(أ ف ب) - تحقق الفساتين التقليدية بأشكالها الملونة والمزخرفة رواجاً لدى النساء في طاجيكستان، غير أن هذا المنحى ليس مرتبطاً بحلول الربيع بل بمسعى حكومي لتقليص انتشار الملابس الإسلامية في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى.
فبارتداء هذه الأزياء التقليدية، تتبع النساء الطاجيكيات سواء كن موظفات حكوميات أو مدرسات أو طالبات توصيات حكومتهن التي تشجعهن على تفضيل الملابس التقليدية بينها ما يعرف بثوب أطلس، على الملابس الإسلامية. هذا الرداء يلقى شعبية كبيرة في البلاد، وهو متوسط الطول ومصنوع من الصوف أو القطن ويتميز بألوانه الزاهية.
وتقول نسيبة انفاروفا صاحبة متجر للملابس في العاصمة دوشانبي لوكالة فرانس برس "يجب أن تكون لدى كل طاجيكية مخطوبة أثواب عدة من هذا النوع في خزانتها".
ومنذ 2015، اتخذت السلطات تدابير عدة لمكافحة المنحى التشددي الديني في هذا البلد الذي تقطنه غالبية سكانية مسلمة إذ أرغمت الرجال على حلق لحاهم وهي تقوم بحملة ضد ارتداء الحجاب خصوصاً بالألوان الداكنة.
ويوضح الباحث في معهد هاريمان في جامعة كولومبيا في نيويورك ادوارد ليمن لوكالة فرانس برس أن الحكومة ترى الملابس الإسلامية "الغريبة" على أنها "مؤشر إلى التشدد".
وعلى غرار بلدان عدة في آسيا الوسطى، تمد طاجيكستان المجموعات الإسلامية المتشددة بينها خصوصا تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بعدد كبير من المقاتلين. وقد التحق نحو ألف طاجيكي بصفوف هذا التنظيم بحسب أرقام حكومية.
وجعل الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن الذي يتولى قيادة البلاد منذ التسعينات، من مكافحة التطرف الديني أولوية في طاجيكستان حيث أسفرت حرب أهلية دامية بين السلطات المؤيدة للشيوعية والمتمردين الإسلاميين عن أكثر من مئة ألف قتيل بين 1992 و1997.
وأكد الرئيس إمام علي رحمن في مناسبات عدة أن النساء الطاجيكيات لم يرتدين الأسود يوما "حتى في مراسم الدفن". وفي مارس، لمناسبة مهرجان في مدينة تورسونزودا في غرب العاصمة دوشانبي، قام الرئيس ومسؤولون رفيعو المستوى بالرقص مع نساء بملابس تقليدية فيما كان الرجال يرتدون أزياء غربية.
ويذكر ليمن بأن الرئيس ورث "خوفاً من الدين" كان موجوداً خلال الحقبة السوفيتية حين كان ينظر إلى الأديان على أنها "منظومة أخلاقيات وقوانين منافسة مع الدولة".
ونشرت وزارة التربية الطاجيكية في مارس توصيات حكومية تتعلق بارتداء الملابس التقليدية النسائية. وتهدف هذه الإرشادات إلى "تلقين الأسلوب الوطني والروح القومية"، على ما يؤكد متحدث باسم الوزارة لوكالة فرانس برس مضيفاً "لا أحد يرغم المعلمات أو الطالبات أو التلميذات على ارتداء هذه الملابس".
وتقول مهيرة سويركولوفا من معهد الدراسات بشأن آسيا الوسطى في الجامعة الأمريكية لآسيا الوسطى في قيرغيزستان إن "جسد المرأة أصبح ساحة معركة للمنازلات السياسية".
وليست طاجيكستان البلد الوحيد في آسيا الوسطى الذي يحاول التصدي لارتداء الملابس الإسلامية. ففي قيرغيزستان المجاورة، أمر الرئيس المظ بك اتامباييف العام الماضي بنشر سلسلة لافتات تمثل نساء يرتدين أثوابا تقليدية محلية في مواجهة أخريات بملابس إسلامية سوداء.
وكتب على إحدى هذه اللافتات "أيتها الأمة المسكينة إلى أين أنت ذاهبة؟" وقد أثارت الدعوات إلى ارتداء ملابس تقليدية من الصوف والقطن مخاوف تتعلق بصحة النساء اللواتي يتعين عليهن مواجهة درجات الحرارة المتدنية خصوصا في طاجيكستان البلد ذي الطبيعة الجبلية.
وكتبت إحدى النسوة على "فيسبوك" إن "أصحاب هذه التوصية الغبية لا بنات لهن على الأرجح"، مبدية شعورها بـ"السخط" لرؤية فتيات يقصدن المدارس بهذه الملابس الرقيقة. وتساءلت "بعدها يعجبون لأن فتيات يصبن بالبرد ويمرضن. بماذا تفكر وزارة الصحة؟".