مهاجرة فراقصة ثم الجاسوسة الأكثر غموضا وجمالا.. إنها الجاسوسة الألمانية غريبة الأطوار، فيرا إريكسن التي تحير العالم حتى اليوم.

في سبتمبر/أيلول 1940 وصلت شابة جميلة بطائرة ثم زورق مطاطي إلى شواطئ إسكتلندا برفقة رجلين، في حلقة من محاولات الألمان اختراق الدفاعات البريطانية وزرع جواسيس في البلاد.

حكاية مثيرة في عالم الجاسوسية، حيث جمعت الشابة بين العمل السري والجمال، فما القصة؟

ومن بين جميع الجواسيس الإناث خلال الحرب العالمية الثانية، ربما تكون فيرا إريكسن، الأكثر غموضًا. كما وصفها الضابط الألماني المسؤول عنها، نيكولاس ريتر، بـ"أجمل جاسوسة" على الإطلاق.

وكان بإمكان إريكسن أن تنافس جاسوسة الحرب العالمية الأولى ماتا هاري على الجاسوسة الأجمل في هذا العمل السري، لكن ريتر حسم اللقب للشابة الألمانية.

ومن جمالها إلى عملها، تبدو المسافلة بعيدة بعض الشيء، إذ أن إريكسن غامضة لأقصى درجة، ولا شيء في خلفيتها واضح.

كثير من الحقائق المحيطة بحياتها متناقضة، بعضها أقرب إلى التخمين أو مجرد خيال، لأن كثيرا من الوثائق التي ترصد فترة خدمتها لم تعد موجودة.

لا يُعرف سوى القليل عن بقية أفراد عائلتها. كان والدها رجل أعمال، وأصبح شقيقها الأكبر، كريستيان (المعروف أيضًا باسم قسطنطين)، ضابطًا في قوات فريكوربس الدنماركية، ثم قوات الأمن الخاصة، قبل أن يُقتل على الجبهة الروسية في عام 1942.



ولدت إريكسن لعائلة روسية فرت من سان بطرسبورغ بعد ثورة 1917، عاشت لأول مرة في كوبنهاغن قبل أن تنتقل إلى باريس، حيث أصبحت راقصة تحت وصاية الراقصة العظيمة آنا بافلوفا.

وفي باريس، أقامت صداقة مع ضابط روسي أبيض غامض كانت تعرفه باسم إيفان إغناتيف، لكن هويته الحقيقة غامضة أيضا، البعض يقول إنه تاجر مخدرات وجاسوس للروس، والبعض الآخر يقول إنه ضابط استخبارات جند مجموعة من الجواسيس.

ولا يعرف شيء عن فترتها مع إغتانيف، لكن المعروف أن الاستخبارات الألمانية نجحت في تجنيدها قبل الحرب العالمية الثانية، وأرسلت في وقت لاحق إلى بريطانيا للعمل لصالح الألمان.

وبعد سنوات من العمل مع الألمان، كلفت بالسفر إلى استكتلندا مع جاسوسين ألمانيين آخرين، للتجسس على القوات البريطانية هناك، لكن ألقى البريطانيون القبض على الثلاثة.

الغريب أن شريكي إريكسن في العملية خضعا للمحاكمة، وحكم عليهما بالإعدام، لكن إريكسن لم تكن متهمة ولم تحضر المحاكمة حتى كشاهدة.



واقعة غريبة فسرها البعض أنها كانت حاملا دون ذكر اسم والد الجنين، والبعض الآخر قال إنها كانت عملية مزدوجة وجندها البريطانيون بعد انطلاق الحرب مباشرة. خلاف يعمق الغموض الذي يحيط بحياة هذه الجاسوسة.

لكن بعد فترة من المحاكمة، يتردد أنها بقيت محتجزة في أحد المباني التابعة للاستخبارات البريطانية، دون تأكيد ذلك.

وبعد نهاية الحرب، جاء اللغز الأكبر، اختفت إريكسن تماما، وقالت الاستخبارات البريطانية إنها فقدت الاتصال بها، وبات يتردد أنها عادت لألمانيا دون دليل، حتى عائلتها لم تكن تعرف أين هي، وهو لغز مستمر حتى اليوم.