غلوريا ريتشاردز فتاة في العقد الرابع من عمرها تعمل في مهنتين لا صلة بينهما على الإطلاق، الأولى فنانة، والثانية جليسة أطفال.
ريتشاردز -34 عاماً- تمضي نصف كل عام في تربية أطفال الأشخاص بالغي الثراء لتكملة دخلها، لكنها في الوقت نفسه تعمل في عروض off-Broadway بالإضافة إلى عروض فردية في نيويورك وفيرجينيا.
وتتلقى ريتشاردز 167 دولاراً في الساعة بالإضافة إلى الإقامة والرحلات الجوية نظير رعاية أطفال تلك العائلات الثرية، ما يعني أن تلك الوظيفة تشكل ما يتراوح ما بين 80% إلى 90% من دخلها السنوي.
وفي تصريحات لـ CNBC Make It، قالت ريتشاردز: يمكنني أن أعمل جليسة للأطفال خلال شهرين في العام، وأكون في وضع مادي جيد لباقي العام.
وظيفة ريتشاردز غير تقليدية، على كل الأصعدة، وذلك بداية من الأجر وحتى المسؤوليات، فرعاية أطفال الأسر الثرية لا تتعلق فقط بمجرد رعايتهم، فهي تمضي معظم ساعات عملها في تنسيق الجداول الاجتماعية والتعليمية لهؤلاء الأطفال.
فهي تتقاضى ما يصل إلى ألفين دولار في اليوم نظير ما يتراوح ما بين 12 إلى 15 ساعة عمل.
كما تسافر حول العالم بالطائرات الخاصة واليخوت، وتقود سيارات Tesla وPorsches أثناء العمل، وتحضر أعياد ميلاد هؤلاء الأطفال حيث تكون الهدايا هواتف آيفون.
مع ذلك أشارت ريتشاردز إلى أن كل تلك المزايا التي توفرها وظيفتها تنطوي على ضريبة عاطفية، إذ أن معظم الأطفال الذين تتولى مرافقتهم هم أبناء لآباء غائبون.
عالم آخر..ومهام مختلفة
بعض عملاء ريتشاردز هم أبناء فنانون مشهورون لكنها لم تلتق رسمياً بهم أبداً، مشيرة إلى أن واحدة منهم كانت محاطة بحراس أمن لدرجة أنها لم تلحظ منها سوى لمحات من الجزء العلوي لرأسها على مدار عملها معها لمدة 3 أشهر.
كما تعاملت مع عملاء آخرين يأخذون قضمة واحدة من شريحة لحم سعرها 3200 دولار.
وفي أول يوم من عملها كجليسة أطفال لعائلة بالغة الثراء، حضرت ريتشاردز إلى مطار وتم تقديمها إلى عائلة الطفل وأصبحت مرافقته على متن طائرة خاصة متجهة نحو منتجع في باربادوس.
وشددت ريتشاردز أن الأمر استغرق منها بعض الوقت حتى بدأت في فهم مسؤوليات وظيفتها، مؤكدة أنه طالما أن الأسر التي تعمل معها لا تعاني من نقص الموظفين فإن مهام مثل فتح أبواب السيارة أو إعداد وجبات الطعام لا تقع ضمن نطاق اختصاصها.
على الجانب الآخر هي تعمل كمنسقة اجتماعية وعادة ما تلعب دور شخصية الأم الداعمة عاطفياً، وهو ما حدث بالفعل حينما قام أحد الآباء بتسجيل أطفالهم في مدرسة داخلية إيطالية باستخدام اسمها.
لكن كيف اكتسبت ريتشاردز خبرتها في هذا المجال؟
نشأت ريتشاردز بين 8 أشقاء، وحصلت على أول دور تمثيلي محترف وهي في سن الـ14.
وحينما انتقلت إلى نيويورك قبل عقد من الزمان عملت في قسم رعاية الأطفال في Reebok Sports Club، وكان من ضمن الأعضاء بعض الأسر الثرية التي بدأت أن تطلب منها العمل كجليسة أطفال.
في البداية لم تكن تعلم الأسعار التي يجب أن تتقاضاها، أو كيفية تأمين وظائف جليسة الأطفال، وانتهت عمليات البحث بالعثور على وكالة التوظيف Madison Agency في نيويورك والتي تضمن لها الحصول على أموالها من أصحاب العمل في الوقت المناسب.
وقال جاكي مان مديرة العمليات في Madison إن شغف ريتشاردز بالسفر جعلها مرشحة جذابة لتلك الوظيفة.
إيجابيات مالية..وسلبيات عاطفية
أشارت ريتشاردز إلى أن الموائمة ما بين صحتها العقلية والتقلبات المزاجية للعملاء مسألة مرهقة، لكنها مع ذلك أكدت أن العيش مع مليارديرات العالم لأكثر من 10 سنوات جعلها تتعاطف مع معظمهم.
وأرجعت ذلك إلى أن معظم العملاء ولدوا داخل عائلات ثرية ومشهورة، ورغم الجهود ليصبحوا أشخاصاً طبيعيين، فإنه ليس بإمكانهم الذهاب إلى محلات البقالة أو المطارات التجارية دون التعرض اللفظي والجسدي.
وبحسب مان فإن هذا ما يجعل ريتشاردز موظفاً لا يقدر بثمن، مضيفاً: الكفاء التي ينبغي على المرء أن يتمتع بها لرعاية طفل ليست شائعة.
وحينما تبدأ ريتشاردز بالعمل لدى أسر جديدة، فإنها تبدأ تدريجياً بمشاركة القصص الشخصية من أجل بناء الثقة مع الآباء والأطفال، لكنها أكدت أنه حتى بعد حدوث ذلك ينبغي عليها توخي الحذر.
وتابعت: في بعض الأحيان كنت أعمل مع أسر تمر بقدر هائل من الحزن في نظر الجمهور، إذ كنت شاهدة على حالة طلاق أو وفاة داخل الأسر..في بعض الأحيان كنت متواجدة لمواستهم لكنهم ينقلبون ضدي في لحظة.
لكن على الجانب الآخر، تنطوي الوظيفة على جوانب ترفيهية مثل السفر والأموال، بجانب حرص ريتشاردز على وضع حدود صارمة حول مقدار الوقت الذي ترغب للعمل فيه.
وواصلت: ينبغي أن أكون مدركة للغاية أنه حتى وأن أجواء العمل حميمية، فإنها لا تزال وظيفة أقوم بها.