إرم نيوز
"الغريق الذي تعلق بقشة".. مثل عربي معروف، ينطبق اليوم على حال الملايين من متابعي معتز عزايزة.

المصور الفلسطيني، ابن غزة، الذي كان كل حلمه أن يحمل عدسة يجوب بها العالم ليلتقط الإنسان، لكن القدر شاء له أمرًا آخر. إذ أصبح العدسة التي وثَّقت للعرب تاريخهم في وجه من يحاولون تشويهه وطمره.

كعادة "معتز"، الذي لم يغفل يومًا عن مدينته الحزينة، هبّ منتفضًا منذ إعلان إسرائيل شنَّ أكبر عملياتها العسكرية عنفًا وقسوة على قطاع غزة.

حمل كاميرا، وارتدى سترة الإعلاميين، مصرّا دائمًا وأبدًا في تصريحاته أنه "مجرد مصور مستقل"، ليكون حاضرًا في كل تفاصيل الألم والدمار الهائل التي خلفته إسرائيل في حربها، وشوكة في خاصرة الماكينة الإعلامية العالمية، التي تحاول جاهدة طمس الحقائق بكل الوسائل المباحة.

تشبَّث العرب، الذين لم يجدوا وسيلة إعلامية تطفئ غضبهم المتعاظم أو ترضي عينهم التي تبحث عن الحقيقة، تشبثوا جميعًا بعدسة معتز عزايزة.

وفي العتمة الكثيفة، سار العرب خلف "عزايزة" يبحثون عن نهاية النفق المعتم، وعن عينهم التي ترى وحدها في هذا الظلام.

افتقد الملايين، الذين وصل عددهم على حساب عزايزة على "إنستغرام" وحده إلى قرابة 10 مليون متابع، المصور الفلسطيني، الذي اختفى منذ ساعات عن حساباته، بعد إعلان قطع الإنترنت وجميع وسائل الاتصال عن غزة، تحضيرًا لهجوم بري.

كان آخر ما نشره معتز عزايزة عبر "سناب شات"، الآية القرآنية (ولا تحسبنّ الله غافلاً). يلاحق متابعون عرب منذ ذلك الحين أي خبر عن "عزايزة"، العدسة الوحيدة التي أخلصت لهم، وتمكنت من إحياء كل تفصيل في ذاكرتهم، حتى لا تموت.

لم يتوقف العديد من العرب عن طرح سؤال وحيد، منذ اختفاء "عزايزة" عن حساباته.. "أين هو؟". سؤال محفوف بالقلق والخوف على سلاحهم الوحيد، الذي يملكونه، في وجه الإعلام العالمي الذي يحاربهم.

يصرّ "عزايزة"، على أنه لم يقم بتغطية كل هذا إلا لـ"أجله"، لكن متابعيه الذين يحتشدون على حساباته، يتلقفون كل ما ينشره بلهفة مغموسة بالألم لـ"أجلهم".. ربما كي يطمئنوا أنّه "لا يزال هناك صوت لهم".

يؤكد أصدقاء معتز عزايزة – بعد انقطاعه منذ ساعات - "أنه بخير"، لكنه لم يتمكن من التواصل عبر حساباته لأن ليس لديه "شبكة إنترنت".

ويترقب متابعون، يذهبون ويعودون إلى حساباته، عودة "عزايزة"، علَّهم يستطيعون من خلال عينيه أن يبصروا الطريق مجددًا إلى غزة.

معتز عزايزة، الذي فقد 15 شخصًا من عائلته في القصف الإسرائيلي على غزة، وظل مصرًا على القتال بعدسته، اختصر نفسه بالقول أنه "ليس بطلاً.. إنما مجرّد مصور".