تتناول ثماني نسوة الطعام جالسات حول مائدة عريضة، فيما تهمس مدرّستان واقفتان خلفهن في آذانهن لمدهنّ بالإرشادات...فجأة يعلو صوت إحداهما لتنبيه مشاركة في الجلسة إلى ضرورة خفض المرفق لتذوق الحساء.هؤلاء السيدات لسن في مطعم راق أو في ناد اجتماعي مخصص للنخبة، بل في معهد فيلا بيارفو (إي في بي) وهو الأخير في سويسرا الذي يعلّم نساء من العالم اجمع على حسن اللياقة.وتقول هبة وهي مصرية في الرابعة والثلاثين من العمر تتلقى دروسا في المعهد الواقع على مرتفعات بحيرة ليمان في غليون قرب مدينة مونترو في غرب سويسرا "أدرك الآن أني كنت أخلط بين قواعد السلوك الفرنسية على المائدة مع تلك البريطانية".وتشير هذه الشابة المصرية بقليل من الاحراج إلى أنها تركت خلال تناول الطعام السكين داخل الطبق مع أنها لم تستخدمه، في هفوة بروتوكولية واضحة بحسب القواعد الفرنسية لحسن التصرف.هبة واحدة من ثلاثين طالبة أتين من 14 بلدا للمشاركة في حصة مكثفة ينظمها المعهد لتعليم حسن التصرف وفن التزيين بالزهور وإدارة طواقم العمال المنزليين وتزيين المائدة وقواعد اللياقة في التصرف أو ما يُعرف بالإتيكيت.وتقول تايلور وهي طالبة أميركية في الرابعة والثلاثين من العمر إن هذه الحصص "شديدة التطلب (...) إنها شاملة".وتراوح أعمار الطالبات بين 18 عاما و50. ويستقبل المعهد ربات منازل وسيدات أعمال على السواء.وقبل نصف قرن، لم يكن معهد بيارفو استثناء في المنطقة، ففي تلك الفترة كانت الشابات المتحدرات من العائلات المرموقة يرتدن هذا النوع من المؤسسات للحصول على المؤهلات المطلوبة ليصبحن زوجات نموذجيات أو لاكتساب أصول حسن اللياقة إلى الحد الأقصى. وهذه كانت على سبيل المثال حالة الأميرة ديانا.وتبدي اللبنانية الفرنسية نادين أبو زهر البالغة 46 عاما وهي محررة سابقة في مجلة للموضة في القاهرة، في رسالة لوكالة فرانس برس رضاها عن تجربتها التي استمرت عشرة أيام في معهد بيارفو.وهي تقر بأنها كانت مشككة بعض الشيء في أهمية هذه الحصص لدى سماعها عنها للمرة الأولى قبل حوالى عقدين.إلى أن اتخذت قرارا نهائيا بالالتحاق بهذه الدروس. وتقول "عندما نتبع مثل هذه الحصة، هذا لا يسبب تغييرات كبيرة في المسيرة المهنية أو الحياة لكنه يجعل الشخص أكثر انفتاحا على الثقافات والتقاليد المختلفة".