مجلة Nature Climate Change
عرضت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature Climate Change" نتائج مذهلة عن الأثر الإيجابي والقدرة الكبيرة لدى السكان الأصليين لإدارة الغابات والمجتمعات المحلية في مواجهة تحديات التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، مقارنة بإدارتها من قبل المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص.

وحسب موقع Africa Science News، توضح الدراسة، التي قادها هاري فيشر من جامعة العلوم الزراعية السويدية، حجم النجاح الملحوظ لهؤلاء السكان في تقليل نسبة الانبعاثات الكربونية وحفظ التنوع البيولوجي وتحسين سبل العيش، وهو ما يتماشى تمامًا مع أهداف "الحلول القائمة على الطبيعة"، التي ستكون محور النقاشات في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28) في دبي.

وتسلط الدراسة الضوء على حل لمعالجة الأزمات المزدوجة المتمثلة بتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، والتي أدت إلى الاهتمام المتزايد بالغابات والمحافظة عليها.

وبالاعتماد على مجموعة بيانات واسعة تشمل 314 بقعة غابات يستخدمها ويديرها السكان المحليون في 15 دولة استوائية، قامت الدراسة باختبار مؤشرات مختلفة مثل أنواع الأشجار، ومعدلات الاحتباس الكربوني في الطبقة البيولوجية المحيطة بها، ودورها في تحقيق سبل عيش المجتمعات الريفية.

وخلصت الدراسة إلى أن الغابات الخاضعة لإدارة المجتمعات المحلية الأصلية تفوقت على غيرها، ما يؤكد الحاجة إلى منح هذه المجتمعات حقوقاً رسمية وصلاحيات في اتخاذ القرار المتعلق بإدارة الغابات.

ومن المثير للاهتمام أن الدراسة لم تجد ارتباطات إيجابية مع استراتيجية زراعة الأشجار الشائعة للحفاظ على الغابات، ويرجع هذا على الأرجح إلى أن السكان الأصليين يعتمدون في كثير من الأحيان بشكل كبير على الغابات من أجل رفاههم، لأنهم يستخدمون الغابات للحصول على الغذاء والدخل.

لكن بالمقارنة مع المسؤولين الحكوميين، غالباً ما تكون لدى السكان الأصليين معرفة أفضل بالسياقات المحلية، وهم أكثر قدرة على وضع قواعد الاستخدام الملائمة لمجتمعاتهم المحلية. لذا، فإن السياسات التي تمنح السكان المحليين حقوقاً رسمية وصلاحيات في اتخاذ القرار بإدارة الغابات تساعد في ضمان حصولهم على الفرصة للقيام بما يتقنونه بالفعل.

ومع ذلك، ورغم الأدلة المتزايدة التي تؤكد على الدور المحوري لمجتمعات السكان الأصليين، فقد أكدت بعض الدراسات بطء إجراءات الحكومات الخاصة بإشراكهم في التخطيط لتحقيق مستهدفات خطط التغير المناخي والتنوع البيولوجي. وتكشف الدراسة عن أوجه القصور في الاستراتيجيات الوطنية الحالية، مشيرة إلى أن جزءاً صغيراً فقط من خطط التنوع البيولوجي يعطي الأولوية لتعزيز حقوق السكان الأصليين.

علاوة على ذلك، هناك غياب واضح لتدابير الحماية الخاصة بالمجتمعات المتضررة من توسع المناطق المحمية، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنوع البيولوجي العالمية.

وقد أصدر مؤلفو الدراسة تحذيراً صارخاً، معربين عن شكوكهم بإمكانية تحقيق أهداف عام 2030 إذا استمرت الحكومات بممارساتها وفق الوضع الراهن. وحثوا على إحداث تحول جوهري في السياسات، وشددوا على الضرورة الملحة لدمج المجتمعات الأصلية والمحلية في عمليات صنع القرار؛ لتعزيز التقدم الحقيقي في جداول أعمال المناخ والتنوع البيولوجي.