تنبت في إحدى غابات أوسلو "مكتبة المستقبل"، وهو مشروع فريد يقوم على توفير الورق اللازم لطبع أعمال غير معروفة يقدمها كتّاب من بلدان عدة بواقع عمل واحد سنوياً على مدى 100 عام وستُنشر بعد قرن.
العلامة الوحيدة الملموسة لهذا المشروع راهناً هي ألف شجرة زُرعت قبل ثلاث سنوات وهي تنبت في الحزام الأخضر للعاصمة النروجية.
وعند بلوغها عامها الـ100، سيتم قطع هذه الأشجار من نوع التنوب الشوحي واستخدامها في توفير الورق اللازم للكتب المئة في هذا المشروع الذي يدعو كاتباً واحداً في كل سنة لتقديم مساهمته.
ونبتت فكرة هذه المكتبة في مخيلة فنانة اسكتلندية.
وبعد الكندية مارغريت اتوود سنة 2015 والبريطاني ديفيد ميتشل العام الماضي، جاء دور الشاعر الايسلندي سيون هذه السنة لتقديم مخطوطته التي لن يقرأ أي من معاصريه مضمونها على الأرجح يوما.
ومع أن الأوراق البيضاء هي التي تنتظر في العادة إلهام الكتاب، هنا الأمور تبدو مختلفة إذ ان الكلمات هي التي يتعين أن تنتظر ريثما تتحول الأشجار كتبا.
ويشكل المخاض الطويل لولادة "مكتبة المستقبل" المنحى الموجود لدى النروج للانتظار الطويل.
فهذا البلد الاسكندينافي يضم أيضاً المحمية العالمية للبذور، وهي منشأة أشبه بـ"سفينة نوح نباتية" من شأنها الحفاظ على التنوع الجيني بمواجهة الكوارث الآتية.
وبفضل مخزونها من النفط، جمعت النرويج أكبر صندوق سيادي في العالم وهو مخصص رسميا للأجيال المقبلة، وأصبح تجسيد فكرة الفنانة الاسكتلندية كايتي باترسون بابتكار مثل هذه المكتبة المستقبلية ممكنا بفضل لقاء مع مروجين عقاريين نرويجيين ساعين لدعم مشروع ثقافي.
وتقول باترسون "آمل أن يروي الكتاب زمننا الراهن وخلال العقود المقبلة أمراً ما عن عصرهم. أظن أن الأمر سيكون مهماً للذين سيقرؤون المخطوطات في خلال 100 عام لأنهم سيتمكنون من التأمل من خلال العودة بالزمن. فمن يعلم بعد قرن من اليوم كيف ستكون الحضارة؟".