(رويترز) - اختار المخرج اللبناني خليل دريفوس زعرور أن يعالج موضوع زواج القاصرات في فيلمه الروائي الأخير "نور" بأسلوب بعيد عن الكآبة والميلودراما، فجاء زاخرا بالمواقف الإنسانية وقصة حب تكسوها مسحة من المرح.يستعرض الفيلم قصة فتاة في الخامسة عشر من عمرها تدعى نور تجبرها أسرتها على الزواج من رجل يكبرها سنا فتتحول بهجة أيام الصيف ووعود الحب الذي تتقاسمه وفتى من عمرها إلى سجن خانق وأعمال منزلية لا تنتهي، وتجد الشابة نفسها محرومة من طفولتها وأحلامها التي لا تزال في المهد.القصة في حلتها النهائية مبنية بحسب ما يؤكد زعرور على خلاصة مجموعة قصص حقيقية لا على قصة واحدة.وقال زعرور الذي قام أيضا بإنتاج الفيلم وتقاسم كتابة السيناريو مع الشابة إليسا أيوب "ينبغي أن ينجذب الجمهور إلى الفيلم لكي تصل إليه رسالته والكآبة لا توصل الرسالة".أجرى زعرور وشريكته في الكتابة بحوثا مكثفة استغرقت الكثير من الوقت حول موضوع زواج القاصرات رغبة منهما في كتابة سيناريو يعكس الواقع ولا يتخطاه ليجعل القصة أكثر تشويقا.وقال "قابلنا العديد من الفتيات اللواتي مررن بهذه التجربة وأجرينا معظم المقابلات في مقر جمعية دار الطفل اللبناني".وفي حين يملك زعرور تجربة ناجحة في اللون الوثائقي أراد الفيلم أن يطل في خانة الأفلام الروائية على اعتبار أن "الفيلم الروائي كفيل بإيصال الرسالة أكثر من التسجيلي".ويعزو ذلك في المرتبة الأولى إلى أن الفيلم الروائي يعرض على نطاق واسع في الصالات التجارية بخلاف الفيلم الوثائقي الذي يشارك في مهرجانات فقط.وقال "كما أن الناس يفضلون مشاهدة الأفلام الروائية لأن ثقافة الوثائقي غير رائجة في لبنان".بدأ زعرور مسيرته السينمائية في 2006 بالفيلم القصير "النافذة" الذي نال جائزة أفضل فيلم في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان السينما الأوروبية وهو يحمل شهادة الماجستير في الفنون السمعية والبصرية.وضع الموسيقى التصويرية لفيلم "نور" الملحن والموسيقي اللبناني المقيم في فرنسا توفيق فروخ ودعمت المقطوعات السمعية مختلف المواقف في الفيلم وعززت قوة تأثيرها على المشاهد.ولعبت الممثلة اللبنانية جوليا قصار دور والدة نور التي تتعامل مع موضوع زواج ابنتها المبكر بواقعية مقلقة بعض الشيء ولا تجد مشكلة في حقيقة أن العريس الذي تقدم لابنتها كبير في السن انطلاقا من رغبتها أن تعيش نور حياة مادية ميسورة.وعن مشاركتها في الفيلم تقول قصار "القصة بمثابة توعية للأهل الذين يعتقدون بأنهم يتصرفون على نحو أو آخر لصالح أولادهم لكن النتيجة تكون العكس تماما".وتعلق قائلة "الزواج المبكر يضر المجتمع بأكمله ولا يقتصر ضرره على الفتاة المعنية فقط. الفيلم اجتماعي بامتياز وقصة الحب حلوة بين مراهقين لا يريدان أكثر من أن يعيشا عمرهما".وعن دور "نور" وهو دورها السينمائي الأول تقول الممثلة الشابة فانيسا أيوب "التجربة كانت جميلة جدا. وأشعر أن ثمة نقاط تشابه عدة بيني وبين شخصية نور فهي مثلي تحب الحياة ولا تستسلم بسهولة".تضيف قائلة "تستفزني قضية زواج القاصرات ومشاركتي في الفيلم مكنتني من مواجهة هذه المشكلة. أعيش في منطقة تحصل فيها مثل هذه الأمور وخصوصا أن عددا كبيرا من النازحين موجود فيها وهذه الظاهرة رائجة بينهم".ويعلق المخرج عن سبب اختياره لفانيسا لتأدية شخصية نور قائلا "اكتشفتها المنتجة المنفذة وشريكتي في كتابة السيناريو إليسا أيوب كونها ابنة بلدتها وذلك بعد أن أجرينا تجارب كاستينج للعديد من الفتيات. بدت فانيسا ملائمة تماما للدور وعملنا معها كثيرا على الدور والشخصية".