عندما يتعلق الأمر بأفضل سن لإنجاب الأطفال، فإن هناك "النطاق الأنسب"، وفقا للباحثين، يمتد تسع سنوات للنساء.
وتوصلت دراسة أجريت على أكثر من 31000 ولادة إلى هذا الاستنتاج، والذي يظهر أن النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 23 و32 عاما كان لديهن أقل خطر لإنجاب ذرية بعيوب خلقية.
وكانت النساء في أوائل العشرينات من العمر أكثر عرضة لولادة أطفال يعانون من عيوب في الجهاز العصبي المركزي، مثل نمو الدماغ والعمود الفقري، بينما ارتبطت حالات الحمل بعمر متقدم (يزيد عن 35 عاما) بشكل وثيق بتشوهات الرأس والرقبة والعينين والأذنين.
وقال الباحثون إن الأمهات الشابات في كثير من الأحيان غير مستعدات للحمل ويتعين عليهن التعامل مع عوامل نمط الحياة غير الصحية.
وتتعرض النساء الأكبر سنا لضغوط بيئية مثل تلوث الهواء لفترة أطول، يعتقد الباحثون أنها قد تسهم في خطر تعرض أطفالهن لعيوب خلقية مختلفة.
وتأتي الدراسة في وقت يشهد ارتفاعا في سن الولادة الأولى للأمهات يبلغ في المتوسط 30 عاما وما فوق. ويُعزى ارتفاع سن الأمهات الجدد هذا إلى تغير القيم الأسرية، وإعطاء المرأة نفسها الأولوية لمسيرتها المهنية، وارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي أحدث دراسة، حلل الباحثون في جامعة سيميلويس في هنغاريا بيانات 31128 حالة حمل مصحوبة بعيوب خلقية غير صبغية مؤكدة مسجلة في قاعدة بيانات رسمية في هنغاريا بين عامي 1980 و2009.
وقارنوا تلك البيانات بأكثر من 2.8 مليون ولادة مسجلة في البلاد خلال نفس فترة الثلاثين عاما.
وبشكل عام، زاد خطر الإصابة بعيوب خلقية بنحو الخُمس في الولادة لدى النساء دون سن 22 عاما، مقارنة بأولئك اللواتي يلدن في فترة الإنجاب المثالية واللواتي تتراوح أعمارهن بين 23 و32 عاما.
وزاد هذا الخطر بنحو 15% لدى النساء فوق سن 32 مقارنة بأولئك الوالدات في الفترة العمرية المثلى.
وأثرت المضاعفات الأكثر شيوعا، والتي تهدد الحياة، على الدورة الدموية للجنين، وفي حالة الأمهات دون سن العشرين، على الجهاز العصبي المركزي.
وبالمقارنة مع الأمهات الأكبر سنا، كانت الأمهات الأصغر سنا أكثر عرضة بنسبة 25% لإنجاب أطفال مع عيوب في أدمغتهم وأجهزتهم العصبية المركزية، ما أدى إلى حالات خطيرة مثل السنسنة المشقوقة، مقارنة بالأمهات الأكبر سنا.
وكانت النساء اللواتي ولدن دون سن العشرين أكثر عرضة للإصابة بهذه المشاكل مقارنة بالنساء من 23 إلى 32 عاما.
ومن ناحية أخرى، كانت الأمهات الأكبر سنا أكثر عرضة بمرتين لإنجاب طفل مصاب بتشوهات في العينين والأذنين والوجه والرقبة ناجمة عن اندماج جمجمة الرضيع أو عظام وجهه معا في وقت مبكر جدا أو بطريقة غير طبيعية.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أن تكون أذنا الطفل خافضتين بشكل غير طبيعي على رأسه، أو أن تكون عيناه صغيرتين جدا من الناحية الطبية، أو أن يكون ثمة شلل في الحبل الصوتي لديه.
وكانت النساء الأكبر سنا أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين بعيوب في القلب بالإضافة إلى تشوهات أكبر في الجهاز البولي مقارنة بالنساء في فترة العمر الصحي.
والأمهات الأكبر سنا لديهن أيضا احتمال ولادة طفل مصاب بشفة مشقوقة وحنك مشقوق أعلى بكثير (بنسبة 45%)، بينما تزداد هذه المخاطر لدى الأمهات الأصغر سنا بنسبة 9%.
وفي حين أن خطر الإصابة بعيوب خلقية في الجهاز الهضمي كان أعلى بالنسبة للأمهات الأصغر سنا منه لدى الأمهات الأكبر سنا (23% و15% على التوالي)، فإن الأمهات الأكبر سنا لديهن احتمال أعلى قليلا للإصابة بتشوهات في الأعضاء التناسلية للجنين.
وتعلقت النتائج بالعيوب الخلقية غير الكروموسومية وغير الوراثية التي لا تتأثر بجينات الأم. ويشمل بعض الأسباب غير الوراثية وغير الكروموسومية للعيوب الخلقية تعاطي الكحول والتبغ أثناء الحمل، ووجود بعض الحالات الطبية وتناول بعض الأدوية أثناء الحمل.
وقالت الدكتورة بوغلاركا بيثو، الأستاذة المساعدة في جامعة سيميلويس والمؤلفة الأولى للدراسة: "لا يمكننا إلا أن نفترض سبب احتمال حدوث تشوهات في الولادة غير الصبغية في فئات عمرية معينة. وبالنسبة للأمهات الشابات، يمكن أن يكون ذلك أساسا عوامل تتعلق بنمط الحياة (على سبيل المثال، التدخين أو تعاطي المخدرات أو الكحول) وأنهن غالبا غير مستعدات للحمل. بينما في الأمهات ذوات السن المتقدمة، يمكن أن يلعب تراكم الآثار البيئية مثل التعرض للمواد الكيميائية وتلوث الهواء، وتدهور آليات إصلاح الحمض النووي، وشيخوخة البويضات وبطانة الرحم دورا أيضا".
نُشر التقرير في مجلة BJOG: an International Journal of Obstetrics & Gynaecology.