العربيةمنذ القرن التاسع عشر، تسببت الأنشطة البشرية والصناعية، على مدى عقود في تغير المناخ، جراء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، ما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية.
وفيما يحاول قادة العالم والمنظمات الدولية العمل جاهداً للحد من هذه الظاهرة بشتى الطرق لحماية كوكب الأرض، كشف تقرير جديد ظاهرة مذهلة في أعلى سلسلة جبال في العالم يمكن أن تساعد في إبطاء آثار أزمة المناخ العالمية.
لكن كيف تعمل هذه الظاهرة في إبطاء ظاهرة التغير المناخي؟
فعندما تصل درجات الحرارة المرتفعة إلى كتل جليدية معينة على ارتفاعات عالية، يؤدي ذلك إلى رد فعل مفاجئ يؤدي إلى هبوب رياح باردة قوية أسفل المنحدرات، وفقاً للدراسة التي نشرت في 4 ديسمبر في مجلة Nature Geoscience.
وقالت فرانشيسكا بيليتشيوتي، أستاذة علم الجليد في معهد العلوم والتكنولوجيا في النمسا والمؤلفة الرئيسية للدراسة، إن المناخ الدافئ يخلق فجوة أكبر في درجات الحرارة بين الهواء المحيط فوق الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا والهواء البارد الذي يتلامس مباشرة مع سطح الكتل الجليدية.
وأوضحت أن هذا يؤدي إلى زيادة في التبادل الحراري المضطرب على سطح النهر الجليدي وتبريد أقوى للكتلة الهوائية السطحية، كما تشرح الصورة أدناه.
وعندما يصبح الهواء السطحي البارد والجاف أكثر برودة وأكثر كثافة، فإنه يغوص. وتتدفق الكتلة الهوائية أسفل المنحدرات إلى الوديان، مما يسبب تأثير التبريد في المناطق السفلية من الأنهار الجليدية والنظم البيئية المجاورة.
ومع وجود الجليد والثلوج من سلسلة الجبال التي تتغذى على 12 نهراً فإن الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا يمكنها الحفاظ على تأثير التبريد والمحافظ على نفسها بينما تواجه المنطقة ارتفاعاً محتملاً في درجات الحرارة خلال العقود القليلة القادمة.
الرياح الباردة غير كافية
رغم ذلك حتى وجود هذه الرياح الباردة ليس كافياً لمواجهة درجات الحرارة المتزايدة وذوبان الأنهار الجليدية بشكل كامل بسبب تغير المناخ، وفق توماس شو، وهو جزء من مجموعة أبحاث ISTA.
وأوضح أن التبريد في الهيمالايا محلي لكنه ربما لا يزال غير كاف للتغلب على التأثير الأكبر للاحتباس الحراري والحفاظ على الأنهار الجليدية بشكل كامل.
كذلك بيّن أن الندرة العامة للبيانات في المناطق المرتفعة في جميع أنحاء العالم هي ما أدى إلى تركيز فريق الدراسة على استخدام سجلات المراقبة الأرضية الفريدة في محطة واحدة في جبال الهيمالايا.
نتائج واعدة
وقال إن "العملية التي سلطنا الضوء عليها في الورقة من المحتمل أن تكون ذات أهمية عالمية ويمكن أن تحدث في أي نهر جليدي في جميع أنحاء العالم حيث يتم استيفاء الشروط".
كما أشار إلى أن الدراسة الجديدة توفر دافعاً مقنعاً لجمع المزيد من البيانات طويلة المدى عالية الارتفاع والتي هناك حاجة إليها بشدة لإثبات النتائج الجديدة وتأثيراتها الأوسع.
يذكر أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض أصبح الآن حوالي 1.1 درجة مئوية أكثر دفئاً مما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر (قبل الثورة الصناعية) وأكثر دفئاً من أي وقت في آخر 100000 عام.
وكان العقد الماضي (2011-2020) هو الأكثر دفئاً على الإطلاق، وكان كل عقد من العقود الأربعة الماضية أكثر دفئاً من أي عقد سابق منذ عام 1850، بحسب موقع الأمم المتحدة.