العربية.نت

مبنى اللوبيانكا اعتمد في البداية كمقر لإحدى شركات التأمين قبل أن يتحول فيما بعد لمقر أجهزة الأمن السوفيتية

عقب نجاح الثورة البلشفية واستفراد فلاديمير لينين ورفاقه بالسلطة، اتجه المسؤولون البلشفيون للاعتماد على جهاز أمن قوي لفرض السلطة والنظام بالبلاد، وبالعقود التالية، لم يتردد قادة الاتحاد السوفيتي في مواصلة هذه السياسة الأمنية التي مكنتهم من التخلص من معارضيهم وأعدائهم المحتملين داخل البلاد.

ومنذ الثورة البلشفية، مثّل مبنى اللوبيانكا (Lubyanka)، الموجود حاليا بشارع بولشايا لوبيانكا (Bolshaya Lubyanka)، المقر الرئيسي لمختلف هذه المنظمات الأمنية. وبسبب ذلك، كسب هذا المبنى سمعة سيئة ومخيفة بين سكان موسكو.

تشييد مبنى اللوبيانكا

بنفس المكان الذي شيدت به الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية (Catherine II)، المعروفة أيضا بكاترين العظيمة، مقر الأمن السري سابقا، شيد مبنى اللوبيانكا عام 1898 واعتمد كمقر لإحدى شركات التأمين الروسية، وبتلك الفترة، تميز هذا المبنى بتصميمه المعماري الذي جذب انتباه سكان موسكو وساهم في زيادة شعبية مصممه المعماري ألكسندر إيفانوف (Alexander V. Ivanov) الذي جمع في تصاميمه أساسا بين فن العمارة البالادية والفن المعماري الباروكي.

ومع نجاح الثورة البلشفية، أقدم البلشفيون على تغيير اسم النهج الذي احتضن مبنى اللوبيانكا وأطلقوا عليه اسم دزيرجينسكوغو (Dzerzhinskogo) نسبة لفيليكس دزيرجينسكي (Felix Dzerzhinsky) مدير جهاز التشيكا (Cheka) الأمني الذي قمع المعارضين وأدار شؤون معسكرات العمل القسري. وبالتزامن مع ذلك، استولى البلشفيون على مبنى اللوبيانكا وجعلوا منه مقرا رسميا لجهاز التشيكا الأمني.

عام 1920، شيد البلشفيون سجنا بمبنى اللوبيانكا. وفي بداياته، استقبل هذا السجن عددا من الشخصيات البارزة مثل القائد الإشتراكي بوريس سافينكوف (Boris Savinkov) والشاعر السوفيتي أوسيب ماندلستام (Osip Mandelstam).

ستالين وسجن اللوبيانكا

خلال فترة الثلاثينيات، تحولت اللوبيانكا لمقر مفوضية الشعب للشؤون الداخلية، وبسبب كثرة الاعتقالات بالفترة الستالينية، اتجه المسؤولون السوفييت لتوسيع المبنى أملا في زيادة طاقة استيعابه. وأثناء فترة التطهير الكبير التي طارد خلالها ستالين عددا هائلا من كوادر الدولة، نقل الكثير من المعتقلين نحو سجن اللوبيانكا أين تعرضوا للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات منهم. فضلا عن ذلك، شهد هذا المبنى عمليات إعدام عديدة بحق معارضين، أو معارضين محتملين، للنظام الستاليني. من جهة ثانية، كسب مبنى اللوبيانكا سمعة قاتمة بين أهالي موسكو أثناء الحقبة الستالينية حيث انتشرت حينها بين المواطنين السوفييت أخبار حول حتمية صدور حكم بالإعدام في حق كل متهم يدخل هذا المبنى.

مع زوال مفوضية الشعب للشؤون الداخلية، تحول مبنى اللوبيانكا لمقر لجنة أمن الدولة السوفيتية المعروفة أكثر بكي جي بي (KGB). وعقب وفاة ستالين سنة 1953، تحدث المسؤولون السوفييت عن توقف عمليات استجواب المعتقلين داخل اللوبيانكا.

بحلول العام 1958، شيد الاتحاد السوفيتي تمثالا لمؤسس جهاز التشيكا فيليكس دزيرجينسكي قبالة مبنى اللوبيانكا. وقد ظل هذا التمثال، البالغ وزنه 11 طنا، بمكانه لنحو 3 عقود قبل أن يزاح ويعوض عام 1991 بلوحة تذكارية لتخليد الضحايا الذين مروا بمقر اللوبيانكا طيلة الحقبة السوفيتية.

عقب انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات، سمح للعديد من المواطنين الروس، والسياح الغربيين، بزيارة اللوبيانكا وسجونها.

وبالفترة الحالية، يضم المبنى متحفا مخصصا للكي جي بي ومقرا لخدمة الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي في الاتحاد الروسي.