أدت موجة من الحر الشديد تضرب جنوب اوروبا أمس السبت إلى مصرع عدد من الأشخاص وتسببت بأضرار بملايين اليورو في قطاع الزراعة، في ما يرى العلماء أنه مثال أول لإنعكاسات الاحترار المناخي على القارة في العقود المقبلة.

وأدت موجة الحر إلى وفاة خمسة أشخاص على الأقل في ايطاليا ورومانيا منذ أن بدأت في جزء كبير من جنوب القارة الاوروبية مطلع اغسطس.

وسجل ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وكان استثنائيا وغير مسبوق في بعض الأحيان في البرتغال وجنوب فرنسا وايطاليا والمجر والبلقان.

وتجاوزت الحرارة الأربعين درجة في بعض المناطق، مما أدى إلى تفاقم الجفاف الذي تشهده تلك المناطق أصلا وشكل تتمة لموجة الحر التي بدأت في يوليو وتسببت بعدد من حرائق الغابات أسفر أحدها عن سقوط ستين قتيلا في البرتغال.

واندلع حريق في شمال البرتغال أيضا السبت أدى إلى إخلاء مركزا للألعاب المائية وإغلاق طريق سريع. ويعمل أكثر من سبعين من رجال الإطفاء و21 آلية على اخماد هذا الحريق على بعد 55 كيلومترا عن مدينة بورتو. في ايطاليا حيث توفي ثلاثة اشخاص بسبب الحر، ارتفع عدد الذين نقلوا إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات بنسبة 15 الى 20 بالمئة في الأيام الاخيرة.

واطلق الايطاليون على هذه الموجة اسم "الشيطان". وآخر هؤلاء الضحايا سيدة لقيت حتفها بعدما جرف سيل من المياه والوحل سيارتها نتيجة عواصف نجمت عن الحر في مركز التزلج كورتينا دامبيتسو في جبال دولوميتي بشمال شرق ايطاليا.

وفي اسبانيا، اعلنت شبكة التلفزيون الحكومية مساء السبت وفاة رجل يبلغ من العمر 51 عاما بسبب الحر في احد شوارع بالما بجزيرة مايوركا. ورفعت درجة التأهب السبت في 12 اقليما اسبانيا يمكن ان تصل فيها الحرارة الى 42 درجة. وفي رومانيا، سجلت وفاة شخصين لاسباب مرتبطة بالاحوال الجوية احدهما مزارع انهار بعدما عمل في حقله في شمال شرق البلاد. -

في ايطاليا، ادى ارتفاع معدل الرطوبة وعوامل اخرى الى الاحساس بدرجات الحرارة اعلى مما هي عليه وخصوصا في نابولي حيث قدرت درجة الحرارة التي يشعر بها جسم الانسان بـ55 درجة.

ودعت السلطات الصحية الفرنسية السكان إلى الحذر مشددة على أن الوضع أخطر على المرضى والمسنين. وما زالت البلاد تتذكر المأساة التي شهدتها في موجة الحر في 2003 حيث توفي 15 ألف مسن، حسب التقديرات، بعضهم تركوا وحدهم فيما ذهبت عائلاتهم لقضاء عطلة.

وحذر العلماء من أن موجات الحر والفيضانات والعواصف والظواهر المناخية القصوى الأخرى يمكن ان تودي بحياة 152 الف شخص سنويا في اوروبا بحلول نهاية القرن الحالي مقابل ثلاثة آلاف حاليا اذا لم يتراجع الاحترار المناخي. وقالت دراسة أعدها باحثون اوروبيون ونشرت في مجلة "ذي لانسيت بلانيتيري هيلث" ان اثنين من كل ثلاثة اوروبيين يمكن أن يتعرضوا سنويا لكوارث من هذا النوع بحلول العام 2100 مقابل 5 بالمئة خلال الفترة الممتدة بين 1981 و2010.

وأكد الباحثون "في حال عدم احتواء الاحترار المناخي بشكل عاجل وفي حال لم تتخذ اجراءات التكيف المناسبة، قد يتعرض نحو 350 مليون اوروبي سنويا لظواهر مناخية قصوى وخطرة بحلول نهاية القرن" الراهن.

وأشاروا إلى أن 99 بالمئة من محصلة الوفيات ستسجل في جنوب أوروبا الأكثر تأثرا بموجات الحر. ويؤكد فريديريك ناتان الخبير في مركز الارصاد الجوية الفرنسي أن موجات الحر هذه ناجمة عن ارتفاع حرارة المناخ. وقال "اذا نظرنا إلى درجات الحرارة القياسية في فرنسا سنجد أن معظمها سجل لحرارة مرتفعة"، مشيرا إلى أن "الدرجات القياسية للبرد تصبح نادرة".

وكان العلماء قد حذروا الأسبوع الماضي من أن موجات الحر القصوى المرفقة برطوبة عالية يمكن أن تجعل قسما من آسيا حيث يعيش خمس سكان العالم، غير قابل للعيش بحلول نهاية القرن، إذا لم تبذل جهود لخفض انبعاثات الغازات المسببة للدفيئة.