وجه الأطباء الألمان رسالة مفتوحة إلى المستشارة الألمانية انجيلا ميركل يحذرون فيها من عواقب توطن داء السكري في ألمانيا وتحوله إلى وباء، حيث يشارك حاليًا آلاف الأطباء في التوقيع على هذه المذكرة، تساندهم في الدعوة دوائر حماية المواطن والمستهلك. وتشارك في الدعوة نقابتا أطباء الأمراض الداخلية وأطباء الاطفال، وجمعية السكري الألمانية.
ودعت المذكرة ميركل إلى إطلاق حملة وطنية لمكافحة السكري والبدانة، والمضاعفات الناجمة عنهما، أسوة بالعديد من البلدان الأوروبية.
ورفع الأطباء و"حلفاؤهم" في المذكرة أربعة مطالب رئيسية على حكومة ميركل تنفيذها ضمن الحملة الوطنية لمكافحة البدانة والسكري: أولها، وضع "نظام إشارات" يقوّم محتويات الأغذية للمواطن؛ وثانيها، وضع خطوط محددة لأسلوب التغذية وبرامجها في رياض الأطفال والمدارس؛ وثالثها، مطالب الأطباء الحكومة الألمانية بوضع ضوابط مشددة لدعايات الأغذية الموجهة إلى المواطن، وإلى الأطفال على وجه الخصوص؛ ورابعها، فرض عقوبات على شركات إنتاج الأغذية والوجبات السريعة لإجبارها على التزام مواصفات صحية معينة في الأغذية.
ومن المعروف أن 20 بلدًا أوروبيًا من بلدان الاتحاد الـ28 شرعت فعلًا في تنفيذ مثل هذه الحملات الوطنية، لكن ألمانيا ما زالت تتلكأ في ذلك.
ومن المتوقع أيضًا أن تستجيب المستشارة وحزبها الديمقراطي المسيحي لهذه الدعوة التي أطلقها الأطباء قبل شهرين فقط من الانتخابات الألمانية العامة المتوقعة في نهاية سبتمبر المقبل، خصوصًا أن النمسا بدأت بحملتها الاستراتيجية لمكافحة السكري في أبريل الماضي.
وتكشف دراسات وزارة الصحة الألمانية أن الفحوصات الدورية التي أجرتها الوزارة في عام 2015 تثبت أن 11 في المئة من المنتوجات الغذائية غير مطابقة للشروط الصحية، وتعتقد دائرة حماية المستهلك أن النسبة الحقيقية أكبر كثيرًا من ذلك.
وطرحت وزارة حماية المستهلك في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، أول مرة في ألمانيا، مشروع تعليم الأغذية والمطاعم والفنادق بنظام "إشارات المرور الصحية".
وتوقع يوهانيس ريمل، وزير حماية المستهلك في الولاية، البدء بتطبيق النظام في مطلع 2019 في حال أقره برلمان الولاية، حيث يمنح النظام للأغذية السيئة اللون الأحمر، وللأقل سوءًا اللون الأصفر، كما يمنح اللون الأخضر للأغذية التي تطابق المواصفات الصحية. لكن هذا المقترح لم يكسب شعبية على المستوى الاتحادي، وبقي مشروعًا لهذه الولاية التي يسكنها نحو 20 مليونًا.
ويمنح النظام المطاعم والفنادق وشركات الأغذية مهلة 27 شهرًا كي تضع "إشارات المرور الصحية" على منتوجاتهم طوعًا، بعدها سيُلزم الجميع بالنظام.
وينتظر أن يشمل "بارومتر الرقابة" هذا أكثر من 150 ألف شركة لحوم وفندق ومطعم وشركة إنتاج أغذية.
وصف الدكتور توماس فيشباخ، رئيس نقابة أطباء الأطفال في ألمانيا، سياسة الحكومة الألمانية الراغبة بالتوصل إلى اتفاق مع شركات وبرامج التغذية "بالتوافق" مع الفضيحة. وقال إن التوعية بالأساليب الضرورية للحد من سوء التغذية والبدانة، على المستوى الشعبي، لا تكفي لمكافحة تحول السكري إلى وباء، ولا بد من الضغط على الشركات بقوة القانون. وأكد الطبيب أن المذكرة تضمنت هذا الموقف أيضًا.
وبرر الدكتور درك مولر-فيلاند، رئيس جمعة السكري الألمانية، الحملة بالقول إن السعي إلى مجتمع ناشط وواعٍ طبيًا غير وارد من دون إقناع السياسيين في البلد. وأضاف أن على الأطباء والمتخصصين أن يوضحوا للسياسيين بأنهم غير قادرين بمفردهم على مكافحة تفشي وباء السكري والبدانة.
وأشار مولر-فيلاند إلى أن واحدًا من ستة ألمان بين 3 و 17 سنة يعاني من زيادة مفرطة في الوزن. واستشهد بدراسة لمعهد ربرت كوخ الألماني الرسمي تقول إن 30 في المئة من الألمان يزيد مؤشر الجسم-الكتلة لديهم عن المعدل المقبول.
وتكشف أحصائية المعهد المذكور أن البدانة أو البدانة الشديدة تصيب 67 في المئة من الألمان و53 في المئة من الألمانيات البالغات، مع ملاحظة أن هذه المعدلات تتزايد باستمرار على الرغم من شيوع ثقافة حسن التغذية والرياضة. ويعاني 7 في المئة من الألمان مرض السكري، مع توقعات بتضاعف العدد مستقبلًا.
وتقدر منظمة الصحة العالمية وجود 150 مليون إنسان في العالم يعانون من داء السكري، مع توقعات بأن يتضاعف الرقم إلى 300 مليون خلال أقل من 25 عامًا.
وعلى المستوى العالمي أيضًا، يعاني 5 ملايين إنسان من النوع الأول من السكري، بينهم نحو 390 ألف طفل. ويعتبر السكري من أهم مسببات إصابة الناس بالعمى والفشل الكلوي وخضوعهم لعمليات بتر الأعضاء، إضافة إلى التسبب بأمراض الأوعية الدموية وعقم الرجال.