يشكل كسوف الشمس المرتقب في الولايات المتحدة في الحادي والعشرين من أغسطس فرصة نادرة للعلماء للتعمق في دراسة الشمس وحقلها المغناطيسي وتأثيرها على الغلاف الجوي للأرض، وهي الظاهرة الأولى من نوعها منذ 99 عاماً. ويأمل العلماء أن يستفيدوا من إقبال الجمهور، وفيه طلاب وهواة لعلوم الفضاء، على مراقبة الحدث وتصويره بالعدسات الفضائية وأجهزة التصوير وأجهزة الهاتف، للحصول على صور ومعلومات عن كافة مراحله. وتقول كاري بلاك المسؤولة في مؤسسة "ناشونال ساينس فاوندايشن" المتخصصة في مراقبة الشمس "سيكون هذا الكسوف الشامل مناسبة فريدة في التاريخ الحديث تتيح مشاركة البلد كله في المراقبة بالاستفادة من التقنيات المتوفرة اليوم ووسائل التواصل". وأضافت "الصور والمعطيات التي سيشارك في جمعها ملايين الأشخاص ستكون موضع دراسة وتحليل على مدى سنوات عدة". وتقول مادوليكا غواتاكورتا المسؤولة في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) "سيكون هذا الكسوف مصدراً لأكبر عدد من الصور والمعلومات في التاريخ". في الحادي والعشرين من الشهر المقبل، يمرّ القمر بين الشمس والأرض، فيحجب نورها عن 110 كيلومترات من الأراضي الأمريكية. وسينتقل هذا الظل من أقصى الشمال الغربي للولايات المتحدة في الصباح، إلى أقصى الشرق بعد الظهر، مروراً بأربع عشرة ولاية في 93 دقيقة.

فرصة نادرة

في منتصف النهار، سيكون الكسوف كلياً، أي أن القمر سيحجب ضوء الشمس تماماً بحيث تحلّ الظلمة المطبقة لمدة أكثر من دقيقتين، وتظهر النجوم في السماء. ويعيش 12 مليون أمريكي في المنطقة التي سينتقل فيها ظل الكسوف، ومن المرجح أن ينضم إليهم ملايين آخرون من مناطق أخرى من البلد أو من الخارج. ويرى العلماء أن هذا الكسوف يشكل أيضاً فرصة نادرة لاختبار الأجهزة الحديثة ومراقبة إكليل الشمس، وهي الطبقة الأعلى من الغلاف الجوي للشمس التي لا يمكن مشاهدتها إلا عند الكسوف. ومن الأمور التي تثير فضول العلماء ويبحثون عن تفسير لها أن هذه الطبقة الأعلى من الغلاف الجوي للشمس أشدّ حرارة من سطح الشمس نفسه. وهم أيضاً يحاولون فهم الانبعاثات الإكليلية التي ترجم الأرض بجزيئات إيونية بسرعة كبيرة، وتؤثر على الاتصالات والأقمار الاصطناعية وشبكات التيار الكهربائي. ووفقاً لكاري بلاك، تشكل عمليات المراقبة من الأرض أهميّة كبيرة إذ يسمح ذلك بالحصول على عدد كبير جدا من الصور والمعلومات أكثر مما يمكن الحصول عليه من الأجهزة التي تسبح في الفضاء.

خطر على العيون

وسيدرس العلماء أيضاً طبقة الغلاف الإيوني، وهي الطبقة العليا في الغلاف الجوي للأرض. وهذه الطبقة مشحونة بالإشعاعات الشمسية التي يمكن أن تؤثر على الموجات اللاسلكية. وسيستخدم المشاركون في عمليات المراقبة تلسكوبات وأجهزة تصوير رقمية متماثلة للحصول على صور عالية الدقة لمختلف مراحل الكسوف ومواقعه. ويحّذر العلماء دائماً من خطورة النظر إلى كسوف الشمس بالعين المجردة، ويشددون على ضرورة استخدام نظارات خاصة. وستنقل المحطة التلفزيونية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية صور الكسوف، وأنشطة متصلة به تقام في الحدائق العامة والمكتبات والمتاحف. ويتوقع أن يحصل كسوف كلي آخر للشمس في الثامن من أبريل 2024 في بعض المناطق الأمريكية. أما الكسوف المماثل فيتوقع أن يحدث في 12 أغسطس 2045. ولأسباب تتعلق بمدارات الأرض والشمس والقمر، تتكرر ظواهر كسوف الشمس وخسوف القمر مرة كل 18 عاماً و11 يوماً، وهو أمر معروف منذ القدم.