عمر عولج في نيويورك وحصل على ذراع اصطناعية لكنه يعاني من صدمة عميقة
قبل 6 ديسمبر 2023، كان الطفل الفلسطيني عمر أبو كويك (4 سنوات) يبدأ خطوته الأولى في الدراسة بروضة للأطفال في غزة، قبل ان ينتزع العدوان الإسرائيلي سعادته.

عمر اليوم، بعيد عن منزله في مدينة غزة، وربما كتب عليه أن يبقى عالقاً في المنفى القسري بعد أن فقد والديه وشقيقته.. وذراعه.

ربما يكون عمر، أحد الأطفال الفلسطينيين القلائل المحظوظين بالنجاة من العدوان الإسرائيلي الهمجي ويحظى بفرصة جديدة للحياة، لكن بالتأكيد لن تعود له الفرحة التي شعر بها في اول ايامه بروضة الاطفال.

بعد مرور أسبوعين على العدوان الإسرائيلي على غزة، نجا عمر من الموت بأعجوبة، فقد أخلت العائلة شقتها في مدينة غزة قبل أن تسوي الغارات الإسرائيلية المبنى بالأرض. وبالملابس التي يرتدونها فقط، بدأت العائلة البحث عن مأوى، لكن في 6 ديسمبر قصفت غارتان جويتان منزل أجداد عمر في مخيم النصيرات للاجئين. أدى الانفجار إلى تقشير جلد وجه عمر وتم بتر ذراعه اليسرى من تحت الكوع، وكان مصابا بحروق في ساقه وجذعه، واستشهد والداه وأخته (6 سنوات) وأجداده وعمتاه وابن عمه.

كان عمر عالقاً تحت الأنقاض، واستطاع رجال الإنقاذ انتشاله وهو ينزف.

قال أديب شويكي، نائب رئيس منظمة الرحمة العالمية، مقرها الولايات المتحدة، والذي سمع عن عمر: «كانت وجهة نظرنا أن أي مكان أفضل بالنسبة له من التواجد في غزة»، فتم الحصول على تصريح له للسفر إلى مصر رفقة عمته مها ابو كويك. ونقلتهم سيارة إسعاف إلى الحدود، حيث نقلتهم سيارة إسعاف مصرية عبر سيناء، ودخل مستشفى عسكريا مصريا لأسابيع حتى أعطتهم هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية الضوء الأخضر للسفر إلى نيويورك في 17 يناير.

تم إخراج عمر من غزة إلى الولايات المتحدة، حيث تلقى العلاج، بما في ذلك حصوله على ذراع اصطناعية.

أمضى عمر أيامه في منزل تديره جمعية طبية خيرية في مدينة نيويورك رفقة عمته.

كان ذلك قدرًا صغيرًا من النعمة في بحر من الاضطرابات بالنسبة لعمر وعمته، حيث كانا يتطلعان إلى مستقبل غامض.

تشعر مها أبو كويك بالسعادة لأنها تمكنت من القيام بذلك من أجل ابن أخيها الحبيب، الذي تعتبره الآن طفلها الرابع.

لكنه كان خياراً فظيعا، إذ كان الذهاب مع عمر يعني ترك زوجها وأطفالها الثلاثة المراهقين في مخيم بمدينة رفح بأقصى جنوب غزة. ومع قيام الجيش الإسرائيلي بالتصعيد في رفح، تعلم أبو كويك أنها قد لا ترى عائلتها مرة أخرى أبدًا.

وقالت: «أطفالي يحبون عمر كثيراً.. قالوا لي لم نعد أطفالاً بعد الآن.. اذهبي لعلاج عمر.. إنها فرصته الوحيدة».

وقالت إن عمر كان فتى منفتحًا، وكان ذكيًا مثل والده. الآن غالبًا ما يكون منعزلاً وينفجر بالبكاء بسهولة.

عندما سئل عمر سؤالا، غطى أذنيه بيده اليمنى وجذع ذراعه اليسرى، قائلا: «لا أريد أن أتكلم»، ولكن في النهاية اعترف عمر وقال: «كانت روضة الأطفال جميلة، وكنت سعيداً في اليوم الأول». لكنه لا يريد الذهاب إلى روضة الأطفال بعد الآن، إذ بات يخشى أن يترك عمته.

لكن رحلته إلى نيويورك للعلاج قد منحته حلمًا جديدًا، حيث قال عمر: «عندما أكبر، أريد أن أصبح طياراً، حتى أتمكن من اصطحاب الناس إلى الأماكن».

في مستشفى شرينرز للأطفال في فيلادلفيا، تعافت جروح عمر، لكنه لا يزال يعاني من صدمة عميقة. خضع لعملية جراحية لترقيع الجلد وحصل على ذراعه الاصطناعية الجديدة، وابتسم بمكر عندما مد يده ليلمسها: «ذراعي جميلة».

عمر وعمته يقيمان اليوم في منزل قريب لهما في مصر بينما يبحثان عن سكن دائم.

بالنسبة للعمة مها فلا منزل ليعود إليه عمر: «لا أستطيع أن أتخيل أن أعود إلى غزة.. ماذا ستكون حياته؟ أين مستقبله؟».