جراسا -
في شمال جزيرة كارباثوس الواقعة في بحر إيجه، تضمّ قرية أوليمبوس أحد المجتمعات النسائية النادرة في اليونان التي تظهر صموداً أمام السياحة وتوحيد أنماط الحياة.
وفي مشغلها الواقع في أحد أزقة أوليمبوس التي لا يتعدى عدد سكانها 300 نسمة، تعمل ريغوبولا بافليديس على ماكينة الخياطة الخاصة بها.
وتقول بفخر: "هنا، النساء هنّ مَن يتولين زمام الأمور"، فيما يومئ زوجها يانيس برأسه وهو يرسم أيقونات.
وتضيف السيتينية ساخرةً: "إنّ زوجي لا يعرف القيام بأي أمر من دوني، ولا حتى التصريح بالضرائب".
وللنساء دور أساسي في مجتمع أوليمبوس يعود سببه إلى نظام إرث من العصور البيزنطية.
ورغم الاحتلال العثماني لها من العام 1538 ثم الوجود الإيطالي على الجزيرة بين عامي 1912 و1944، لا تزال أوليمبوس تحافظ على خصوصياتها.
ولطالما صمدت هذه القرية المعزولة عن بقية الجزيرة، أمام التغييرات لدرجة أنّ أول طريق معبّد يعود إنشاؤه إلى ثمانينيات القرن الماضي.
إرث
وكل صيف، يزور آلاف السياح المنطقة ذات المناظر الخلابة.
ويوضح يورغوس تسامباناكيس، وهو مؤرخ متحدر من أوليمبوس التابعة لكارباثوس الواقعة بين جزيرتي كريت ورودس في جنوب بحر إيجه، أن "نظام الإرث كان تقدمياً جداً مقارنة ببقية اليونان"، مشيراً إلى أنّ "إرث الأم كان يذهب إلى الابنة الكبرى".
وكون ريغوبولا بافليديس الابنة الكبرى في عائلتها، ورثت 700 شجرة زيتون.
وتقول مازحة: "لم تكن العائلات تملك الكثير لتقسيمها بين جميع الأبناء، ولو تركنا الإرث للرجال لكانوا فرّطوا به!". وبعد الزواج، ينتقل الرجال للعيش مع نسائهنّ.
ومن المسائل التي تبرز فيها هيمنة النساء في المجتمع أيضاً، موضوع انتقال الأسماء الأولى.
ويوضح تسامباناكيس أنّ "الابنة الكبرى تحمل الاسم الأول لجدتها من جهة الأم، على عكس ما هو قائم في باقي أنحاء اليونان حيث تُعطى الابنة الكبرى اسم جدتها لوالدها".
ويضيف: "لا تزال نساء كثيرات يطلقن على أنفسهن كنية أمّهاتهنّ لا أزواجهنّ".
وبدءاً من خمسينيات القرن الماضي، دفعت هجرة الرجال إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى النساء إلى تولّي إدارة المزارع بمفردهنّ.
وفي أفلونا، وهي قرية زراعية قريبة من أوليمبوس، تقطف أنّا لينتاكيس (67 عاماً) الخرشوف بحماسة لتحضير عجّة تقدمها في مطعمها الصغير.
وتقول: "لم يكن أمامنا خيار سوى العمل، وكان وسيلتنا الوحيدة للاستمرار".
وقبل بضع سنوات، كانت لينتاكيس تدير حانة "أوليمبوس" في القرية التي تحمل الاسم نفسه، بينما باتت ابنتها مارينا تتولى حالياً زمام الأمور فيها.
وتقول مارينا: "أحب أن أقول إنّ الرجل هو رأس الأسرة والمرأة هي عنقها، فهي التي توجّه القرارات التي يتخذها الرجل".
فئة اجتماعية
أما كريمتها أنّا التي تبلغ 13 سنة، فتدرك أنها ستتولى إدارة أعمال عائلتها يوماً ما، وتقول "إنه إرث جدتي وسأكون فخورة بإدارته".
إلا أنّ نظام الإرث هذا لا تستفيد منه سوى الفتيات الكبيرات في الأسرة.
ويشير ألان شابلوز، وهو عضو في المؤسسة الجغرافية في جنيف وسبق أن أجرى دراسة عن المسألة، إلى أنّ "الفتيات الصغيرات يتعيّن عليهنّ البقاء في الجزيرة ليصبحن في خدمة الأكبر سنّاً منهنّ، وقد نشأ بنتيجة ذلك نوع من الفئة الاجتماعية".
ولا تشعر جورجيا فورتينا، وهي الابنة الأصغر في عائلتها ولم تتزوج بعد، أن المجتمع في أوليمبوس تقدّمي بما يكفي، وتقول "إنه مجتمع صغير يُنظَر فيه بصورة سلبية إلى امراة موجودة بمفردها في المقهى".
وترتدي نساء أوليمبوس تقليدياً لباساً مطرزاً هو عبارة عن مآزر بقماش عليه ورود وشال على الرأس وأحذية جلدية.
وهذه الثياب التي تُعتبر كنوزاً فعلية، هي جزء من المهر.
وتتولى النساء أيضاً تحضير الخبز في الأفران التي تكون مصنوعة من الأحجار.
وترتدي إيريني تشاتزيبابا (50 عاماً)، وهي أصغر امرأة في أوليمبوس، هذا اللباس يومياً.
وتقول العاملة في مجال إنتاج الخبز "علّمت ابنتي التطريز"، مضيفةً "باستثناء الأعياد، لا ترتدي هذا الزي الذي لا يتلاءم مع الحياة العصرية".
إلا أنّ والدتها صوفيا (70 عاماً) التي تحمل فنجان القهوة ببراعة، تبدي قلقاً في هذا الشأن، وتقول إنّ "ملابسنا باتت مجرد مظاهر فولكلورية في الأعياد.. فعالمنا في طور الاختفاء!".
في شمال جزيرة كارباثوس الواقعة في بحر إيجه، تضمّ قرية أوليمبوس أحد المجتمعات النسائية النادرة في اليونان التي تظهر صموداً أمام السياحة وتوحيد أنماط الحياة.
وفي مشغلها الواقع في أحد أزقة أوليمبوس التي لا يتعدى عدد سكانها 300 نسمة، تعمل ريغوبولا بافليديس على ماكينة الخياطة الخاصة بها.
وتقول بفخر: "هنا، النساء هنّ مَن يتولين زمام الأمور"، فيما يومئ زوجها يانيس برأسه وهو يرسم أيقونات.
وتضيف السيتينية ساخرةً: "إنّ زوجي لا يعرف القيام بأي أمر من دوني، ولا حتى التصريح بالضرائب".
وللنساء دور أساسي في مجتمع أوليمبوس يعود سببه إلى نظام إرث من العصور البيزنطية.
ورغم الاحتلال العثماني لها من العام 1538 ثم الوجود الإيطالي على الجزيرة بين عامي 1912 و1944، لا تزال أوليمبوس تحافظ على خصوصياتها.
ولطالما صمدت هذه القرية المعزولة عن بقية الجزيرة، أمام التغييرات لدرجة أنّ أول طريق معبّد يعود إنشاؤه إلى ثمانينيات القرن الماضي.
إرث
وكل صيف، يزور آلاف السياح المنطقة ذات المناظر الخلابة.
ويوضح يورغوس تسامباناكيس، وهو مؤرخ متحدر من أوليمبوس التابعة لكارباثوس الواقعة بين جزيرتي كريت ورودس في جنوب بحر إيجه، أن "نظام الإرث كان تقدمياً جداً مقارنة ببقية اليونان"، مشيراً إلى أنّ "إرث الأم كان يذهب إلى الابنة الكبرى".
وكون ريغوبولا بافليديس الابنة الكبرى في عائلتها، ورثت 700 شجرة زيتون.
وتقول مازحة: "لم تكن العائلات تملك الكثير لتقسيمها بين جميع الأبناء، ولو تركنا الإرث للرجال لكانوا فرّطوا به!". وبعد الزواج، ينتقل الرجال للعيش مع نسائهنّ.
ومن المسائل التي تبرز فيها هيمنة النساء في المجتمع أيضاً، موضوع انتقال الأسماء الأولى.
ويوضح تسامباناكيس أنّ "الابنة الكبرى تحمل الاسم الأول لجدتها من جهة الأم، على عكس ما هو قائم في باقي أنحاء اليونان حيث تُعطى الابنة الكبرى اسم جدتها لوالدها".
ويضيف: "لا تزال نساء كثيرات يطلقن على أنفسهن كنية أمّهاتهنّ لا أزواجهنّ".
وبدءاً من خمسينيات القرن الماضي، دفعت هجرة الرجال إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى النساء إلى تولّي إدارة المزارع بمفردهنّ.
وفي أفلونا، وهي قرية زراعية قريبة من أوليمبوس، تقطف أنّا لينتاكيس (67 عاماً) الخرشوف بحماسة لتحضير عجّة تقدمها في مطعمها الصغير.
وتقول: "لم يكن أمامنا خيار سوى العمل، وكان وسيلتنا الوحيدة للاستمرار".
وقبل بضع سنوات، كانت لينتاكيس تدير حانة "أوليمبوس" في القرية التي تحمل الاسم نفسه، بينما باتت ابنتها مارينا تتولى حالياً زمام الأمور فيها.
وتقول مارينا: "أحب أن أقول إنّ الرجل هو رأس الأسرة والمرأة هي عنقها، فهي التي توجّه القرارات التي يتخذها الرجل".
فئة اجتماعية
أما كريمتها أنّا التي تبلغ 13 سنة، فتدرك أنها ستتولى إدارة أعمال عائلتها يوماً ما، وتقول "إنه إرث جدتي وسأكون فخورة بإدارته".
إلا أنّ نظام الإرث هذا لا تستفيد منه سوى الفتيات الكبيرات في الأسرة.
ويشير ألان شابلوز، وهو عضو في المؤسسة الجغرافية في جنيف وسبق أن أجرى دراسة عن المسألة، إلى أنّ "الفتيات الصغيرات يتعيّن عليهنّ البقاء في الجزيرة ليصبحن في خدمة الأكبر سنّاً منهنّ، وقد نشأ بنتيجة ذلك نوع من الفئة الاجتماعية".
ولا تشعر جورجيا فورتينا، وهي الابنة الأصغر في عائلتها ولم تتزوج بعد، أن المجتمع في أوليمبوس تقدّمي بما يكفي، وتقول "إنه مجتمع صغير يُنظَر فيه بصورة سلبية إلى امراة موجودة بمفردها في المقهى".
وترتدي نساء أوليمبوس تقليدياً لباساً مطرزاً هو عبارة عن مآزر بقماش عليه ورود وشال على الرأس وأحذية جلدية.
وهذه الثياب التي تُعتبر كنوزاً فعلية، هي جزء من المهر.
وتتولى النساء أيضاً تحضير الخبز في الأفران التي تكون مصنوعة من الأحجار.
وترتدي إيريني تشاتزيبابا (50 عاماً)، وهي أصغر امرأة في أوليمبوس، هذا اللباس يومياً.
وتقول العاملة في مجال إنتاج الخبز "علّمت ابنتي التطريز"، مضيفةً "باستثناء الأعياد، لا ترتدي هذا الزي الذي لا يتلاءم مع الحياة العصرية".
إلا أنّ والدتها صوفيا (70 عاماً) التي تحمل فنجان القهوة ببراعة، تبدي قلقاً في هذا الشأن، وتقول إنّ "ملابسنا باتت مجرد مظاهر فولكلورية في الأعياد.. فعالمنا في طور الاختفاء!".