ريتويت
بقلم: مروان إبراهيم عبيد
عبر الزمن
ريتويت.. كت تويت.. ريبوست.. تعددت المسميات في عصرنا الحديث لمفهوم "إعادة النشر"، ولكن قبل أن نناقش مسميات الحاضر وأبعادها دعونا نعود إلى الزمن الماضي ففيه كنا نحتاج إلى أيام وأحياناً إلى شهور لننشر الخبر وإلى مدة أطول للتحقق من صحة هذا الخبر، ومع مرور الوقت ظهرت وسائل متعددة مثل الراديو والتلفاز، حتى وصلنا إلى عصرنا الحالي الذي نحتاج فيه لدقائق معدودة ليصبح الخبر منتشراً بين الناس في مختلف أرجاء العالم، ويلزمنا ثوانٍ معدودة للتأكد من مصداقية الخبر، فتعدد وسائل التواصل الحديثة أتاح لنا التحقق بالدليل القاطع وفي وقت قياسي جداً. ولكن رغم هذا التطور المذهل أصبحت الشائعة في الزمن الحالي أخطر من ذي قبل بسبب الترويج المرعب الذي قد تحصل عليه تلك الشائعة التي تتعدد صورها، فقد تكون سطراً عبر تويتر أو صورة في الإنستغرام أو مقطعاً قصيراً عبر السناب شات. وقد أدى هذا الزخم الفاسد الذي تحظى به الشائعة في عصرنا الحالي إلى جعل عملية إثبات زيفها معقدة في بعض الأحيان وأمر إصلاح ما أفسدته صعباً ومكلفاً.
من المسؤول؟ ولماذا؟
دعونا نسأل أنفسنا سؤالاً: من المسؤول عما تحدثه تلك الشائعة؟ هل هو من أطلقها؟ أم من قام بـ"إعادة نشرها"؟ فمع الأسف ينجرف العديد من الشباب مؤخراً وراء إعادة نشر الشائعة دون التحقق من صحتها أو مصدرها ودون التفكير ولو للحظة بعواقبها الجسيمة. ويعود ذلك في الغالب إلى سهولة الأمر، فاليوم بلمسة إصبع أو ضغطة زر تكون قد انطلقت تلك الرصاصة التي يفسح المجال لها الكثيرون لتخترق جسد الضحية، وقد يكون السبب أحياناً مجرد حقد شخصي على الضحية، ولكن ما يجمع كل هؤلاء هو تخلفهم عن قوانين ديننا الحنيف الذي جاء بنص صريح يستنكر مثل هذا الفعل في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات، آية 6). حتى وإن صدقت هذه الشائعة، أين ذهب قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) (رواه مسلم)؟ ولم يكن تجاهلهم فقط لآداب الإسلام المشروطة فحسب بل تركوا كل عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة التي تنهى وبشدة عن تناقل فضائح الناس ومشاكلهم حقيقية كانت أو مزيفة.
الحل
إن هذه المشكلة وغيرها من المشاكل التي نواجهها في هذه الأيام حلها يكمن في أنفسنا، فقبل أن نقبل على تغيير الناس وأطباعهم علينا البدء بأنفسنا والمحيط الذي حولنا، فكم خبراً قمنا بإعادة نشره مؤخراً دون التأكد من صحته؟ لذلك يجب أن نراجع أنفسنا مراراً وتكراراً قبل أن نعيد نشر أي شيء مهما كان. فعندما تصلك تلك الشائعة مهما كانت مصداقيتها دعها تقف عندك حتى لو نشرها من حولك، لكن الأهم ألا تكون أنت سبباً في نشرها، لأن نشرك لها يحفز غيرك على القيام بالمثل، فبالتالي وقف نشرها يجعلك قدوة حسنة لمن حولك وهنا نعود إلى مقولة "إن أردنا تغيير شيء فلنبدأ بتغيير أنفسنا".
ما أسهل أن نرسل ما هو كفيل بإفساد صورة في المجتمع. فدعونا نرفض تحويل ما هو الآن نعمة إلى نقمة.
{{ article.visit_count }}
بقلم: مروان إبراهيم عبيد
عبر الزمن
ريتويت.. كت تويت.. ريبوست.. تعددت المسميات في عصرنا الحديث لمفهوم "إعادة النشر"، ولكن قبل أن نناقش مسميات الحاضر وأبعادها دعونا نعود إلى الزمن الماضي ففيه كنا نحتاج إلى أيام وأحياناً إلى شهور لننشر الخبر وإلى مدة أطول للتحقق من صحة هذا الخبر، ومع مرور الوقت ظهرت وسائل متعددة مثل الراديو والتلفاز، حتى وصلنا إلى عصرنا الحالي الذي نحتاج فيه لدقائق معدودة ليصبح الخبر منتشراً بين الناس في مختلف أرجاء العالم، ويلزمنا ثوانٍ معدودة للتأكد من مصداقية الخبر، فتعدد وسائل التواصل الحديثة أتاح لنا التحقق بالدليل القاطع وفي وقت قياسي جداً. ولكن رغم هذا التطور المذهل أصبحت الشائعة في الزمن الحالي أخطر من ذي قبل بسبب الترويج المرعب الذي قد تحصل عليه تلك الشائعة التي تتعدد صورها، فقد تكون سطراً عبر تويتر أو صورة في الإنستغرام أو مقطعاً قصيراً عبر السناب شات. وقد أدى هذا الزخم الفاسد الذي تحظى به الشائعة في عصرنا الحالي إلى جعل عملية إثبات زيفها معقدة في بعض الأحيان وأمر إصلاح ما أفسدته صعباً ومكلفاً.
من المسؤول؟ ولماذا؟
دعونا نسأل أنفسنا سؤالاً: من المسؤول عما تحدثه تلك الشائعة؟ هل هو من أطلقها؟ أم من قام بـ"إعادة نشرها"؟ فمع الأسف ينجرف العديد من الشباب مؤخراً وراء إعادة نشر الشائعة دون التحقق من صحتها أو مصدرها ودون التفكير ولو للحظة بعواقبها الجسيمة. ويعود ذلك في الغالب إلى سهولة الأمر، فاليوم بلمسة إصبع أو ضغطة زر تكون قد انطلقت تلك الرصاصة التي يفسح المجال لها الكثيرون لتخترق جسد الضحية، وقد يكون السبب أحياناً مجرد حقد شخصي على الضحية، ولكن ما يجمع كل هؤلاء هو تخلفهم عن قوانين ديننا الحنيف الذي جاء بنص صريح يستنكر مثل هذا الفعل في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (الحجرات، آية 6). حتى وإن صدقت هذه الشائعة، أين ذهب قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) (رواه مسلم)؟ ولم يكن تجاهلهم فقط لآداب الإسلام المشروطة فحسب بل تركوا كل عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة التي تنهى وبشدة عن تناقل فضائح الناس ومشاكلهم حقيقية كانت أو مزيفة.
الحل
إن هذه المشكلة وغيرها من المشاكل التي نواجهها في هذه الأيام حلها يكمن في أنفسنا، فقبل أن نقبل على تغيير الناس وأطباعهم علينا البدء بأنفسنا والمحيط الذي حولنا، فكم خبراً قمنا بإعادة نشره مؤخراً دون التأكد من صحته؟ لذلك يجب أن نراجع أنفسنا مراراً وتكراراً قبل أن نعيد نشر أي شيء مهما كان. فعندما تصلك تلك الشائعة مهما كانت مصداقيتها دعها تقف عندك حتى لو نشرها من حولك، لكن الأهم ألا تكون أنت سبباً في نشرها، لأن نشرك لها يحفز غيرك على القيام بالمثل، فبالتالي وقف نشرها يجعلك قدوة حسنة لمن حولك وهنا نعود إلى مقولة "إن أردنا تغيير شيء فلنبدأ بتغيير أنفسنا".
ما أسهل أن نرسل ما هو كفيل بإفساد صورة في المجتمع. فدعونا نرفض تحويل ما هو الآن نعمة إلى نقمة.