إرم نيوز من الأطراف الشمالية الغربية للعاصمة صنعاء، قادت الصدفة المحض قارئا محليا بتلاوة قرآنية يمنية فريدة، غير مألوفة عربيًا وإسلاميًا، إلى فضاءات الشهرة والرواج، حتى بات صوته يتردد في معظم أصقاع الأرض، نتيجة انتشار تسجيلاته.لم يكن الشيخ الحافظ لكتاب الله، محمد حسين الفقيه، يتوقع حجم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار تلاوته الحزينة على مستوى العالمين العربي والإسلامي، وهو الذي كان يجهل كيفية التعامل مع منصّاتها المختلفة، حتى أواخر العام الماضي.ويملك الفقيه، الذي يقترب من ربيعه الأربعين، موهبة ربّانية في تلاوة القرآن الكريم، صقلها منذ الصغر عبر تقليد أشهر القراء اليمنيين، إلى أن بات متعلقًا وشغوفًا باللون الصنعاني، رغم صعوبته، وتطلبه لكثير من الطاقة والمساحة الصوتية.ونشأ القارئ اليمني في أوساط مجتمع زراعي بمديرية أرحب، شمالي صنعاء؛ ما أورثه الكثير من الخجل وتفضيل البقاء بعيدًا عن الأضواء. وعلى بعد مئات الأمتار من مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء، حيث كان صوته المليء بالطمأنينة والخشوع يسلب الأسماع القريبة من مسجد بلال بن رباح، وهو المسجد الذي يؤم فيه المصلّين، في حيّ "هبرة" السكني، كانت بداية الظهور محليًا، وفي نطاق محدود.أخيرًا، بدأ أحد المقربين منه في نقل صوته العذب والشجيّ من المسجد إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ ما أحدث رواجًا لأداء تلاوته باللون والنغم الصنعاني الفريد، أو ما يعرّفه البعض بـ"المقام الصنعاني"، الذي ارتبط بذاكرة اليمنيين خلال العقود الماضية، عبر تلاوات شيخ المقارئ اليمنية محمد حسين عامر، ومن قبله الشيخ القريطي، من دون بروز لهذا اللون على الصعيد الخارجي.نجومية على مواقع التواصلومع اتساع جمهور القارئ الفقيه محليًا، ووصول نغمات تلاوته إلى الجزائر وشمال أفريقيا وعدة دول أخرى، إثر وصول أحد المقاطع على تطبيق "تيك توك" إلى أكثر من 18 مليون مشاهدة، طالبه اليمنيون بتسجيل القرآن الكريم كاملًا بصوته وأسلوبه، قبل أن يقوم أحد معجبيه بحملة تبرعات على موقع "فيسبوك"، أواخر العام الماضي، في محاولة لجمع تكلفة التسجيل الصوتي التي كانت مُكلفة مقارنة بظروف القارئ المادية.وظلت الصعوبات تلاحق الشيخ الفقيه، حتى بعد تسجيله للمصحف كاملًا، إذ قامت منصّة "يوتيوب" بحذف القناة نهائيًا، إثر خلافات نشبت بين ممول مشروعه الأول، ومالك استوديو التسجيل.وأكد القارئ اليمني محمد الفقيه، في حديثه المقتضب لـ"إرم نيوز"، رغبته وإصراره الكبيرين على تسجيل المصحف مرة أخرى عقب انقضاء شهر رمضان الجاري، وهي أمنية يحلم بحدوثها، ويرجوها الكثير من مواطنيه الآملين أن تصبح التلاوة اليمنية بلون نغماتها الأخاذة مجاورة لتلاوات الحجاز ونجد ومصر والشام.ويحرص القارئ اليمني على تلبية رغبة جمهوره في بثّ تسجيلاته المتتالية لسور القرآن الكريم المختلفة، على قناة جديدة أطلقها أخيرًا على "يوتيوب" تحمل اسم "الفقيه"، حتى لا يقع مجددًا في أي خلاف يهدد بنسف كل جهوده مرة أخرى.وبدأ الفقيه، خلال الفترة الأخيرة، في تلقي عروض لتسجيل تلاوته في المملكة العربية السعودية، وفي قطر، من دون أن يكشف عن ردوده النهائية على هذه العروض.