"دويل" مكان مهمل وخرب، لكنه ينبض بالحياة، هذه البلدة الصغيرة في شمال بلجيكا كان عليها أن تختفي تدريجياً كمكان للعيش، لكن الحياة عادت إليها كمتحف مفتوح في الهواء الطلق بفضل فناني الغرافيتي الشباب.

وتقع القرية على مقربة من ميناء أنتويرب الذي يعد ثاني أكبر ميناء في أوروبا بعد ميناء روتردام الهولندي، كانت قرية "دويل" مزدهرة على ضفاف نهر شيلدت، لكن النصف الثاني من القرن الماضي لم يرحمها، فدمرت تماماً، وهجرها سكانها، لتشهد اليوم نوعاً جديداً من إعادة الإحياء، على يد فناني الشوارع الأكثر شهرة في أوروبا.

في العام 1970، كان سكان هذه القرية وصلوا إلى نحو 1700 شخصاً، وكانت السلطات المحلية تخطط لتوسيع ميناء أنتويرب، وهو ما كان يعني وقتها ابتلاع صريح للقرية وبيوتها، لاحقاً تم تجميد حركة البناء في القرية، ما أدى إلى رحيل الأزواج الشباب بسبب عدم وجود المباني السكنية، ولم يعد يسكنها اليوم سوى 30 شخصاً فقط، يحاولون إبقاء قريتهم على قيد الحياة ومقاومة هدمها بشتى الطرق.

وبسبب عدم استعداد بعض الأشخاص لتقبل مغادرتهم لقريتهم، انطلقت حركة مقاومة أطلق عليها "دويل 2020"، وحددت هذه الحركة مهمتها بوضوح بتحويل قريتهم إلى مكان مخصص للفن، يعج بالمقاهي والمطاعم وافتتاح متحف بحري على امتداد نهر شيلدت.

وكان أصحاب هذه الحركة مقتنعون أن الفن يمكن أن ينقذ قريتهم، وتبنى مشاهير الفنانين قضيتهم، من بينهم البلجيكي لوك تويمانس، أحد الفنانين الأكثر تأثيراً في عصرنا، والإيطالي مايكل أنجلو بيستوليتو، أحد الأعضاء المؤسسين لحركة"arte povera"، بالإضافة لفنانين بلجيكيين وفرنسيين وهولنديين، هم أيضاً تركوا بصماتهم على منازل القرية.

ومن بين الحجج الداعية إلى إبقاء دويل على قيد الحياة، التراث الطبيعي والثقافي الغني للقرية، كما أنها تفتخر بوجود أقدم طاحونة حجرية في بلجيكا، وبيت من القرن الـ17، يعود إلى عائلة بيتر بول روبنز، أحد أشهر الرسامين الفلمنكيين، اليوم تواصل حركة "دويل 2020" رفع العشرات من الدعاوى القضائية من أجل الحفاظ على العديد من المناطق الطبيعية المحيطة بها، وتواصل الكفاح ضد السلطات لمنع التدمير الكامل للقرية.