إرم نيوز
سلّط تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، الضوء على أسباب أزمة المياه وانعكاساتها السلبية على المحاصيل الزراعية في القارة الأوروبية.
وقالت الصحيفة، إن مستوى المحاصيل انخفض، العام الحالي، جراء الجفاف المبكر والقاسي ما يعني حصول المزارعين على نصف الكمية التي اعتادوا على إنتاجها سنويًا، وبالتالي الحصول دخول منخفضة.
وأوضحت، أن محاصيل الزيتون في الجزء الخاص بها في الأندلس في إسبانيا، ستنخفض بسبب نقص احتياطيات المياه الجوفية بأكثر من النصف، وهو الأمر الذي اضطر المزارعين هناك إلى توصيل المياه إلى أشجارهم بدلاً من الاعتماد على المياه الجوفية.
ويعد الجفاف وحرائق الغابات في جنوب أوروبا، الصيف الحالي، من أكثر العلامات الواضحة على مشكلة ندرة المياه المعقدة التي أصبحت أكثر خطورة مع تغير المناخ.
لا توجد دولة في أوروبا يمكنها التظاهر بأنها محمية من أزمة المياه حاليًا.
كزافييه ليفليف
ونقلت الصحيفة عن كزافييه ليفليف، الذي يقود فريق المياه في مديرية البيئة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قوله: "لا توجد دولة في أوروبا يمكنها التظاهر بأنها محمية من أزمة المياه حاليًا".
وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن حالات الجفاف زادت بشكل كبير في دول الاتحاد الأوروبي، إذ ارتفع عدد المناطق والأشخاص الذين تضرروا جراء الجفاف بنسبة 20% تقريبًا بين عامي 1976 و2006، وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وكان معهد الموارد العالمية، توقع، العام 2020، ارتفاع الطلب العالمي على المياه العذبة بنسبة 56% بحلول العام 2030.
وكشفت الرسوم البيانية الصادرة عن المرصد الأوروبي للجفاف، منذ يناير/كانون الثاني من العام الماضي، مدى تكرار التحذيرات والإنذارات بوقوع الجفاف في معظم أنحاء القارة الأوروبية.
وتصاعدت التوترات المتعلقة بهذا الموضوع في العديد من الدول من بينها فرنسا وإسبانيا، حيث شهدتا أعمال شغب بين المزارعين الذين يعتبرون من أكبر مستهلكي المياه في القارة الأوروبية.
وقالت الصحيفة، إن الوضع سيزداد سوءًا، خلال السنوات المقبلة، بسبب عدة عوامل من بينها: السياسات المائية السيئة، وتغليب المصالح الشخصية، والتغير المناخي السريع.
واعتبرت أن صنَّاع القرار في أوروبا لا يعيرون ملف إمدادات المياه اهتمامًا كافيًا، ويعتمدون على فصول الشتاء الباردة، ومستويات الأمطار المرتفعة والثابتة.
يمتد تأثير أزمة المياه في أوروبا إلى المزارعين والأسر وحتى على الصناعات الأخرى بما في ذلك إنتاج الطاقة، بسبب الاعتماد على المياه لتبريد محطات الطاقة النووية، وتوليد الطاقة الكهرومائية.
بين الوفرة والندرة
وأشارت الصحيفة إلى أن أنظمة المياه في أوروبا تستند إلى "إرث من الوفرة" من المياه في الوقت الذي ينبغي عليهم التعامل مع "واقع من الندرة" من خلال تبني سياسات وإصلاحات صعبة، لكنها ضرورية تعكس هذا الواقع.
ويمتد تأثير أزمة المياه في أوروبا إلى المزارعين والأسر، وحتى على الصناعات الأخرى، بما في ذلك إنتاج الطاقة، بسبب الاعتماد على المياه لتبريد محطات الطاقة النووية، وتوليد الطاقة الكهرومائية.
ولا تقتصر هذه المشكلة على الأراضي الأكثر جفافًا في أوروبا، بل تصل إلى الأجزاء الأكثر رطوبة من القارة مثل بولندا أو ألمانيا التي تعاني من "الإجهاد المائي".
وتعد بلجيكا أكثر الدول التي تعاني من نقص المياه في أوروبا بسبب الكثافة السكانية، وضعف البنية التحتية، وفقًا لمؤشر معهد الموارد العالمية.
مشاكل بالجملة
وترتفع درجة حرارة أوروبا بشكل أسرع من أي قارة أخرى، لكن هذا الأمر تفاقم بسبب قضايا أخرى مثل انخفاض المياه الناجمة عن ذوبان الثلوج في جبال الألب، والتي تشكل أهمية بالغة لإمدادات المياه في القارة.
علاوة على ذلك، فإن التربة التي تعاني من الجفاف لا تحتفظ بما يكفي من مياه الأمطار، مما يستنزف احتياطيات المياه الجوفية.
وعلى الرغم من المخاوف بشأن ندرة المياه، إلا أن النهج المتبع في التوزيع لا يزال ضعيفًا للغاية في دول الاتحاد الأوروبي، إذ يتم فقدان 25 % في المتوسط من مياه الشرب بسبب الأنابيب التالفه فيما تتصدر كل من بلغاريا، ورومانيا، وإيطاليا، قائمة أسوأ الدول المخالفة، استنادًا إلى بيانات رسمية.
ترتفع درجة حرارة أوروبا بشكل أسرع من أي قارة أخرى، لكن هذا الأمر تفاقم بسبب قضايا أخرى مثل انخفاض المياه الناجمة عن ذوبان الثلوج في جبال الألب، والتي تشكل أهمية بالغة لإمدادات المياه في القارة.
وقالت كيت لامب، المدير العالمي للأمن المائي في منصة المعلومات الخاصة بالمستهلكين إنه "بات من المعروف أن السعر الذي يدفعه المستهلكون لاستخدام المياه (الشرب والزراعة) لا يعكس بعد التكلفة الحقيقية لعمليات الاستخراج، والنقل، والاستخدام، والتلوث".
وأضافت أن تكلفة التقاعس عن العمل حيال ملف ندرة المياه سيتجاوز 5 أضعاف الاستثمار المطلوب لمعالجة مخاطر ندرة المياه مقدمًا.
وقالت اللجنة الأوروبية لتحولات الطاقة، وهي ائتلاف صناعي، إن المياه المستخدمة لتوليد الطاقة، والتحليل الكهربائي للهيدروجين، وتبريد محطات الطاقة النووية، واحتجاز الكربون، يمكن أن تصل إلى 58 مليار متر مكعب سنويًا بحلول العام 2050، أي ما يقرب من ضعف استهلاك مياه الشرب الحالي في أوروبا.