل ما هو عثماني، شجّع أتاتورك على تعويض القهوة التي نهبها العثمانيون من مستعمرتهم السابقة باليمن، بالشاي لإنقاذ المقاهي من الإفلاس.

الأسطورة الصينية

إلى ذلك، يعود تاريخ ظهور الشاي لبلاد الصين، فعلى حسب الأسطورة، تواجد الإمبراطور الأسطوري الصيني شين نونغ (Shen Nung)، الذي يصنف حسب الأساطير كأول إمبراطور يان (Yan) ويلقب بالإله المزارع، عام 2737 قبل الميلاد تحت إحدى الشجرات واستعد لشرب الماء المغلي.

وبتلك الفترة، اعتاد الصينيون على شرب الماء المغلي حسب مرسوم إمبراطوري دعاهم لفعل ذلك. وبمحض الصدفة، وقعت بضع ورقات من الشجرة التي تواجد شين نونغ تحتها بكوب الماء المغلي. وبدلا من سكب المشروب بسبب تغير لونه، فضّل شين نونغ شربه ليتفاجأ بمذاقه الطيب. وبناء على هذه الأسطورة، رجّح المؤرخون أن الورقات التي وقعت بكوب شين نونغ لم تكن سوى ورقات الكاميلا الصينينة (Camellia sinensis) التي تستخدم اليوم في إنتاج مشروب الشاي الشعبي الصيني.

ومن جهة ثانية، وصفت بعض الأساطير الأخرى الإمبراطور شين نونغ بعالم نباتات حيث اعتاد الأخير مضغ أوراق وسيقان النباتات للتثبت من خاصياتها ومدى سموميتها. وقد اتجه شين نونغ للاعتماد على مشروب الشاي كمضاد للسموم عند شعوره بمغص والتهابات بالمعدة.

وأمام كل هذه الأساطير، يؤكد المؤرخون شرب الصينيين للشاي أثناء فترة سلالة هان ما بين عامي 202 قبل الميلاد و220 بعد الميلاد، حيث تم العثور على حاويات مخصصة لإعداد وحفظ الشاي ضمن الأثاث الجنائزي بعدد من القبور الإمبراطورية التي تعود لتلك الفترة. وقد انتظر الصينيون فترة سلالة تانغ (Tang) الحاكمة ما بين عامي 618 و907 ميلادي للتمتع بتعميم وتوسع إنتاج واستخدام الشاي الذي اعتمد حينها كمشروب وطني مميز للصين.

وفي الأثناء، انتظر الأوروبيون أواخر القرن السادس عشر للحصول على الشاي. ففي البداية، سجّل هذا المشروب ظهوره لدى التجار والمبشّرين البرتغاليين الذين سافروا نحو أقصى الشرق. وعلى الرغم من جلبهم لكميات ضئيلة منه نحو وطنهم، لم يسجل الشاي انتشارا كبيرا بالبرتغال.

ويعود الفضل بالأساس للهولنديين في ظهور الشاي بأوروبا حيث لعب التجار الهولنديون عام 1606 دورا بارزا في استيراد ونقل أولى الكميات الهامة من الشاي نحو أوروبا عبر جزيرة جاوة. وعلى إثر ذلك، كسب الشاي شعبية كبيرة بهولندا وتحول لمشروب محبوب قبل أن ينتشر استهلاكه ببقية أرجاء أوروبا الغربية.

وببريطانيا، تحول الشاي لواحد من أهم المشروبات بداية من النصف الثاني من القرن السابع عشر. ففي البداية، مارست الجمارك البريطانية رقابة صارمة على البضائع والسلع القادمة من بلاد الهند. ومع ظهور وانتشار المقاهي بالبلاد، باشرت بعض هذه المحلات في بيع الشاي للزبائن الذين أحبوه ولقبوه في البداية بالمشروب الصيني.

من جهة ثانية، ساهم زواج الملك تشارلز الثاني من الأميرة البرتغالية كاثرين باراغانزا (Catherine of Braganza) عام 1662 في انتشار استخدام الشاي بإنجلترا وإسكتلندا وإيرلندا وبلاد الغال. فخلال تلك الفترة، عرفت هذه الأميرة البرتغالية بحبها للشاي. وقد عمدت الأخيرة حينها لجلب كميات هامة منه نحو الجزر البريطانية عقب زواجها. وبفضل ذلك، انتشر استهلاك الشاي بشكل سريع بهذه المناطق وتحول لأحد أهم المشروبات لدى النبلاء.