انضمت كيشا شاهاف وابنتها أناستاتيا مايرز إلى البطل الأولمبي البريطاني جون غودوين في رحلة مذهلة إلى الفضاء
بسرعة بلغت ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، منح سياح فضاء متعة مشاهدة كوكب الأرض من على متن باكورة رحلات شركة "فيرجين غالاكتيك" الفضائية، في رحلة استغرقت وقتاً أقصر من التنقل عبر لندن.

فبعد أن أصبح أول عميل يدفع أجوراً للشركة في عام 2005، حصل الأولمبي البريطاني جون غودوين، البالغ من العمر 80 سنة والمصاب بمرض باركنسون، أخيراً على مقعده الذي بلغت كلفته 250 ألف دولار الخميس الماضي.

وكانت تجلس، وتطفو في بعض المراحل، إلى جانبه كيشا شاهاف وأناستاتيا مايرز، وقد أصبحتا أول ثنائي مؤلف من أم وابنتها وكذلك أول امرأتين لهما أصول أفريقية كاريبية، تزوران الفضاء. إلا أن رحلتهما، التي قد تحدث مرة واحدة في العمر، كانت أرخص بكثير من رحلة جون، إذ إنهما فازتا بتذاكرهما في مسابقة.

اشتركت المدربة الصحية البالغة من العمر 46 سنة في مسابقة الجائزة "بشكل عشوائي"، إلى جانب 165000 شخص، بعدما رأت الإعلان عنها أثناء سفرها من أنتيغوا إلى لندن لتأمين تأشيرة دخول لابنتها.

أناستاتيا، 18 سنة، وهي تدرس الفيزياء في جامعة أبردين باسكتلندا، أخبرت والدتها أنها "فقدت القدرة على ضبط مشاعرها" عندما كشفت لها عن نبأ رحلتهما المقبلة إلى الفضاء.

وقالت الآنسة مايرز إنه لم يكن هناك أي شخص آخر ستختار أن تخوض تجربة الحدث "المدهش" معه باستثناء والدتها، مضيفة "لا أعتقد أن هناك أي شيء آخر يمكن أن يكون أكثر تعزيزاً للعلاقة بين اثنين من هذا. إنه لأمر مريح للغاية أن أعرف أنها معي".

وبالانتقال إلى يوم الخميس 10 أغسطس (آب) والفرصة التي تكاد لا تصدق لكنها صارت حقيقة واقعة.

أقلعت السفينة الأم VMS Eve من نيو مكسيكو قرابة الساعة 15:30 بحسب التوقيت الصيفي البريطاني، وبعد أن وصلت إلى ارتفاع نحو 44500 قدم، وهو أعلى بقليل من المدى الذي تبلغه معظم الطائرات التجارية، تم إطلاق VSS Unity في نحو 16:17 وراحت تزيد سرعتها في عجالة من نحو 350 ميلاً في الساعة إلى 2000 ميل في الساعة.

وعندما اقتربت الطائرة من ارتفاع 200 ألف قدم، تم إبلاغ الركاب بأنه لم يعد هناك مانع من فك الأحزمة وتجريب انعدام الجاذبية. وفور بلوغهم هذه اللحظة توجهوا إلى النوافذ الـ17 للطائرة التي سرعان ما عكست اتجاهها من أجل منحهم فرصة لرؤية الأرض بشكل أفضل.

وشوهد الركاب وهم يمسكون بأطراف النوافذ بينما كانت أجسادهم تطفو، وقد تسمرت أعينهم بذهول على المشهد الذي كان أمامهم، وهم في حالة من الرهبة الكبيرة على ما يبدو.

وبعد نحو خمس دقائق، عادوا إلى مقاعدهم وشدوا الأحزمة مرة أخرى قبل رحلة العودة في أعقاب وصولهم إلى ذروة ارتفاعها 290422 قدماً، أو 85.5 كيلومتراً (55 ميلاً) من سطح الأرض، وهو علو تبين أنه مثير للجدل إلى حد ما.

فبينما يتوافق هذا الارتفاع مع تعريف "ناسا" لدخول الفضاء، إذ إن الوكالة الأميركية تعتبر أن حدود الفضاء تبدأ من 80.4 كيلومتر (50 ميلاً) فوق مستوى سطح البحر، إلا أن خط الحدود بين الغلاف الجوي للأرض وبين الفضاء الذي وضعه اتحاد الطيران الدولي، والمعروف باسم خط كرمان، يقع على بعد 99.8 كم (62 ميلاً) من الأرض.

وكما أشارت "بلو أوريجين" [وهي المركبة الفضائية] المنافسة لـ"فيرجين غالاكتيك"، فإن [خط الحدود] الأخير هو ما يعترف "96 في المئة من سكان العالم" به على أنه حافة الفضاء الخارجي.

ومع ذلك، قوبلت الطائرة بتصفيق حار من أولئك الذين كانوا يراقبون من قاعدة إطلاق مركبة "فيرجين غالاكتيك" الفضائية في نيو مكسيكو عندما هبطت بعد 63 دقيقة فقط من إقلاعها، وشوهد ركابها وهم يبتسمون ويومئون برؤوسهم.

وتحدث الركاب الثلاثة بإجلال عن تجربتهم في مؤتمر صحافي عقد بعد ساعات عدة [من هبوطهم]، وقالت شاهاف "لا أزال هناك. أنا لست هنا حتى الآن".

وأضافت ابنتها "لقد صدمتني الأشياء التي يشعر بها المرء. أنت مرتبط بكل شيء أكثر مما تتوقعه. تشعر بأنك جزء من الفريق، وجزء من السفينة، وجزء من الكون، وجزء من الأرض".

أما غودوين فذكر في معرض وصفه للرحلة التي انتظرها لمدة 18 عاماً بأنها "تجاوزت أكثر أحلامي جموحاً". وتابع "لقد كانت أكثر روعة بكثير مما كنت أتخيله"، معرباً عن صدمته من "التسارع الخالص" للوصول إلى ثلاثة أضعاف سرعة الصوت في أقل من تسع ثوانٍ، ولكن "الشيء الأكثر إثارة للإعجاب هو النظر إلى الأرض من الفضاء"، على حد تعبيره. وأضاف أن "مجرد الوضوح الخالص، كان مؤثراً للغاية".

وتابع أنه كان "من دون شك، اليوم الأكثر إثارة في حياتي".

إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ستبدأ شركة السير ريتشارد برانسون في عرض رحلات شهرية للعملاء على متن طائرة الفضاء المجنحة الخاصة بها، لتنضم إلى "بلو أوريجين" التي يملكها جيف بيزوس و"سبيس إكس" لإيلون ماسك، في عالم السياحة الفضائية.

وستجمع رحلة يوم الخميس التاريخية المال لمجموعة "الفضاء من أجل الإنسانية" غير الربحية التي تسعى إلى إرسال مواطنين عاديين إلى الفضاء لتوفير "منظور أكبر" لهم حول التحديات التي تواجه الأرض.

ووصف غودوين، كونه ثاني شخص مصاب بمرض باركنسون يدخل الفضاء بأنه "سحري تماماً"، مضيفاً، "آمل أن يلهم هذا جميع الآخرين الذين يواجهون الشدائد ويظهر لهم أن التحديات يجب ألا تكبحهم أو تمنعهم من تحقيق أحلامهم".

وأضافت شاهاف، في سياق وصفها الفضاء بأنه "مثل التحرير". وأردفت "عندما كنت في الثانية من عمري، فكرت وأنا أنظر إلى السماء كيف يمكنني الوصول إلى هناك؟ ولكن لكوني من منطقة البحر الكاريبي، لم أر سبيلاً لجعل ذلك ممكناً".

وختمت "حقيقة وجودي هنا، كأول شخص يسافر إلى الفضاء من أنتيغوا، تبين أن الوصول إلى الفضاء أصبح أمراً أكثر سهولة".