صحيفة إندبندنت عربية
تواصل مدينة مراكش المغربية الشهيرة بلقب "المدينة الحمراء" بسبب اللون الأحمر الذي يغلب على معظم أبنيتها، جذب مشاهير العالم في السياسة والرياضة والفن والإعلام، لتصبح بذلك أحد أكثر العواصم السياحية استقطاباً للشخصيات المعروفة.

آخر مشاهير العالم الذين قدموا إلى مراكش لقضاء العطلة الصيفية، رئيس الوزراء بالنيابة في إسبانيا، بيدرو سانشيز، الذي قدم إلى هذه المدينة قبل أيام مضت برفقة أسرته الصغيرة، كما استقبلت مراكش قبله الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري، والنجم الفرنسي كيليان مبابي، والنجم السينمائي الأميركي روبرت دي نيرو، وآخرين.

سانشيز متخفياً

واغتنم بيدرو سانشيز فرصة انتهاء الانتخابات العامة التي أفضت إلى فوز الحزب الشعبي مع حفاظ الحزب الاشتراكي على بعض الحظوظ في تشكيل الحكومة المقبلة، ليلتقط أنفاسه في شوارع وأزقة المدينة الحمراء.

وشوهد سانشيز قبل أيام قليلة وهو يجوب ساحة جامع الفنا الشهيرة وسط مراكش، برفقة عقيلته ماريا بيغونيا فرنانديز، وابنتيهما، كما كان بصحبة شخص مغربي لم تعرف هويته، فيما رجح البعض أن يكون الرجل مرشداً سياحياً يتقن اللغة الإسبانية.

وعلى رغم محاولة المسؤول الحكومي الإسباني "التخفي" عبر قبعته الإيطالية ولباسه العادي، فإنه لم يفلت من نظرات الفضوليين وعدسات المصورين الذين وثقوا زيارته الخاصة إلى مراكش، والتي أثارت جدلاً سياسياً على رغم كونها مجرد زيارة سياحية خاصة.

وتناقلت الصحف الإسبانية خبر وصور سانشيز وهو يتجول مشياً على الأقدام في دروب مراكش، ليتساءل بعضها عن أسباب اختياره المغرب تحديداً دون غيره من البلدان.

وحسم قصر مونكلوا، مقر رئاسة الحكومة الإسبانية، الجدل الذي رافق زيارة سانشيز مراكش المغربية، بتأكيد أنها زيارة خاصة تنقل فيها المسؤول الحكومي البارز من مطار توريخون في العاصمة مدريد إلى مطار مراكش عبر طائرة تجارية، وأن تمويل الزيارة كله من ماله الخاص.

ولاحظ مراقبون أن سانشيز تجاوز "العرف" المتبع من قبل رؤساء الحكومات الإسبانية الذين يمضون إجازاتهم الصيفية السنوية في القصر الملكي في لا ماريتا، حيث اختار بهجة مراكش على القصر الإسباني في جزيرة لا نزروتي، وهو ما قرأه محللون على أنها زيارة تحمل رسائل سياسية تهم العلاقات الإيجابية التي نسجها سانشيز في عهده مع المغرب.

وبدورها اختارت الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري مدينة مراكش لتقيم فيها بضعة أيام في عطلة خاصة خلال الصيف الجاري، حيث بثت عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي صورها ومقاطع فيديو تظهر خلالها وهي ترقص على إيقاعات الموسيقى الشعبية المعروفة باسم "الدقة المراكشية".

وبدا على وينفري كثير من الحماسة والشغف وهي ترقص على إيقاع الأهازيج المراكشية المعروفة، كما أنها عبرت عن عشقها الأكل المغربي في خيمة تقليدية، وخصوصاً تناولها أحد أنواع الفطائر المغربية يسمى "البطبوط"، علاوة على تجولها في سوق السمارين الشهيرة وسط مراكش.

ولخصت المذيعة الأميركية زيارتها لمراكش في تعليق لها بالقول "أمضيت يومين جميلين في مراكش، ولم يكن ذلك وقتاً كافياً لتجربة كثير من الثقافة الرائعة، لكنني تمكنت من استكشاف سوق السمارين وما تضمه من صناعات النسيج ومنتجات خزفية وتراثية، والاستمتاع بوجبة لذيذة ومثيرة تحت خيمة مغربية، والتعرف إلى فن صناعة السجاد، والرقص طوال الليل".

كذلك جذبت أجواء مراكش النجم الفرنسي كيليان مبابي لاعب المنتخب الفرنسي لكرة القدم، إذ حل بها قبل بضعة أسابيع برفقة صديقه اللاعب المغربي أشرف حكيمي، وظهر في بعض الصور وهو يتجول في المدينة الحمراء، كما قام بعدد من الأنشطة الخيرية.

نجم السينما الأميركية روبرت دي نيرو أيضاً استسلم لسحر المدينة، لكنه لم يأت فقط للاستجمام والترفيه مثل سابقيه، بل أتى من أجل "البيزنس" بافتتاح فرع فندقي لسلسة فنادق عالمية وسط المدينة، ليكون بذلك أحد أكبر المنتجعات الصحية في البلاد، فيما سبقه النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يمتلك فندقاً مصنفاً في المدينة نفسها.

بدوره زار الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، مدينة مراكش في بداية فصل الصيف الجاري، وتجول في ساحة جامع الفنا المعروفة بعروضها الاستعراضية الجميلة، مثل مروضي القرود والأفاعي، كما استكشف خبايا سوق السمارين التي تحتوي على المنتجات المغربية التقليدية.

مدينة جامعة

ويعلق إبراهيم زغودة، فاعل سياحي وصاحب إحدى مؤسسات الإيواء في المدينة، على موضوع جذب مشاهير العالم في السياسة والفن والرياضة والإعلام، بالقول إن هذه المدينة جمعت ما تفرق في باقي المدن السياحية العالمية.

ويشرح زغودة أن "مراكش مثلاً تجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين المحافظة والحداثة، فهي تشمل أحياء وأسواقاً شعبية وتراثية، إلى جانب مراكز تسوق فخمة، وماركات تجارية عالمية، وهو ما تبحث عنه معظم الشخصيات المشهورة".

وأكمل حديثه قائلاً إن "الشخصية المشهورة أو المؤثرة لو كانت ترغب فقط في ما هو فخم وباذخ لما احتاجت إلى المجيء إلى مراكش، لأن هذا متوفر في عواصم سياحية عالمية معروفة، لكن ميزة مراكش أنها تعرض حتى الوجه الآخر للسياحة متمثلاً في الأسواق الشعبية والأذواق اللذيذة للأكل والساحات التاريخية التي تحكي عن أمجاد وحضارة المدينة والبلد ككل".

وتابع المرشد السياحي المذكور بأن مراكش تستهوي مشاهير العالم ليس فقط لأنها تحظى بهذه المميزات والعروض والبنى التحتية التي تضاهي ما هو موجود في عواصم السياحة بالعالم، ولكن أيضاً لأن تأثير المشاهير في من هم مثلهم من المشاهير كبير جداً، فهي مثل كرة ثلج تكبر بالتدحرج، وهو ما وقع لمراكش التي انبهر بها من قبل كبار المثقفين والأدباء، ليكبر هذا الشغف بالمدينة ويتحول إلى كبار الفنانين والرياضيين والسياسيين في العالم.