سكاي نيوز عربية
بكلمة "رحلة الشؤم"، وصف أحد الفلسطينيين قصّة نزوحه الإجبارية من شمال قطاع غزة إلى جنوبها، لما يعانيه النازحون من ويلات في الطريق أو بعد وصولهم للجنوب، ما جعل بعضهم يرى أن الخطر لم ينتهِ بعد ترك منازلهم.
ولا يوجد عدد دقيق لمَن نزحوا من شمال القطاع إلى جنوبه، حيث لم تتوقّف المطالب الإسرائيلية للسكان بالتوجّه إلى الجنوب منذ اندلاع المعارك أكتوبر الماضي، بينما ذكر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، الجمعة، أن أكثر من 100 ألف نزحوا جنوبا خلال اليومين السابقين.
أظهرت مقاطع فيديو على وسائل إعلام عالمية مسيّرات لآلاف الفلسطينيين حاملين أبناءهم وأغراضهم، رافعين رايات بيضاء وهم متّجهون لأقرب مكان توجد فيها إعاشة وخدمات تقدّمها منظّمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ويروي شهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية" ما دفعهم للنزوح جنوبا، بعد تلقيهم تهديدات من الجيش الإسرائيلي، بحجة أن المناطق التي بها مساكنهم صارت منطقة عمليات عسكرية.
مُهلة اليوم الواحد
يقول همام منير، وهو أحد النازحين من قرب مخيّم جباليا في الشمال: "فوجئنا صباح أمس، بمنشورات تُقذف علينا من الطائرات، تهدِّدنا بأنه في حال استمرار وجودنا في منازلنا سيتم قصفها، لأن شمال غزة أصبح منطقة عمليات عسكرية".
وعمّا جاء في هذه المنشورات عن الوجهة التي حدّدها الجيش الإسرائيلي لينتقلوا إليها، يضيف منير: "حدّدوا لنا السير عبر شارع صلاح الدين، الممتد من الشمال للجنوب، وأعطوا لنا مهلة يومًا واحدًا للتحرّك من منازلنا، سارعنا وحملنا ما نستطيع حمله من ملابس وأدوات تساعدنا على المعيشة، والوضع كان في غاية الصعوبة".
"وبعد ساعات من توزيع المنشورات، فوجئنا بقنابل الدخان تُطلق علينا بكثافة، واختنق كثيرٌ منا، وتوجّهنا إلى حيث الممر الآمن الذي حدّدته إسرائيل، ورغم ذلك لم نسلَم من إطلاق نارٍ من الطائرات إذا خرج أحد عن الطريق، ورفعنا الرايات البيضاء لإثبات أننا غير مسلّحين"، كما يقول الفلسطيني النازح.
بجانب ما سبق، يتابع منير: "رأينا جثثا وأشلاء في الطريق، وأصيب كبار سن وأطفال بإعياء وإغماءات شديدة لطول المسافة وعدم وجود ماء وطعام، هذا بخلاف إصابتهم بالهلع خوفًا من القصف".
جاءت الراحة نوعًا ما من عبء الطّريق بعد أن وصل النازحون إلى أماكنَ وجدوا فيها منظّمات إغاثية تابعة لمنظمة "أونروا"، التي قال النازح الفلسطيني إنها قامت بتسكينهم في مدارس ومستشفيات "لكن الوضع خطير للغاية".
رحلة الشؤم
جاء في شهادة محمد الرمادي، وهو أحد سكان منطقة التوام في شمال غزة، كثيرًا ممّا رواه منير عن فحوى المنشورات والتهديدات الإسرائيلية، وإطلاق قنابل الدخان على المنازل لإجبار مَن تمسّك بالبقاء على المغادرة، إضافة إلى قذائف حارقة.
وبتعبيره: "اضطررنا للمغادرة، وبدأنا رحلة الشّؤم، وسلكنا طريق الشاطئ الممتد من الشمال إلى الجنوب، ووسط الإعياء الذي ضرب الكثير من طول المسافة خلال المشي (أكثر من 10-15 ساعة)، توفّيت سيدة بين أيدينا، بينما كانت الطائرات تحلّق فوقنا، ونترقّب أن تقصفنا في أي وقت، وبعد أن وصلنا افترشنا الطرقات والشوارع، ولا نعرف ماذا سيحدث لنا".
ولا يرى كثيرون أنّ وضعهم صار أحسن بعد أن وصلوا إلى الجنوب، فبجانب تهديدهم بالقصف في الطريق وفي أي وقت، فهم يشعرون أنهم بلا مأوى، والمستقبل مجهول أمامهم.
أمل في المفاوضات
يأمل الكثيرون أن تنتهي مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة بنتيجة مُرْضية للطرفين، باعتبار أن هذا قد يكون مفتاح وقف إطلاق النار، وإعادة الهدوء للقطاع.
في هذا السياق، ذكر موقع "بوليتيكو" الأميركي، السبت، أن المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسيرات وأسرى أطفال بين إسرائيل وحركة حماس وصلت إلى مرحلة متقدّمة.
ونقل الموقع عن مسؤوليْن إسرائيليين، لم يكشفا عن اسميهما، أن الصفقة ستشمل على الأرجح بضع عشرات من الأطفال والمسنّين الإسرائيليين، وبعضهم من ذوي الجنسيات المزدوجة، وذلك عبر وسطاء مصريين وقطريين.
كانت حركة حماس في السابق اشترطت خروج كل الأسرى والسجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، والبالغ عددهم وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" 5250 شخصًا، مقابل إطلاق سراح الأسرى الذين اختطفتهم الفصائل الفلسطينية من مستوطنات إسرائيلية في 7 أكتوبر الماضي، وبلغ عددهم 239، توفّي 60 منهم في القصف الإسرائيلي للقطاع، حسب "حماس".