مصري بنيويورك، اتصلت به "العربية.نت" فجر الثلاثاء عبر الهاتف، واعتادت فضائيات مصرية دعوته إلى شاشاتها طوال عام مضى، ليحلل لمشاهديها ما يجري بالدوائر العليا في الدولة الأكبر بالعالم، حتى وبدماغ رئيسها دونالد ترمب، وأحيانا أوضاع المسلمين هناك، كما والأزمتين الكورية والقطرية، من دون أن تدري أنه ليس إلا بائع سندويتشات ومقليات ووجبات ساخنة في مطعم أسسه باسم Lotus Deli بالمدينة، وهو يفخر بذلك إلى حد كبير.
هكذا كان يظهر على الفضائيات المصرية وهو يحلل لمشاهديها ما يجري بأميركا وغيرها
من زاوية صغيرة في المطعم المتواضع، كان حاتم الجمسي، المتزوج من مختصة أميركية بالعلاج النفساني، وأب منها لابنين: فايزة وعمر، البالغان 12 و8 أعوام، يجلس أو يقف، وخلفه جدار مزين بالخرائط، ليظهر على التلفزيونات المصرية كواحد من فطاحل المعلقين، وحين ينتهي من تحليلاته، كان يسرع لإعداد السندويتشات والوجبات لزبائن طلبوها، وهذه هي مهنته.
وسريعا بعد الانتهاء من طلته التلفزيونية، كان يعود إلى عمله ليعد المقليات ويلبي طلبات الزبائن
لم تتضح المهنة للفضائيات المصرية على الأقل، إلا حين نشرت عنه صحيفة " نيويورك تايمز" الأمريكية ، تحقيقا مطولا السبت الماضي، معززا بفيديو بثته في موقعها، وهو الذي نقلته عنها "العربية.نت" الآن، وعنها تنقل أيضا قوله لها عن "مكتبه" الذي كان يجري منه اللقاءات: "إنه صغير، لكنه يفي بالغرض" وفق تعبير الرجل الذي بزغ نجمه على الشاشات المصرية منذ توقع لإحدى قنواتها العام الماضي فوز ترمب بالرئاسة، ومن وقتها بدأ السعي التلفزيوني وراء "المحلل السياسي والخبير بالشؤون الأميركية" حاتم الجمسي.
والجديد عن الجمسي، المولود منذ 48 سنة في قرية "قويسنا" بمحافظة المنوفية، حيث كان يعمل مدرسا للغة الإنجليزية في مدينة تحمل الاسم نفسه بالمحافظة قبل هجرته إلى أميركا، أن جامعة أميركية دعاه بروفيسور فيها اسمه Ari Goldman إلى إلقاء محاضرة لطلاب كلية الإعلام فيها، طبقا لما أخبر "العربية.نت" التي وجدت في حسابه "الفيسبوكي" خبرا عنها مع صورتين، تنشرهما أدناه، وإحداهما نشرتها أيضا بحسابها "التويتري" الصحافية Sarah Maslin Nir وهي التي كتبت عنه التحقيق بالصحيفة الأميركية.
حاتم الجمسي، بائع السندويشات والوجبات الساخنة، يحاضر أمس الاثنين بجامعة كولومبيا
المحاضرة التي استمرت نصف ساعة فقط، وألقاها في إحدى قاعات "جامعة كولومبيا" وحضرها أكثر من 20 شخصا، من دون أن يتلقى أي أجر عنها. إنها "كانت حول كيفية إيجاد القصص والأخبار ذات الاهتمام للكتابة عنها، ونصحتهم بالتحدث إلى الناس والاستماع باهتمام، خصوصا في مجتمعات الأقليات التي لا يأبه بها الكثير" ووصف اللقاء بالطلاب بأنه كان ممتعا "ثم تلت المحاضرة أسئلة منهم وإجابات مني، خصوصا عن بلدي مصر"، مضيفا أن الدعوة جاءت "بعد أن درسوا تحليلاتي بعمق وأعجبوا بطريقتي" كما دعته "نيويورك تايمز" لحضور اجتماع للتحرير فيها صباح أمس الاثنين.
وذكر أن جامعة أخرى اتصلت به ليلقي فيها محاضرة أيضا، وأخبروه أنهم على استعداد لتخصيصه بمنحة يتابع فيها دراسته بالسياسة الدولية، وأن وسائل إعلامية عدة اتصلت به لإجراء مقابلة "أكثر من 60 مؤسسة رغبت بمقابلتي، فلم أقبل إلا مع قناة CBC المصرية والعربية.نت"، كما قال.
وعن الماضي، فقد اشتغل حاتم الجمسي بمحلات سوبر ماركت بنيويورك حين وصلها مهاجرا، ثم وفر من المال ما استطاع، إلى أن افتتح مطعمه، وقال إنه يفخر بكونه بائع ساندويتشات "والعبارة تشرفني، وهذا لا يعيبني، فالعمل شرف" وقال عن نفسه ما قالته "نيويورك تايمز" عنه، من أنه "نموذج مشرف لمواطني نيويورك المهاجرين الذين يؤمنون بأنه لا توجد حدود للطموح وتحقيق الأهداف في مدينتهم العريقة"، وعن الراغبين برجمه بالحجارة قال: "وفروا حجارتكم وسهامكم لأن حاتم الجمسي لا يأبه ولا يكترث".