العين الاخبارية
شمال القارة السمراء في أفريقيا؛ تقع الصحراء الكبرى على مساحة 9.2 مليون كيلومتر مربع، وهي ثاني أكبر صحراء في العالم.
وتظهر على الخريطة باللون الأصفر، تعبيراً عن طبيعتها الصحراوية الجرداء، لكن المفاجأة أنّ مجموعة علماء من فنلندا والمملكة المتحدة، كشفوا عن سر من أسرارها التي طواها الزمان ومضى؛ إذ كشفوا عن السر وراء ارتداء الصحراء الكبرى للثوب الأخضر في وقت ما، كانت فيه عامرة بالحياة والأنواع النباتية والحيوانية. ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر كوميونيكاشن» (Nature Communication) في 8 سبتمبر/أيلول 2023.
الصحراء الخضراء
هناك العديد من الأدلة المناخية القديمة التي تُشير إلى أنّ منطقة الصحراء الكبرى قد شهدت العديد من الفترات الرطبة، التي كساها الغطاء النباتي. الأمر الذي شغل الباحثين، وجعلهم يصممون نموذجاً مناخياً يُحاكي التحولات الحاصلة في الصحراء الكبرى على مدار آخر 800 ألف سنة، وهي فترة واقعة في النطاق الزمني للعصر الرباعي، وهو العصر الأخير من حقبة الحياة الحديثة، التي بدأت قبل 2.58 مليون سنة.
نموذج أكثر دقة
كان التحدي الأكبر الذي واجه الباحثون، هو أنّ النماذج المناخية السابقة ليست دقيقة بالدرجة الكافية، لكنهم اعتمدوا على فرضية تقول إنّ الفترة الرطبة التي مرت على الصحراء الكبرى وحوّلتها إلى اللون الأخضر، كانت بسبب قوة الرياح الموسمية والحركة المحورية للأرض، وهي حركة الأرض في مدارها حول محورها، وهي مرتبطة بتباين فصول السنة الأربعة: الصيف، الخريف، الشتاء، الربيع.
أجرى الباحثون ما يقرب من 219 عملية محاكاة للتأكد من أنّ نموذجهم المناخي يحاكي تقلبات المناخ القديم. ووجدوا أنّ فصول الصيف كانت أكثر دفئًا في نصف الكرة الأرضية الشمالية، وكانت الرياح الموسمية أكثر كثافة، عبر نصف غرب أفريقيا؛ وهذا يعني مزيدا من المطر في الصحراء الكبرى. وبطبيعة الحال المطر يحفز تكوين التربة الرطبة، التي تغذي الغطاء الأخضر.
لكن.. كيف؟
خلال العصور الجليدية، غطت الأنهار الجليدية الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، وصارت أكثر برودة وقتها كانت الرياح الموسمية في أفريقيا، وفي تلك الفترة الزمنية أيضًا تأثرت الحركة المدارية للأرض، فظلت المناطق الشمالية أكثر برودة، واستمرت الرياح الموسمية في أفريقيا، وأصبحت أرضها رطبة، وكساها اللون الأخضر.
تبدل النظام البيئي
أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ الصحراء الكبرى كانت خضراء في وقت ما، لكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها دراسة علمية دقيقة عن السر وراء ذلك، باستخدام نموذج مناخي دقيق، هذا الاكتشاف يساعدنا في بناء فهم أوضح عن التوقيت الذي كانت فيه الصحراء الكبرى رطبة وخضراء وغنية بأنواع الحيوانات المختلفة التي تسكن المناطق الاستوائية في العادة، مثل الزرافات وأفراس النهر. من جانب آخر فهذا يعزز فهمنا للنظم البيئية، مرونتها التي تجعلها تتغير من حين إلى آخر، وفقا للظروف الطارئة على الكوكب وتغيرات المناخ.