شجبت رسالة احتجاجية مفتوحة صدرت عن 600 كاتب ومثقف وأكاديمي وناشر حول العالم، قرار المنظمة الأدبية الألمانية "ليتبروم"، إلغاء حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، التي كانت ستتسلم جائزة في معرض فرانكفورت للكتاب 2023، عن روايتها "تفصيل ثانوي".

وجاء قرار المنظمة التي تموّلها جزئياً الحكومة الألمانية ومعرض فرانكفورت للكتاب، إثر اندلاع المواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في السابع من أكتوبر. وقالت المنظمة في بيان، "إن شبلي لن تتسلّم الجائزة خلال معرض الكتاب، وتمّ إلغاء مناقشة عامّة معها هي ومترجمها الألماني جونتر أورث، كانت مقرّرة خلال فعاليات المعرض".

وجاء في الرسالة: "تقع المسؤولية على عاتق معرض فرانكفورت للكتاب، باعتباره معرضاً دولياً كبيراً للمؤلفين ودور النشر، من أجل خلق مساحة حرية للكُتّاب الفلسطينيين لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم وتأمّلاتهم حول الأدب، خلال هذه الأوقات الصعبة التي نمر بها جميعاً، وليس إغلاق الباب في وجوهم والانحياز بالكامل إلى صف إسرائيل".

وقّع على الرسالة الاحتجاجية كُتّاب عالميين حائزين على جائزة نوبل في الأدب، مثل الكاتب التنزاني عبد الرزاق جرنه، والفرنسية آني إرنو، والبولندية أولجا توكارتشوك، فضلاً عن الكُتّاب الحاصلين على جائزة "بوكر"، ومنهم الإيرلندية آن إنرايت، والأسترالي ريتشارد فلاناجان، والإنجليزي إيان ماك إيوان، والكولومبية الفائزة بجائزة "ليتبروم" بيلار كوينتانا، والكندية مادلين ثين، إلى جانب مئات الناشرين والوكلاء الأدبيين من جميع أنحاء العالم.

نُشرت رواية "شبلي" التي كان من المفترض أن تحصد الجائزة في الأصل عام 2017 بعنوان "تفصيل ثانوي" أو "Minor Detail"، وحصلت ترجمتها الإنجليزية بعد ثلاث سنوات على ترشيحات لجائزة الكتاب الوطني وجائزة "بوكر" الدولية، وبعد ترجمتها إلى اللغة الألمانية عام 2022، حصلت على جائزة "ليبراتور" عام 2023، وهي جائزة سنوية تُمنح لأفضل المؤلفات الأدبية في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ويتم تكريم الفائزين بها كل عام خلال فعاليات معرض فرانكفورت للكتاب.

رواية حقيقية

تدور أحداث الرواية حول واقعة حقيقية لاغتصاب فتاة بدوية على يد وحدة من الجيش الإسرائيلي، في صحراء النقب في أغسطس 1949. ومحاولة تتبّع هذه المأساة من قِبل شابة من رام الله، صُدمت وهي تطالع صحيفة "هآرتس"، بعدما وقع نظرها على مقال يُوثِّق فيه صحافي إسرائيلي اغتصاباً جماعياً للفتاة من قِبَل جنود إسرائيليين قبل 25 سنة، فتقرر تتبّع تلك القصّة.

وقالت لجنة التحكيم حينها، "إن الكاتبة الفلسطينية ابتكرت عملاً فنياً مكتوباً بشكل لغوي صارم، يُعبّر عن قوّة الحدود وما تفعله النزاعات العنيفة بالناس".

ولفتت اللجنة إلى أن الكاتبة "توجّه نظرها إلى التفاصيل الصغيرة بحذر شديد، وتسمح لنا بإلقاء نظرة خاطفة على الجروح القديمة والندوب التي تختبئ خلف تلك المآسي".

"فعل جبان"

وذكر بيان المنظمة الألمانية، أن القرار تمّ اتخاذه بالمشورة مع المؤلفة الفلسطينية، وهو ما نفته شلبي بشكل قاطع، وأكدت أن القرار لم يكن بالمشورة معها، بل بالعكس فرأيها مغاير تماماً، لأنها ترى "أن معرض الكتاب يشكّل فرصة سانحة للتحدّث مع الجمهور مباشرة، وتسليط الضوء على الأهمية التي يلعبها الأدب خلال هذه الأوقات القاسية والصعبة من تاريخ الإنسانية".

ووجّهت مسؤولة دار نشر "نيو دايركشنز" الأميركية الخاصة بـالكاتبة، باربرا إيبلر، رسالة إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، وصفت فيها إلغاء الحفل ومحاولة إسكات صوت عدنية شبلي، بسبب الحرب في إسرائيل بـ "الفعل الجبان"، وقالت "إن الأسوأ منه هو ادّعاء الجهة المنظمة للحفل، أن القرار جاء من "شبلي" نفسها، على الرغم من الويلات التي يعانيها الشعب الفلسطيني اليوم".

وقال مسؤول دار نشر "فيتزكارالدو" الخاصة بالكاتبة في المملكة المتحدة، جاك تيستارد، "إن أحد أغراض الأدب هو تشجيع التفاهم والحوار بين الثقافات، وخصوصاً عندما يتّسم بمثل هذا العنف المروّع والخسائر في الأرواح من الجانبين".

أضاف: "يقع على عاتق أكبر معرض للكتاب في العالم واجب الدفاع عن الأصوات الأدبية في فلسطين وإسرائيل على حدّ سواء"، وأكد تضامنه التام مع عدنية شبلي وناشريها الألمان.

وقالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز، "إنه في الوقت الذي أصدر فيه المعرض بياناً صريحاً قال فيه إنه يريد تسليط الضوء على الكتابات الإسرائيلية بشكل خاص خلال المعرض هذا العام، فإنه يغلق المجال أمام الأدب الفلسطيني بشكل مجحف".

وأعلن الناشر التونسي الحبيب الزغبي صاحب دار الكتاب للنشر والتوزيع عن "تبني جميع أعمال الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي بالنشر والتوزيع، في جميع دول العالم والمعارض العربية والدولية، تضامناً مع الحق في الإبداع والحق في أن تكون فلسطينياً".