هي تتحدث إلى زميل لها حول موضوعات ذات اهتمام مشترك، وفجأة تتحول المحادثة إلى محاضرة من قبل الزميل، الذي يتراجع إلى الخلف في مقعده، ويمضي ليعطيها تعليمات حول كيفية القيام بشيء تعرف تماما كيف تفعله.
أو ربما هي تشارك في مناقشة سياسية يبرز فيها موضوع الرعاية الصحية. وبعد أن تكون قد قرأت الحقائق والأرقام، وتشعر بأن لديها إلماماً تاماً بالموضوع. ومع ذلك، وقبل أن تتدارك الأمر، تفاجأ بشريكها في الحديث من الذكور يبدأ في سرد سيل من معلومات وتعريفات من موقع "ميديكيد" تنصب على المصطلحات الأساسية جدا، دون أن يحاول حتى تقييم مستواها من الخبرة قبل انطلاقه في الحديث من طرف واحد.
وإذا كنت أنت الرجل في هذا الموقف، فربما كنت تظن أن شريكتك من الإناث في حاجة إلى التعليم. لقد كنت معتاداً على فئة من النساء ليس لديهن خبرة خاصة في السياسة أو "الأرقام"، وأن موضوع الرعاية الصحية في مجمله يعتبر أحد تلك الموضوعات التي لا يمكن فهمها إلا بمعرفة المهووسين بالسياسة. على الرغم من أن الموضوع يعتبر أقل "التواء"، ولكنك بدلاً من ذلك رأيت أنه الموضوع الذي كنت تشعر أن لديك بشأنه رؤى فريدة من نوعها لتقدمها.
وفي قصة عالمية حديثة، روت جينا ميي 17 مثالا من هذا النوع من المعالجة، التي يعتبر فيها الرجال أن النساء في حاجة إلى التعليم. وأجابت إحدى من تم استطلاع رأيهن حول هذا الوضع: "كان لي مرة صديق رجل يشرح بتعالٍ لرفيقتي في الحجرة كيف تنطق اسمها بشكل صحيح، لأنه كان يعتقد أنها تنطقه بطريقة خاطئة".
وفي حالة أخرى، قالت سيدة عملت في مضمار السباق لمدة 14 عاما إنها عندما كانت تأخذ الرهانات، فإن زبائنها من الذكور كانوا غالبا ما يحاولون أن يشرحوا لها كيفية عمل المراهنات".
وعلى الرغم من أن هذا النوع من السلوك ليس جديدا، فإن المصطلح الدال عليه لم يخرج إلى الوجود إلا في السنوات الأخيرة. ويُعرف القاموس Mansplaining أي "الرجل الذي يشرح" على أنه هذا السلوك الرعوي للرجل تجاه المرأه، أو من حيث مصطلحاتهن: "عندما يتحدث الرجل إلى امرأة، في نوع من التنازل من جانبه، ليشرح لها مسألة يعتقد أنها تجهلها، في حين أن معرفته الخاصة بالموضوع هي في الواقع غير مكتملة ماديا. كما أن إمكانية أن تعرف المرأة عن الموضوع أكثر مما يفعله هو، فهذا ما لا يمكن لـ"الرجل الذي يشرح" أن يدركه.
البحث في علم النفس والاتصالات لم يصل بعد إلى موضوع "الرجل الذي يشرح"، ولكن ورقة بحثية لجوزيف ريغل، من جامعة نورث إيستيرن (2016)، يقدم فيها بعض وجهات النظر لما يسمى "ثقافة الهوس".
ويوجد ضمن هذه الثقافة التزام لمعرفة ما يمكنك أن تتعلمه عن طريق الإنترنت أو من خلال كتيبات، بدلا من الاضطرار إلى طرح أسئلة. لا تطلب من شخص ما شرح شيء ما موجود في الأسئلة الشائعة أو في الدليل، على سبيل المثال، وذلك لأنه يمكنك العثور على أجوبة لها بنفسك.